للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ) وَجِمَاعُ هَذَا أَنْ يَنْظُرَ إلَى كُلِّ كَلَامٍ يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ بِلَا خُلْعٍ فَنُوقِعَهُ بِهِ فِي الْخُلْعِ وَكُلُّ مَا لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ بِحَالٍ عَلَى الِابْتِدَاءِ يُوقَعُ بِهِ خُلْعٌ فَلَا نُوقِعُ بِهِ خُلْعًا حَتَّى يَنْوِيَ بِهِ الطَّلَاقَ وَإِذَا لَمْ يَقَعْ بِهِ طَلَاقٌ فَمَا أَخَذَ الزَّوْجُ مِنْ الْمَرْأَةِ مَرْدُودٌ عَلَيْهَا (قَالَ): فَإِنْ نَوَى بِالْخُلْعِ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَهُوَ مَا نَوَى (قَالَ): وَكَذَلِكَ إنْ سَمَّى عَدَدًا مِنْ الطَّلَاقِ فَهُوَ مَا سَمَّى وَقَدْ رُوِيَ نَحْوٌ مِنْ هَذَا عَنْ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (قَالَ الشَّافِعِيُّ) أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ طَهْمَانَ مَوْلَى الأسلميين عَنْ أُمِّ بَكْرَةَ الْأَسْلَمِيَّةِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَهَذَا كَمَا رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنْ لَمْ يُسَمَّ بِالْخُلْعِ تَطْلِيقَةً لِأَنَّهُ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ وَلَوْ سَمَّى أَكْثَرَ مِنْ تَطْلِيقَةٍ فَهُوَ مَا سَمَّى

(قَالَ): وَالْمُخْتَلِعَةُ مُطَلَّقَةٌ فَعِدَّتُهَا عِدَّتُهَا وَلَهَا السُّكْنَى وَلَا نَفَقَةَ لَهَا لِأَنَّ زَوْجَهَا لَا يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ

(قَالَ): وَإِذَا خَالَعَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا فِي الْعِدَّةِ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِزَوْجَةٍ وَلَا فِي مَعَانِي الْأَزْوَاجِ بِحَالٍ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ وَلَا تَحِلَّ لَهُ إلَّا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ كَمَا كَانَتْ قَبْلَ أَنْ يَنْكِحَهَا وَكَذَلِكَ لَوْ آلَى مِنْهَا أَوْ تَظَاهَرَ أَوْ قَذَفَهَا لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ إيلَاءٌ وَلَا ظِهَارٌ وَلَا لِعَانٌ إنْ لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ وَلَوْ مَاتَتْ أَوْ مَاتَ لَمْ يَتَوَارَثَا (قَالَ): وَإِنَّمَا قُلْت هَذَا بِدَلَالَةِ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَكَمَ بِهَذِهِ الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ مِنْ الْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ وَاللِّعَانِ وَالطَّلَاقِ وَالْمِيرَاثِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، فَلَمَّا عَقَلْنَا عَنْ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّ هَذَيْنِ غَيْرُ زَوْجَيْنِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهَا طَلَاقُهُ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَهَلْ فِيهِ مِنْ أَثَرٍ؟ فَأَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ خَالَعَهَا ثُمَّ أَخَذَ مِنْهَا شَيْئًا عَلَى أَنْ طَلَّقَهَا ثَانِيَةً أَوْ ثَالِثَةً لَمْ يَلْزَمْهَا الطَّلَاقُ وَكَانَ الْخُلْعُ عَلَيْهَا مَرْدُودًا لِأَنَّهُ أَخَذَهُ عَلَى مَا لَا يَلْزَمُهُ لَهَا (قَالَ): وَإِذَا جَازَ مَا أَخَذَ مِنْ الْمَالِ عَلَى الْخُلْعِ وَالطَّلَاقُ فِيهِ وَاقِعٌ فَلَا يَمْلِكُ الزَّوْجُ فِيهِ الرَّجْعَةَ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} وَلَا تَكُونُ مُفْتَدِيَةً وَلَهُ عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ وَلَا يَمْلِكُ الْمَالَ وَهُوَ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ لِأَنَّ مَنْ مَلَكَ شَيْئًا بِعِوَضٍ أَعْطَاهُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ يَمْلِكُ مَا خَرَجَ مِنْهُ وَأَخَذَ الْمَالَ عَلَيْهِ

