للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا لَيْسَ لَك وَلَا لِأَحَدٍ مَعَ إنَّا وَإِيَّاكَ لَا نَخْتَلِفُ فِي أَنَّ الْوَلَاءَ نَسَبٌ مِنْ الْأَنْسَابِ لَا يَزُولُ قَالَ: أَجَلْ قُلْت أَفَرَأَيْت رَجُلًا لَا أَبَ لَهُ وَلَا وَلَاءَ أَلَهُ أَنْ يَنْتَسِبَ إلَى رَجُلٍ بِتَرَاضٍ مِنْهُمَا قَالَ لَا يَجُوزُ النَّسَبُ إلَّا بِفِرَاشٍ أَوْ فِي مَعْنَى فِرَاشٍ مِنْ الشَّبَهِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِرَاشٌ وَلَا مَعْنَى فِرَاشٍ وَذُكِرَا أَنَّهُمَا يَتَرَاضَيَانِ بِالنَّسَبِ فَلَا نَسَبَ. قُلْت وَكَذَلِكَ لَوْ أَرَادَ رَجُلٌ أَنْ يَنْفِيَ مِنْ وَلَدِ فِرَاشِهِ وَرَضِيَ بِذَلِكَ الْمَنْفِيُّ قَالَ لَا يَكُونُ ذَلِكَ لَهُمَا قُلْت وَذَلِكَ أَنَّ إثْبَاتَ النَّسَبِ مِنْ الْفِرَاشِ وَنَفْيَهُ مِنْ الْفِرَاشِ لِلنَّافِي وَلِلْمَنْفِيِّ وَغَيْرِهِمَا سِيَّانِ فَيَكُونُ لِلْوَلَدِ الْمَنْفِيِّ وَلِعَشِيرَتِهِ فِيهِ حَقٌّ لِأَنَّهُمْ يَرِثُونَهُ وَيَعْقِلُونَ عَنْهُ وَيَعْقِلُ عَنْهُمْ وَلَوْ جَازَ إقْرَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ عَلَى غَيْرِهِ مِمَّنْ لَهُ حَقٌّ فِي مِيرَاثِهِ وَعَقْلِهِ.

قَالَ: نَعَمْ قُلْت أَفَكَذَلِكَ تَجِدُ الْمَوْلَى الْمُعْتِقُ؟ قَالَ سَوَاءٌ قُلْت فَكَيْفَ لَمْ تَقُلْ هَذَا فِي الْمَوْلَى الْمُوَالِي فَلَا تُثْبِتُهُ إلَّا بِمَا يَثْبُتُ لَهُ بِهِ الْحَقُّ عَشِيرَتُهُ مِمَّنْ وَالَاهُ أَنْ يَعْقِلُوا عَنْهُ وَكَمَا لَمْ يَزُلْ عَنْهُمْ وَلَاءُ الْمُعْتَقِ أَوْ يَثْبُتُ لَهُمْ عَلَيْهِ مِيرَاثٌ فَلَا تُعْطِيهِمْ وَلَا تَمْنَعُ مِنْهُمْ إلَّا بِأَمْرٍ ثَابِتٍ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ حُكْمًا عَلَيْهِمْ وَعَلَى غَيْرِهِمْ مِمَّنْ كَانَ وَلَمْ يَكُنْ وَلَهُمْ وَلِغَيْرِهِمْ مِمَّنْ كَانَ وَلَمْ يَكُنْ. قَالَ وَذَكَرْت لَهُ غَيْرَ هَذَا مِمَّا فِي هَذَا كِفَايَةٌ عَنْهُ قَالَ فَإِنَّ مِنْ أَصْحَابِك مَنْ وَافَقَك فِي الَّذِي خَالَفْنَاك فِيهِ مِنْ اللَّقِيطِ وَالْمَوَالِي وَقَالَ فِيهِ قَوْلُك وَخَالَفَك فِي الَّذِي وَافَقْنَاك فِيهِ مِنْ السَّائِبَةِ وَالذِّمِّيِّ يُعْتِقُ الْمُسْلِمَ قُلْت أَجَلْ وَحُجَّتُنَا عَلَيْهِ كَهِيَ عَلَيْك أَوْ أَوْضَحُ لِأَنَّك قَدْ ذَهَبْت إلَى شُبْهَةٍ لَا يَعْذُرُك بِهَا أَهْلُ الْعِلْمِ وَيَعْذُرُك بِهَا الْجَاهِلُ وَهُمْ لَمْ يَذْهَبُوا إلَى شُبْهَةٍ يَعْذُرُ بِهَا جَاهِلٌ وَلَا عَالِمٌ وَمُوَافَقَتُك حَيْثُ وَافَقْتنَا حُجَّةٌ عَلَيْك وَمُوَافَقَتُهُمْ حَيْثُ وَافَقُونَا حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ مَعْنَى كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي أَصْلٍ وَلَا فَرْعٍ وَإِنَّمَا فَرَّقْنَا بَيْنَ الْعَالِمِينَ وَالْجَاهِلِينَ بِأَنَّ الْعَالَمِينَ عَلِمُوا الْأُصُولَ فَكَانَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُتْبِعُوهَا