اجْتَهَدْنَا - يَعْنِي قَضَاءَ يَوْمٍ مَكَانَ يَوْمٍ - الْحُجَّةُ لَنَا عَلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ إنْ وَافَقْتُمُوهُمَا فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ تُخَالِفُونَهُمَا فِيمَا هُوَ مِثْلُ مَعْنَاهُ قَالَ: فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ وَمَا هَذَا الْمَوْضِعُ الَّذِي نُخَالِفُهُمَا فِي مِثْلِ مَعْنَاهُ؟ فَقَالَ: رَوَيْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ «أَمَرَ رَجُلًا جَامَعَ امْرَأَتَهُ نَهَارًا فِي رَمَضَانَ أَنْ يُعْتِقَ أَوْ يَصُومَ أَوْ يَتَصَدَّقَ» لَا يُجْزِيهِ إلَّا بَعْدَ أَنْ لَا يَجِدَ عِتْقًا وَلَا يَسْتَطِيعَ الصَّوْمَ فَقُلْتُمْ لَا يُعْتِقُ وَلَا يَصُومُ وَيَتَصَدَّقُ فَخَالَفْتُمُوهُ فِي اثْنَتَيْنِ وَوَافَقْتُمُوهُ فِي وَاحِدَةٍ ثُمَّ زَعَمْتُمْ أَنَّ مَنْ أَفْطَرَ بِغَيْرِ جِمَاعٍ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَمَنْ اسْتَقَاءَ أَوْ أَفْطَرَ وَهُوَ يَرَى أَنَّ اللَّيْلَ قَدْ جَاءَ فَلِمَ كَانَا عِنْدَكُمْ مُفْطِرَيْنِ؟ ثُمَّ زَعَمْتُمْ أَنْ لَيْسَ عَلَيْهِمَا كَفَّارَةٌ بِالْإِجْمَاعِ فَلَمْ تُحْسِنُوا الِاتِّبَاعَ وَلَا الْقِيَاسَ وَاَللَّهُ يَغْفِرُ لَنَا وَلَكُمْ.
فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ: فَكَيْفَ كَانَ يَكُونُ الْقِيَاسُ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمُجَامِعِ نَهَارًا فَقَالَ: مَا قُلْنَا أَنْ لَا يُقَاسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ غَيْرُهُ وَذَلِكَ أَنَّا لَا نَعْلَمُ أَحَدًا خَالَفَ فِي أَنْ لَا كَفَّارَةَ عَلَى مَنْ تَقَيَّأَ وَلَا مَنْ أَكَلَ بَعْدَ الْفَجْرِ وَهُوَ يَرَى الْفَجْرَ لَمْ يَطْلُعْ وَلَا قَبْلَ تَغِيبُ الشَّمْسُ وَهُوَ يَرَى أَنَّ الشَّمْسَ غَرَبَتْ وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُجْمِعَ النَّاسُ عَلَى خِلَافِ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَيْسَ يَجُوزُ فِيهِ إلَّا مَا قُلْنَا مِنْ أَنْ لَا كَفَّارَةَ إلَّا فِي الْجِمَاعِ اسْتِدْلَالًا بِمَا وَصَفْت مِنْ الْأَمْرِ الَّذِي لَا أَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا وَأَنْ أَنْظُرَ فَأَيُّ حَالٍ جَعَلْت فِيهَا الصَّائِمَ مُفْطِرًا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ جَعَلْت عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ فَأَقُولُ ذَلِكَ فِي الْمُحْتَقِنِ وَالْمُسْتَعِطِ وَالْمُزْدَرِدِ الْحَصَى وَالْمُفْطِرِ قَبْلَ تَغِيبُ الشَّمْسُ وَالْمُتَسَحِّرِ بَعْدَ الْفَجْرِ وَهُوَ يَرَى أَنَّ الْفَجْرَ لَمْ يَطْلُعْ وَالْمُسْتَقِيءِ وَغَيْرِهِ وَيَلْزَمُك فِي الْآكِلِ النَّاسِي أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ لِأَنَّك تَجْعَلُ ذَلِكَ فِطْرًا لَهُ وَأَنْتَ تَتْرُكُ الْحَدِيثَ نَفْسَهُ ثُمَّ تَدَّعِي فِيهِ الْقِيَاسَ ثُمَّ لَا تَقُومُ مِنْ الْقِيَاسِ عَلَى شَيْءٍ تَعْرِفُهُ.
بَابٌ فِي الْحَجِّ
قَالَ: سَأَلْتُ الشَّافِعِيَّ هَلْ يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ مِنْ غَيْرِ جَنَابَةٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ وَالْمَاءُ يَزِيدُهُ شَعَثًا وَقَالَ: الْحُجَّةُ فِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَسَلَ رَأْسَهُ ثُمَّ غَسَلَهُ عُمَرُ قُلْت: كَيْفَ ذَكَرَ مَالِكٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ؟ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ إلَّا مِنْ الِاحْتِلَامِ قَالَ: وَنَحْنُ وَمَالِكٌ لَا نَرَى بَأْسًا أَنْ يَغْسِلَ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ فِي غَيْرِ احْتِلَامٍ وَيُرْوَى عَنْ «النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ اغْتَسَلَ وَهُوَ مُحْرِمٌ» قُلْت فَهَكَذَا نَقُولُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا تُرِكَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعُمَرَ فَهَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ تَتْرُكُوا عَلَيْهِ لِكُلِّ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خِلَافُهُ وَإِذَا وُجِدَ فِي الرِّوَايَةِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَا يُخَالِفُ مَا يُرْوَى عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعُمَرَ فَيَنْبَغِي فِي مَرَّةٍ أُخْرَى أَنْ لَا تُنْكِرُوا أَنْ يَذْهَبَ عَلَى ابْنِ عُمَرَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُنَّةٌ وَقَدْ يَذْهَبُ عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ السُّنَنُ وَلَوْ عَلِمَهَا مَا خَالَفَهَا وَلَا رَغِبَ عَنْهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ فَلَا تَغْفُلْ فِي الْعِلْمِ وَتَخْتَلِفْ أَقَاوِيلُك فِيهِ بِلَا حُجَّةٍ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَكْرَهُ لُبْسَ الْمِنْطَقَةِ لِلْمُحْرِمِ فَقُلْت: لِلشَّافِعِيِّ: فَإِنَّهُ يُخَالِفُ ابْنَ عُمَرَ وَيَقُولُ بِقَوْلِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إنَّ مَنْ اسْتَجَازَ خِلَافَ ابْنِ عُمَرَ وَلَمْ يُرْوَ خِلَافُهُ إلَّا عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ حَقِيقٌ أَنْ لَا يُخَالِفَ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} بَعِيرٌ أَوْ بَقَرَةٌ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَنَحْنُ وَأَنْتَ نَقُولُ: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} شَاةٌ وَيَرْوِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَإِذَا جَازَ لَنَا أَنْ نَتْرُكَ عَلَى ابْنِ عُمَرَ لِابْنِ عَبَّاسٍ كَانَ التَّرْكُ عَلَيْهِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاجِبًا.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ كَانَ إذَا أَفْطَرَ مِنْ رَمَضَانَ وَهُوَ يُرِيدُ الْحَجَّ لَمْ يَأْخُذْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute