للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِهَذِهِ الدَّابَّةِ أَوْ لِهَذِهِ الدَّارِ عَلَى كَذَا لَمْ أُلْزِمْهُ شَيْئًا مِمَّا أَقَرَّ بِهِ؛ لِأَنَّ الْبَهَائِمَ وَالْحِجَارَةَ لَا تَمْلِكُ شَيْئًا بِحَالٍ، وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ بِسَبَبِ هَذَا الْبَعِيرِ أَوْ سَبَبِ هَذِهِ الدَّابَّةِ أَوْ سَبَبِ هَذِهِ الدَّارِ كَذَا وَكَذَا لَمْ أُلْزِمْهُ إقْرَارَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ عَلَيْهِ بِسَبَبِهَا شَيْءٌ إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ، وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ عَلَيَّ بِسَبَبِهَا أَنْ أَحَالَتْ عَلَيَّ أَوْ حَمَلَتْ عَنِّي أَوْ حَمَلَتْ عَنْهَا وَهِيَ لَا تُحِيلُ عَلَيْهِ، وَلَا يَحْمِلُ عَنْهَا بِحَالٍ، وَلَوْ وَصَلَ الْكَلَامُ فَقَالَ عَلَيَّ بِسَبَبِهَا أَنِّي جَنَيْت فِيهَا جِنَايَةً أَلْزَمَتْنِي كَذَا وَكَذَا كَانَ ذَلِكَ إقْرَارًا لِمَالِكِهَا لَازِمًا لِلْمُقِرِّ. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لِسَيِّدِهَا عَلَيَّ بِسَبَبِهَا كَذَا وَكَذَا أَلْزَمْته ذَلِكَ، وَلَوْ لَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا؛ لِأَنَّهُ نَسَبَ الْإِقْرَارَ لِلسَّيِّدِ، وَأَنَّهُ قَدْ يَلْزَمُهُ بِسَبَبِهَا شَيْءٌ بِحَالٍ فَلَا أُبْطِلُهُ عَنْهُ وَأُلْزِمُهُ بِحَالٍ وَلَوْ قَالَ لِسَيِّدِ هَذِهِ النَّاقَةِ عَلَيَّ بِسَبَبِ مَا فِي بَطْنِهَا كَذَا لَمْ أُلْزِمْهُ إيَّاهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ عَلَيْهِ بِسَبَبِ مَا فِي بَطْنِهَا شَيْءٌ أَبَدًا؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ حَمْلًا فَلَمْ يَجْنِ عَلَيْهِ جِنَايَةً لَهَا حُكْمٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْقُطْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَمْلٌ كَانَ أَبْعَدَ مِنْ أَنْ يَلْزَمَهُ شَيْءٌ بِسَبَبِ مَا لَا يَكُونُ بِسَبَبِ غُرْمٍ أَبَدًا.

الْإِقْرَارُ لِمَا فِي الْبَطْنِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ هَذَا الشَّيْءُ يَصِفُهُ فِي يَدِهِ عَبْدٌ أَوْ دَارٌ أَوْ عَرْضٌ مِنْ الْعُرُوضِ أَوْ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَوْ كَذَا وَكَذَا مِكْيَالًا حِنْطَةً لِمَا فِي بَطْنِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ لِامْرَأَةٍ حُرَّةٍ أَوْ أُمِّ وَلَدٍ لِرَجُلٍ وَلَدُهَا حُرٌّ فَأَبُو الْحَمْلِ أَوْ وَلِيُّهُ الْخَصْمُ فِي ذَلِكَ؛ وَإِنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ لِمَا فِي بَطْنِ أَمَةٍ لِرَجُلٍ فَمَالِكُ الْجَارِيَةِ الْخَصْمُ فِي ذَلِكَ. فَإِذَا لَمْ يَصِلْ الْمُقِرُّ إقْرَارَهُ بِشَيْءٍ فَإِقْرَارُهُ لَازِمٌ لَهُ إنْ وَلَدَتْ الْمَرْأَةُ وَلَدًا حَيًّا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بِشَيْءٍ مَا كَانَ، فَإِنْ وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ ذَكَرًا وَأُنْثَى أَوْ ذَكَرَيْنِ أَوْ أُنْثَيَيْنِ فَمَا أَقَرَّ بِهِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، فَإِنْ وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ حَيًّا وَمَيِّتًا أَقَرَّ بِهِ كُلِّهِ لِلْحَيِّ مِنْهُمَا فَإِنْ وَلَدَتْ وَلَدًا أَوْ وَلَدَيْنِ مَيِّتَيْنِ سَقَطَ الْإِقْرَارُ عَنْهُ.

