لِأَهْلِ بَلَدٍ قُوتٌ مِنْ طَعَامٍ سِوَى اللَّحْمِ أَدَّوْا مُدًّا مِمَّا يَقْتَاتُ أَقْرَبُ الْبُلْدَانِ إلَيْهِمْ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَيُعْطِي الْكَفَّارَاتِ وَالزَّكَاةَ كُلَّ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ مِنْ قَرَابَتِهِ وَهُمْ مَنْ عَدَا الْوَالِدِ، وَالْوَلَدِ وَالزَّوْجَةِ إذَا كَانُوا أَهْلَ حَاجَةٍ فَهُمْ أَحَقُّ بِهَا مِنْ غَيْرِهِمْ وَإِنْ كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ مُتَطَوِّعًا أَعْطَاهُمْ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَيْسَ لَهُ إذَا كَفَّرَ بِإِطْعَامٍ أَنْ يُطْعِمَ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ، وَإِنْ أَطْعَمَ تِسْعَةً وَكَسَا وَاحِدًا كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُطْعِمَ عَاشِرًا، أَوْ يَكْسُوَ تِسْعَةً؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا جُعِلَ لَهُ أَنْ يُطْعِمَ عَشَرَةً، أَوْ يَكْسُوَهُمْ وَهُوَ لَا يُجْزِئُهُ أَنْ يَكْسُوَ تِسْعَةً وَيُطْعِمَ وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا أَطْعَمَ عَشَرَةً وَلَا كَسَاهُمْ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا كَانَتْ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَيْمَانٍ مُخْتَلِفَةٍ فَحَنِثَ فِيهَا فَأَعْتَقَ وَأَطْعَمَ وَكَسَا يَنْوِي الْكَفَّارَةَ وَلَا يَنْوِي عَنْ أَيُّهَا الْعِتْقَ وَلَا عَنْ أَيُّهَا الْإِطْعَامَ وَلَا عَنْ أَيُّهَا الْكِسْوَةَ أَجْزَأَهُ بِنِيَّةِ الْكَفَّارَةِ وَأَيَّهَا شَاءَ أَنْ يَكُونَ عِتْقًا، أَوْ إطْعَامًا، أَوْ كِسْوَةً كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ فَالنِّيَّةُ الْأُولَى تَجْزِيهِ فَإِنْ أَعْتَقَ وَكَسَا وَأَطْعَمَ وَلَمْ يَسْتَكْمِلْ الْإِطْعَامَ أَكْمَلَهُ وَنَوَاهُ عَنْ أَيِّ الْكَفَّارَاتِ شَاءَ، وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَكَسَا وَأَعْتَقَ وَأَطْعَمَ وَلَمْ يَنْوِ الْكَفَّارَةَ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَنْوِيَ كَفَّارَةً لَمْ تَكُنْ كَفَّارَةً لَا تُجْزِئُهُ حَتَّى يُقَدِّمَ النِّيَّةَ قَبْلَ الْكَفَّارَةِ، أَوْ تَكُونَ مَعَهَا وَأَمَّا مَا كَانَ عَمِلَهُ قَبْلَ النِّيَّةِ فَهُوَ تَطَوُّعٌ لَا يَجْزِيهِ مِنْ الْكَفَّارَةِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا أَمَرَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْهُ مِنْ مَالِ الْمَأْمُورِ، أَوْ اسْتَأْذَنَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْهُ مِنْ مَالِهِ فَأَذِنَ لَهُ أَجْزَأَتْ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ وَهَذِهِ هِبَةٌ مَقْبُوضَةٌ؛ لِأَنَّ دَفْعَهُ إيَّاهَا إلَى الْمَسَاكِينِ بِأَمْرِهِ كَقَبْضِ وَكِيلِهِ لِهِبَةٍ وَهَبَهَا لَهُ، وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ أَعْتِقْ عَنِّي فَهِيَ هِبَةٌ فَإِعْتَاقُهُ عَنْهُ كَقَبْضِهِ مَا وَهَبَ لَهُ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ مَلَكَهُ قَبْلَ الْعِتْقِ، وَكَانَ الْعِتْقُ مِثْلَ الْقَبْضِ كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ فَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى أَعْتَقَهُ كَانَ الْعِتْقُ مِثْلَ الْقَبْضِ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا تَطَوَّعَ فَكَفَّرَ عَنْ رَجُلٍ بِإِطْعَامٍ، أَوْ كِسْوَةٍ، أَوْ عِتْقٍ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ فِي ذَلِكَ أَمْرٌ مِنْ الْحَالِفِ لَمْ يَجْزِ عَنْهُ، وَكَانَ الْعِتْقُ عَنْ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُعْتِقُ لِمَا يَمْلِكُ مَا لَمْ يَهَبْ لِغَيْرِهِ فَيَقْبَلَهُ، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ يَعْتِقُ عَنْ أَبَوَيْهِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَالْوَلَاءُ لَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِوَصِيَّةٍ مِنْهُمَا وَلَا شَيْءَ مِنْ أَمْوَالِهِمَا، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا صَامَ عَنْ رَجُلٍ بِأَمْرِهِ لَمْ يَجْزِهِ الصَّوْمُ عَنْهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَعْمَلُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ عَمَلَ الْأَبْدَانِ؛ لِأَنَّ الْأَبْدَانَ تَعَبَّدَتْ بِعَمَلٍ فَلَا يَجْزِي عَنْهَا أَنْ يَعْمَلَ غَيْرُهَا لَيْسَ الْحَجُّ، وَالْعُمْرَةُ بِالْخَبَرِ الَّذِي جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِأَنَّ فِيهِمَا نَفَقَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ فَرَضَهُمَا عَلَى مَنْ وَجَدَ إلَيْهِمَا السَّبِيلَ وَالسَّبِيلُ بِالْمَالِ.
مَنْ لَا يُطْعَمُ مِنْ الْكَفَّارَاتِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): لَا يُجْزِئُ أَنْ يُطْعِمَ فِي كَفَّارَاتِ الْأَيْمَانِ إلَّا حُرًّا مُسْلِمًا مُحْتَاجًا فَإِنْ أَطْعَمَ مِنْهَا ذِمِّيًّا مُحْتَاجًا، أَوْ حُرًّا مُسْلِمًا غَيْرَ مُحْتَاجٍ أَوْ عَبْدَ رَجُلٍ مُحْتَاجٍ لَمْ يَجْزِهِ ذَلِكَ، وَكَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ مَنْ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا وَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ وَهَكَذَا لَوْ أَطْعَمَ غَنِيًّا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، ثُمَّ عَلِمَ غِنَاهُ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ، وَهَكَذَا لَوْ أَطْعَمَ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، ثُمَّ عَلِمَ أَعَادَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَمَنْ كَانَ لَهُ مَسْكَنٌ لَا يَسْتَغْنِي عَنْهُ هُوَ وَأَهْلُهُ وَخَادِمٌ أُعْطِيَ مِنْ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَالصَّدَقَةِ وَالزَّكَاةِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ مَسْكَنٌ يَفْضُلُ عَنْ حَاجَتِهِ وَحَاجَةِ أَهْلِهِ الْفَضْلَ الَّذِي يَكُونُ بِمِثْلِهِ غَنِيًّا لَمْ يُعْطَ.
مَا يَجْزِي مِنْ الْكِسْوَةِ فِي الْكَفَّارَاتِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَأَقَلُّ مَا يَكْفِي مِنْ الْكِسْوَةِ كُلُّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ كِسْوَةٍ مِنْ عِمَامَةٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute