الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ أَجِيرًا فَتَصَادَقَا عَلَى الْإِجَارَةِ وَاخْتَلَفَا كَمْ هِيَ فَإِنْ كَانَ لَمْ يَعْمَلْ تَحَالَفَا وَتَرَادَّا الْإِجَارَةَ وَإِنْ كَانَ عَمِلَ تَحَالَفَا وَتَرَادَّا أَجْرَ مِثْلِهِ كَانَ أَكْثَرَ مِمَّا ادَّعَى، أَوْ أَقَلَّ مِمَّا أَقَرَّ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ إذَا أَبْطَلْتُ الْعُقْدَةَ وَزَعَمْتُ أَنَّهَا مَفْسُوخَةٌ لَمْ يَجُزْ أَنْ أَسْتَدِلَّ بِالْمَفْسُوخِ عَلَى شَيْءٍ، وَلَوْ اسْتَدْلَلْتُ بِهِ كُنْت لَمْ أُعْمِلْ الْمَفْسُوخَ وَلَا الصَّحِيحَ عَلَى شَيْءٍ
(قَالَ): وَإِذَا اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ بَيْتًا شَهْرًا يَسْكُنُهُ فَسَكَنَهُ شَهْرَيْنِ، أَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً إلَى مَكَان فَجَاوَزَ ذَلِكَ الْمَكَانَ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ يَقُولُ الْأَجْرُ فِيمَا سَمَّى وَلَا أَجْرَ لَهُ فِيمَا لَمْ يُسَمِّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ خَالَفَ وَهُوَ ضَامِنٌ حِينَ خَالَفَ وَلَا يَجْتَمِعُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ وَالْأُجْرَةُ وَبِهَذَا يَأْخُذُ، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ لَهُ الْأَجْرُ فِيمَا سَمَّى وَفِيمَا خَالَفَ إنْ سَلَّمَ وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ ذَلِكَ ضَمِنَ وَلَا نَجْعَلُ عَلَيْهِ أَجْرًا فِي الْخِلَافِ إذَا ضَمِنَهُ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا تَكَارَى الرَّجُلُ الدَّابَّةَ إلَى مَوْضِعٍ فَجَاوَزَهُ إلَى غَيْرِهِ فَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْمَوْضِعِ الَّذِي تَكَارَاهَا إلَيْهِ الْكِرَاءَ الَّذِي تَكَارَاهَا بِهِ وَعَلَيْهِ مِنْ حِينِ تَعَدَّى إلَى أَنْ رَدَّهَا كِرَاءُ مِثْلِهَا مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَإِذَا عَطِبَتْ لَزِمَهُ الْكِرَاءُ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي عَطِبَتْ فِيهِ وَقِيمَتُهَا وَهَذَا مَكْتُوبٌ فِي كِتَابِ الْإِجَارَاتِ
(قَالَ): وَإِذَا تَكَارَى الرَّجُلُ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَقُولُ هُوَ ضَامِنٌ قِيمَةَ الدَّابَّةِ بِحِسَابِ مَا زَادَ عَلَيْهَا وَعَلَيْهِ الْأَجْرُ تَامًّا إذَا كَانَتْ قَدْ بَلَغَتْ الْمَكَانَ وَبِهِ يَأْخُذُ، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: عَلَيْهِ قِيمَتُهَا تَامَّةً وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا تَكَارَى الرَّجُلُ الدَّابَّةَ عَلَى أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ مَكَايِيلَ مُسَمَّاةً فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَحَدَ عَشَرَ مِكْيَالًا فَعَطِبَتْ فَهُوَ ضَامِنٌ لِقِيمَةِ الدَّابَّةِ كُلِّهَا وَعَلَيْهِ الْكِرَاءُ، وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجْعَلُ عَلَيْهِ الضَّمَانَ بِقَدْرِ الزِّيَادَةِ كَأَنَّهُ تَكَارَاهَا عَلَى أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ مَكَايِيلَ فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَحَدَ عَشَرَ فَيُضَمِّنُهُ سَهْمًا مِنْ أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا وَيَجْعَلُ الْأَحَدَ عَشَرَ كُلَّهَا قَتَلَتْهَا، ثُمَّ يَزْعُمُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ تَكَارَاهَا مِائَةَ مِيلٍ فَتَعَدَّى بِهَا عَلَى الْمِائَةِ مِيلًا، أَوْ بَعْضَ مِيلٍ فَعَطِبَتْ ضَمِنَ الدَّابَّةَ كُلَّهَا، وَكَانَ يَنْبَغِي فِي أَصْلِ قَوْلِهِ أَنْ يَجْعَلَ الْمِائَةَ وَالزِّيَادَةَ عَلَى الْمِائَةِ قَتَلَتْهَا فَيُضَمِّنُهُ بِقَدْرِ الزِّيَادَةِ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّهُ ضَامِنٌ لِلدَّابَّةِ حِينَ تَعَدَّى بِهَا حَتَّى يَرُدَّهَا، وَلَوْ كَانَ الْكِرَاءُ مُقْبِلًا وَمُدْبِرًا فَمَاتَتْ فِي الْمِائَةِ مِيلٍ
وَإِذَا غَرِقَتْ سَفِينَةُ الْمَلَّاحِ فَغَرِقَ الَّذِي فِيهَا، وَقَدْ حَمَلَهُ بِأَجْرٍ فَغَرِقَتْ مِنْ مَدِّهِ، أَوْ مُعَالَجَتِهِ السَّفِينَةَ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَقُولُ هُوَ ضَامِنٌ وَبِهِ يَأْخُذُ، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي الْمَدِّ خَاصَّةً (قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَإِذَا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ الْفِعْلِ الَّذِي يُفْعَلُ بِمِثْلِهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ الَّذِي فَعَلَ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِذَا تَعَدَّى ذَلِكَ ضَمِنَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْمُوَفِّقُ.
بَابُ الْقِسْمَةِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ صَغِيرَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ، أَوْ شِقْصٌ قَلِيلٌ فِي دَارٍ لَا يَكُونُ بَيْتًا فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَقُولُ أَيُّهُمَا طَلَبَ الْقِسْمَةَ وَأَبَى صَاحِبُهُ قُسِمَتْ لَهُ، أَلَا تَرَى أَنَّ صَاحِبَ الْقَلِيلِ يَنْتَفِعُ بِنَصِيبِ صَاحِبِ الْكَثِيرِ وَبِهَذَا يَأْخُذُ، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ لَا يُقْسَمُ شَيْءٌ مِنْهَا
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ، أَوْ الْبَيْتُ بَيْنَ شُرَكَاءَ فَسَأَلَ أَحَدُهُمْ الْقِسْمَةَ وَلَمْ يَسْأَلْ ذَلِكَ مَنْ بَقِيَ فَإِنْ كَانَ يَصِلُ إلَيْهِ بِالْقَسْمِ شَيْءٌ يَنْتَفِعُ بِهِ وَإِنْ قَلَّتْ الْمَنْفَعَةُ قُسِمَ لَهُ وَإِنْ كُرْهٌ أَصَابَهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَصِلُ إلَيْهِ مَنْفَعَةٌ وَلَا إلَى أَحَدٍ لَمْ يُقْسَمْ لَهُ.