وَهَكَذَا إنْ وَلَدَتْ وَلَدًا حَيًّا أَوْ اثْنَيْنِ لِكَمَالِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ أَقَرَّ سَقَطَ الْإِقْرَارُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَحْدُثُ بَعْدَ إقْرَارِهِ فَلَا يَكُونُ أَقَرَّ بِشَيْءٍ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنَّمَا أُجِيزُ الْإِقْرَارَ إذَا عَلِمْت أَنَّهُ وَقَعَ لِبَشَرٍ قَدْ خُلِقَ وَإِذَا أَقَرَّ لِلْحَمْلِ فَوَلَدَتْ الَّتِي أَقَرَّ لِحَمْلِهَا وَلَدَيْنِ فِي بَطْنٍ، أَحَدُهُمَا قَبْلَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَالْآخَرُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَالْإِقْرَارُ جَائِزٌ لَهُمَا مَعًا؛ لِأَنَّهُمَا حَمْلٌ وَاحِدٌ قَدْ خَرَجَ بَعْضُهُ قَبْلَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَحُكْمُ الْخَارِجِ بَعْدَهُ حُكْمُهُ فَإِذَا أَقَرَّ لِمَا فِي بَطْنِ امْرَأَةٍ فَضَرَبَ رَجُلٌ بَطْنَهَا فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا سَقَطَ الْإِقْرَارُ، وَإِنْ أَلْقَتْهُ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فَإِنْ كَانَتْ أَلْقَتْهُ بِمَا يُعْلَمُ أَنَّهُ خُلِقَ قَبْلَ الْإِقْرَارِ ثَبَتَ الْإِقْرَارُ وَإِنْ أَشْكَلَ أَوْ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يُخْلَقَ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ الْإِقْرَارُ سَقَطَ الْإِقْرَارُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنَّمَا أَجَزْتُ الْإِقْرَارَ لِمَا فِي بَطْنِ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ مَا فِي بَطْنِهَا يُمْلَكُ بِالْوَصِيَّةِ فَلَمَّا كَانَ يُمْلَكُ بِحَالٍ لَمْ أُبْطِلْ الْإِقْرَارَ لَهُ حَتَّى يُضِيفَ الْإِقْرَارَ إلَى مَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُمْلَكَ بِهِ مَا فِي بَطْنِ الْمَرْأَةِ وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ أَسْلِفْنِي مَا فِي بَطْنِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ أَلْفَ دِرْهَمٍ أَوْ حَمِّلْ عَنِّي مَا فِي بَطْنِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَغُرْمُهَا أَوْ مَا فِي هَذَا الْمَعْنَى مِمَّا لَا يَكُونُ لِمَا فِي بَطْنِ الْمَرْأَةِ بِحَالٍ. قَالَ: وَلَكِنَّهُ لَوْ قَالَ لِمَا فِي بَطْنِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ عِنْدِي هَذَا الْعَبْدُ أَوْ أَلْفُ دِرْهَمٍ غَصَبْته إيَّاهَا لَزِمَهُ الْإِقْرَارُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُوصِي لَهُ بِمَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ فَيَغْصِبُهُ إيَّاهُ؛ وَمِثْلُ هَذَا أَنْ يَقُولَ ظَلَمْته إيَّاهُ وَمِثْلُهُ أَنْ يَقُولَ اسْتَسْلَفْته؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُوصِي إلَيْهِ لِمَا فِي بَطْنِ الْمَرْأَةِ بِشَيْءٍ يَسْتَسْلِفُهُ. وَهَكَذَا لَوْ قَالَ اسْتَهْلَكْته عَلَيْهِ أَوْ أَهْلَكْته لَهُ، وَلَيْسَ هَذَا كَمَا يَقُولُ أَسْلِفْنِيهِ مَا فِي بَطْنِهَا؛ لِأَنَّ مَا فِي بَطْنِهَا لَا يُسَلِّفُ شَيْئًا، وَلَوْ قَالَ لِمَا فِي بَطْنِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ عِنْدِي أَلْفٌ أَوْصَى لَهُ بِهَا أَبِي كَانَتْ لَهُ عِنْدَهُ، فَإِنْ بَطَلَتْ وَصِيَّةُ الْحَمْلِ بِأَنْ يُولَدَ مَيِّتًا كَانَتْ الْأَلْفُ دِرْهَمٍ لِوَرَثَةِ أَبِيهِ.

وَلَوْ قَالَ أَوْصَى لَهُ بِهَا فُلَانٌ إلَيَّ فَبَطَلَتْ وَصِيَّتُهُ كَانَتْ الْأَلْفُ لِوَرَثَةِ الَّذِي أَقَرَّ أَنَّهُ أَوْصَى بِهَا لَهُ، وَلَوْ قَالَ لِمَا فِي بَطْنِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ عِنْدِي أَلْفُ دِرْهَمٍ أَسْلَفَنِيهَا أَبُوهُ أَوْ غَصَبْتهَا أَبَاهُ كَانَ الْإِقْرَارُ لِأَبِيهِ فَإِنْ كَانَ أَبُوهُ مَيِّتًا فَهِيَ مَوْرُوثَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>