للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِنَفْسِهِ وَيَذْهَبُ بِنَفْسِهِ فَأَمَّا مَا لَا عَقْلَ لَهُ، وَلَا رُوحَ فِيهِ مِمَّا يَضْبِطُهُ الرِّبَاطُ مِثْلَ زِقِّ زَيْتٍ وَرَاوِيَةِ مَاءٍ فَحَلَّهَا الرَّجُلُ فَتَدَفَّقَ الزَّيْتُ فَهُوَ ضَامِنٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ حَلَّ الزَّيْتَ، وَهُوَ مُسْتَنِدٌ قَائِمٌ فَكَانَ الْحِلُّ لَا يُدَفِّقُهُ فَثَبَتَ قَائِمًا ثُمَّ سَقَطَ بَعْدُ فَإِنْ طَرَحَهُ إنْسَانٌ فَطَارِحُهُ ضَامِنٌ لِمَا ذَهَبَ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَطْرَحْهُ إنْسَانٌ لَمْ يَضْمَنْهُ الْحَالُّ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الزَّيْتَ إنَّمَا ذَهَبَ بِالطَّرْحِ دُونَ الْحَلِّ وَأَنَّ الْحَلَّ قَدْ كَانَ، وَلَا جِنَايَةَ فِيهِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا جَعْلَ لِأَحَدٍ جَاءَ بِآبِقٍ، وَلَا ضَالَّةٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ جُعِلَ لَهُ فِيهِ فَيَكُونُ لَهُ مَا جُعِلَ لَهُ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مَنْ يُعْرَفُ بِطَلَبِ الضَّوَالِّ وَمَنْ لَا يُعْرَفُ بِهِ وَمَنْ قَالَ: لِأَجْنَبِيٍّ إنْ جِئْتَنِي بِعَبْدِي الْآبِقِ فَلَكَ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ ثُمَّ قَالَ: لِآخَرَ إنْ جِئْتَنِي بِعَبْدِي الْآبِقِ فَلَكَ عِشْرُونَ دِينَارًا ثُمَّ جَاءَا بِهِ جَمِيعًا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ جَعْلِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَخَذَ نِصْفَ مَا جُعِلَ عَلَيْهِ كُلُّهُ كَانَ صَاحِبُ الْعَشَرَةِ قَدْ سَمِعَ قَوْلَهُ لِصَاحِبِ الْعِشْرِينَ، أَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لِثَلَاثَةٍ فَقَالَ لِأَحَدِهِمْ: إنْ جِئْتنِي بِهِ فَلَكَ كَذَا وَلِآخَرَ وَلِآخَرَ فَجَعَلَ أَجْعَالًا مُخْتَلِفَةً ثُمَّ جَاءُوا بِهِ جَمِيعًا فَلِكُلِّ أَحَدٍ مِنْهُمْ ثُلُثُ جَعْلِهِ.

، وَفِي اخْتِلَافِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ اللُّقَطَةَ.

(قَالَ: الرَّبِيعُ) سَأَلْت الشَّافِعِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَمَّنْ وَجَدَ لُقَطَةً قَالَ: يُعَرِّفُهَا سَنَةً ثُمَّ يَأْكُلُهَا إنْ شَاءَ مُوسِرًا كَانَ، أَوْ مُعْسِرًا، فَإِذَا جَاءَ صَاحِبُهَا ضَمِنَهَا لَهُ فَقُلْت: لَهُ وَمَا الْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ: السُّنَّةُ الثَّابِتَةُ وَرَوَى هَذَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ وَأَمَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَكْلِهَا وَأُبَيُّ مِنْ مَيَاسِيرِ النَّاسِ يَوْمَئِذٍ وَقَبْلُ وَبَعْد (أَخْبَرَنَا) مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَأَلَهُ عَنْ اللُّقَطَةِ فَقَالَ: اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا ثُمَّ عَرِّفْهَا فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فَشَأْنُك بِهَا».

(أَخْبَرَنَا) مَالِكٌ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَدْرٍ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ نَزَلَ مَنْزِلَ قَوْمٍ بِطَرِيقِ الشَّامِ فَوَجَدَ صُرَّةً فِيهَا ثَمَانُونَ دِينَارًا فَذَكَرَ ذَلِكَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ: لَهُ عُمَرُ عَرِّفْهَا عَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ وَاذْكُرْهَا لِمَنْ يَقْدُمُ مِنْ الشَّامِ سَنَةً، فَإِذَا مَضَتْ السَّنَةُ فَشَأْنُك بِهَا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَرَوَيْتُمْ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ أَبَاحَ بَعْدَ سَنَةٍ أَكْلَ اللُّقَطَةِ ثُمَّ خَالَفْتُمْ ذَلِكَ فَقُلْتُمْ يُكْرَهُ أَكْلُ اللُّقَطَةِ لِلْغَنِيِّ وَالْمِسْكَيْنِ.

(أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ) قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ لُقَطَةً فَجَاءَ إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَقَالَ: إنِّي وَجَدْتُ لُقَطَةً فَمَاذَا تَرَى؟ فَقَالَ: لَهُ ابْنُ عُمَرَ عَرِّفْهَا، قَالَ: قَدْ فَعَلْت، قَالَ فَزِدْ قَالَ: فَعَلْت قَالَ: لَا آمُرُك أَنْ تَأْكُلَهَا، وَلَوْ شِئْت لَمْ تَأْخُذْهَا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَابْنُ عُمَرَ لَمْ يُوَقِّتْ فِي التَّعْرِيفِ وَقْتًا وَأَنْتُمْ تُوَقِّتُونَ فِي التَّعْرِيفِ سَنَةً وَابْنُ عُمَرَ كَرِهَ لِلَّذِي وَجَدَ اللُّقَطَةَ أَكْلَهَا غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا وَأَنْتُمْ لَيْسَ هَكَذَا تَقُولُونَ وَابْنُ عُمَرَ يَكْرَهُ لَهُ أَخْذَهَا وَابْنُ عُمَرَ كَرِهَ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا وَأَنْتُمْ لَا تَكْرَهُونَ لَهُ أَخْذَهَا بَلْ تَسْتَحِبُّونَهُ وَتَقُولُونَ: لَوْ تَرَكَهَا ضَاعَتْ.

وَتَرْجَمَ فِي كِتَابِ اخْتِلَافِ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - اللُّقَطَةَ

(أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ) قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ دَخَلَ عَلَيَّ ابْنُ قَيْسٍ قَالَ: سَمِعْت هُزَيْلًا يَقُولُ رَأَيْت عَبْدَ اللَّهِ أَتَاهُ رَجُلٌ بِصُرَّةٍ مَخْتُومَةٍ فَقَالَ: عَرَّفْتُهَا، وَلَمْ أَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهَا قَالَ: اسْتَمْتِعْ بِهَا، وَهَذَا قَوْلُنَا إذَا عَرَّفَهَا سَنَةً فَلَمْ يَجِدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>