الْفُرُوعَ فَإِذَا زَيَّلُوا بَيْنَ الْفُرُوعِ وَالْأُصُولِ فَأَخْرَجُوا الْفُرُوعَ مِنْ مَعَانِي الْأُصُولِ كَانُوا كَمَنْ قَالَ بِلَا عِلْمٍ أَوْ أَقَلَّ عُذْرًا مِنْهُ لِأَنَّهُمْ تَرَكُوا مَا يَلْزَمُهُمْ بَعْدَ عِلْمٍ بِهِ وَاَللَّهُ يَغْفِرُ لَنَا وَلَكُمْ مَعًا، فَإِنْ قَالَ قَدْ يَغْبَوْنَ فِعْلَهُمْ قُلْت وَمَنْ غَبِيَ عَنْهُ مِثْلُ هَذَا الْوَاضِحِ كَانَ حَقُّهُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُعَالِجَ الْفُتْيَا لِأَنَّ هَذَا مِمَّا لَا يَجُوزُ أَنْ يُخْطِئَ فِيهِ أَحَدٌ لِوُضُوحِهِ.

تَفْرِيعُ الْبَحِيرَةِ وَالسَّائِبَةِ وَالْوَصِيلَةِ وَالْحَامِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَمَّا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حَامٍ} فَكَانَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ} الْآيَةَ دَلَالَةً عَلَى مَا جَعَلَ اللَّهُ لَا عَلَى مَا جَعَلْتُمْ وَكَانَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ قَضَاءَ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ أَنْ لَا يَنْفُذَ مَا جَعَلْتُمْ وَكَانَتْ الْبَحِيرَةُ وَالْوَصِيلَةُ وَالْحَامُ مِنْ الْبَهَائِمِ الَّتِي لَا يَقَعُ عَلَيْهَا عِتْقٌ وَكَانَ مَالِكُهَا أَخْرَجَهَا مِنْ مِلْكِهِ إلَى غَيْرِ مِلْكِ آدَمِيٍّ مِثْلُهُ وَكَانَتْ الْأَمْوَالُ لَا تَمْلِكُ شَيْئًا إنَّمَا يَمْلِكُ الْآدَمِيُّونَ كَانَ الْمَرْءُ إذَا أَخْرَجَ مِنْ مِلْكِهِ شَيْئًا إلَى غَيْرِ مَالِكٍ مِنْ الْآدَمِيِّينَ بِعَيْنِهِ أَوْ غَيْرِ عَيْنِهِ كَمَنْ لَمْ يُخْرِجْ مِنْ مِلْكِهِ شَيْئًا وَكَانَ ثَابِتًا عَلَيْهِ كَمَا كَانَ قَبْلَ إخْرَاجِهِ وَكَانَ أَصْلُ هَذَا الْقَوْلِ فِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَكُلُّ مَنْ أَخْرَجَ مِنْ مِلْكِهِ شَيْئًا مِنْ بَهِيمَةٍ أَوْ مَتَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ غَيْرَ الْآدَمِيِّينَ فَقَالَ قَدْ أَعْتَقْت هَذَا أَوْ قَدْ قَطَعْت مِلْكِي عَنْ هَذَا أَوْ وَهَبْت هَذَا أَوْ بِعْته أَوْ تَصَدَّقْت بِهِ وَلَمْ يُسَمِّ مَنْ وَهَبَهُ لَهُ وَلَا بَاعَهُ إيَّاهُ وَلَا تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ بِعَيْنٍ وَلَا صِفَةٍ كَانَ قَوْلُهُ بَاطِلًا وَكَانَ فِي مِلْكِهِ كَمَا كَانَ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ مِلْكِهِ مَا كَانَ حَيًّا بِحَالٍ إلَّا أَنْ يُخْرِجَهُ إلَى آدَمِيٍّ يُعَيِّنُهُ أَوْ يَصِفُهُ حِين أَخْرَجَهُ مِنْ مِلْكِهِ وَلَا يَكُونُ خَارِجًا مِنْ مِلْكِهِ إلَّا وَمَالِكٌ لَهُ مَكَانُهُ لَا بَعْدَ ذَلِكَ بِطَرْفَةِ عَيْنٍ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَالسَّائِبَةُ إذَا كَانَتْ مِنْ الْإِبِلِ كَالْبَحِيرَةِ وَهَكَذَا الرَّقِيقُ إذْ أَخْرَجَهُمْ مَالِكُهُمْ مِنْ مِلْكِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>