(قَالَ): وَلَوْ خَالَعَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا بِأَلْفٍ وَدَفَعَتْهَا إلَيْهِ ثُمَّ أَقَامَتْ بَيِّنَةً أَوْ أَقَرَّ أَنَّ نِكَاحَهَا كَانَ فَاسِدًا أَوْ أَنَّهُ قَدْ كَانَ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ الْخُلْعِ أَوْ تَطْلِيقَةً لَمْ يَبْقَ لَهُ عَلَيْهَا غَيْرُهَا أَوْ خَالَعَهَا وَلَمْ يُجَدِّدْ لَهَا نِكَاحًا رَجَعَتْ عَلَيْهِ فِي كُلِّ هَذَا بِمَا أَخَذَ مِنْهَا (قَالَ): وَهَكَذَا لَوْ خَالَعَتْهُ ثُمَّ وَجَدَ نِكَاحَهَا فَاسِدًا كَانَ الْخُلْعُ بَاطِلًا وَتَرْجِعُ بِمَا أَخَذَ مِنْهَا وَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا.

مَا يَجُوزُ خُلْعُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): جِمَاعُ مَعْرِفَةِ مَا يَجُوزُ خُلْعُهُ مَا النِّسَاءِ أَنْ يَنْظُرَ إلَى كُلِّ مَنْ جَازَ أَمْرُهُ فِي مَالِهِ فَنُجِيزُ خُلْعَهُ وَمَنْ لَمْ يَجُزْ أَمْرُهُ فِي مَالِهِ فَنَرُدُّ خُلْعَهُ، فَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ صَبِيَّةً لَمْ تَبْلُغْ أَوْ بَالِغًا لَيْسَتْ بِرَشِيدَةٍ أَوْ مَحْجُورًا عَلَيْهَا أَوْ مَغْلُوبَةً عَلَى عَقْلِهَا فَاخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا بِشَيْءٍ قَلَّ أَوْ كَثُرَ فَكُلُّ مَا أَخَذَ مِنْهَا مَرْدُودٌ عَلَيْهَا وَمَا طَلَّقَهَا عَلَى مَا أَخَذَ مِنْهَا وَاقِعٌ عَلَيْهَا وَهَذَا يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ فَإِذَا بَطَلَ مَا أَخَذَ مَلَكَ الرَّجْعَةَ فِي الطَّلَاقِ الَّذِي وَقَعَ بِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ تَطْلِيقَةً لَمْ يَكُنْ بَقِيَ لَهُ عَلَيْهَا غَيْرُهَا

(قَالَ): وَهَكَذَا إنْ خَالَعَ عَنْهَا وَلِيُّهَا بِأَمْرِهَا مِنْ مَالِهَا كَانَ أَوْ غَيْرُهُ فَالْمَالُ مَرْدُودٌ وَلَيْسَ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يُخَالِعَ عَنْهَا مِنْ مَالِهَا فَإِنْ فَعَلَ فَالطَّلَاقُ وَاقِعٌ وَالْخُلْعُ مَرْدُودٌ عَلَيْهَا وَلَوْ خَالَعَ عَنْهَا وَهِيَ صَبِيَّةٌ بِأَنْ أَبْرَأَ زَوْجَهَا مِنْ مَهْرِهَا أَوْ دَيْنٍ لَهَا عَلَيْهِ أَوْ أَعْطَاهُ شَيْئًا مِنْ مَالِهَا كَانَ الطَّلَاقُ الَّذِي وَقَعَ بِالْمَالِ وَاقِعًا عَلَيْهَا وَكَانَ مَالُهَا الَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>