للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ مَا يُثْبِتُ الْعِتْقُ عَلَى الْمُعْتِقِ لِلْمُعْتَقِ أَفَيَكُونُ لَهُ إذَا أَعْتَقَ أَنْ يَنْتَقِلَ بِوَلَائِهِ؟ قَالَ لَا قُلْت فَقَدْ خَالَفْت الْحَدِيثَ فَزَعَمْت أَنَّهُ إنَّمَا يَثْبُتُ لَهُ الْوَلَاءُ مَا رَضِيَ بِهِ وَلَمْ يَنْتَقِلْ وَإِذَا انْتَقَلَ انْتَقَلَ الْوَلَاءُ عَنْهُ حَتَّى يَعْقِلَ عَنْهُ. أَوْ رَأَيْت إذَا وَالَى فَكَانَ لَوْ مَاتَ وَرِثَ الْمَوْلَى الْوَلَاءَ كَيْفَ كَانَ لَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ بِوَلَائِهِ وَقَدْ ثَبَتَ الْوَلَاءُ عَلَيْهِ وَثَبَتَ لَهُ عَلَى عَاقِلَةِ الَّذِي وَالَاهُ أَنْ يَعْقِلُوا عَنْهُ أَوْ يَجُوزَ أَنْ يَكُونَ فِي إسْلَامِ الْمَرْءِ عَلَى يَدَيْ غَيْرِهِ أَوْ مُوَالَاتِهِ إيَّاهُ إلَّا وَاحِدٌ مِنْ قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَثْبُتَ بِالْإِسْلَامِ وَالْمُوَالَاةِ مَا يَثْبُتُ بِالْعِتْقِ وَمَا يَثْبُتُ مِنْ وَلَاءٍ عِنْدَنَا وَعِنْدَك لَمْ يَتَحَوَّلْ كَمَا لَا يَتَحَوَّلُ النَّسَبُ أَوْ يَكُونُ الْإِسْلَامُ وَالْمُوَالَاةُ لَمْ يُثْبِتَا شَيْئًا لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ مَعَانِي النَّسَبِ وَلَا الْوَلَاءِ.

فَأَمَّا مَا ذَهَبْت إلَيْهِ فَلَيْسَ وَاحِدًا مِنْ الْقَوْلَيْنِ وَزَعَمْت أَنَّهُ ثَابِتٌ وَلِلْمَوْلَى أَنْ يَنْتَقِلَ حَتَّى يَعْقِلَ عَنْهُ أَوْ رَأَيْت إنْ قَالَتْ الْعَاقِلَةُ لَا نَعْقِلُ عَنْ هَذَا شَيْئًا لِأَنَّ هَذَا لَا ذُو نَسَبٍ وَلَا مَوْلًى وَلَهُ الْخِيَارُ فِي أَنْ يَنْتَقِلَ عَنْهُ فَاجْعَلْ لَنَا وَلِصَاحِبِنَا الَّذِي وَالَاهُ الْخِيَارَ فِي أَنْ نَدْفَعَ وَلَاءَهُ فَالْمَوْلَى مِنْ أَعْلَى أَوْلَى أَنْ يَكُونَ هَذَا لَهُ مِنْ الْمَوْلَى مِنْ أَسْفَلُ مَا تَقُولُ لَهُ؟ وَإِنْ جَازَ هَذَا لَك جَازَ لِغَيْرِك أَنْ يَجْعَلَ الْخِيَارَ لِلْأَعْلَى وَلَا يَجْعَلُهُ لِلْأَسْفَلِ وَهَذَا لَا يَجُوزُ لِوَاحِدٍ مِنْكُمَا. أَرَأَيْت وَلَدًا إنْ كَانُوا لِلْمُسْلِمِ عَلَى يَدَيْ الرَّجُلِ وَكَانُوا لَا وَلَاءَ لَهُمْ أَيَجُرُّ وَلَاؤُهُمْ كَمَا يَجُرُّهُ الْمُعْتِقُ لِلْأَبِ إذَا أَعْتَقَ؟ قَالَ: فَإِنْ قُلْت نَعَمْ قُلْت فَقُلْهُ قَالَ فَإِذَا يَتَفَاحَشُ عَلَى فَأَزْعُمُ أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ جَرَّ الْوَلَاءُ وَإِذَا انْتَقَلَ بِهِ انْتَقَلَ وَلَاؤُهُ وَيَتَفَاحَشُ فِي أَنْ أَقُولَ قَدْ كَانَ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ مِثْلَ الَّذِي لَهُ فَإِنْ قُلْت: يَجُرُّ الْأَبُ وَلَاءَهُمْ قَطَعْت حُقُوقَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ وَإِنْ قُلْت بَلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ مِثْلَ مَا لَهُ زَعَمْت أَنَّهُ لَا يَجُرُّ وَلَاءَهُمْ وَلِذَلِكَ أَقُولُ لَا يَجُرُّ وَلَاءَهُمْ قُلْت وَيَدْخُلُ عَلَيْك فِيهِ أَفْحَشَ مِنْ هَذَا قَالَ قَدْ أَرَى مَا يَدْخُلُ فِيهِ أَثَابِتٌ الْحَدِيثُ؟ قُلْت لَا وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ بِثَابِتٍ وَأَنَّ ابْنَ مَوْهَبٍ رَجُلٌ لَيْسَ بِالْمَعْرُوفِ بِالْحَدِيثِ وَلَمْ يَلْقَ تَمِيمًا الدَّارِيَّ وَهُوَ غَيْرُ ثَابِتٍ مِنْ وَجْهَيْنِ.

وَقَدْ قُلْت فِي اللَّقِيطِ بِأَنَّ عُمَرَ قَالَ لِمَنْ الْتَقَطَهُ هُوَ حُرٌّ وَلَك وَلَاؤُهُ قُلْت أَنْتَ تَقُولُ فِي اللَّقِيطِ أَنَّهُ يُوَالِي مَنْ شَاءَ؟ قَالَ نَعَمْ إنْ لَمْ يُوَالِ عَنْهُ السُّلْطَانُ وَإِذَا وَالَى عَنْهُ السُّلْطَانُ فَهَذَا حُكْمٌ عَلَيْهِ قُلْت أَفَتُثْبِتُ عَلَيْهِ مُوَالَاةَ السُّلْطَانِ فَلَا يَكُونُ لَهُ إذَا بَلَغَ أَنْ يَنْتَقِلَ بِوَلَائِهِ أَوْ يَكُونَ لَهُ الِانْتِقَالُ بِوَلَائِهِ إذَا بَلَغَ قَالَ فَإِنْ قُلْت بَلْ لَهُ الِانْتِقَالُ بِوَلَائِهِ كَمَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يُوَالِيَ ثُمَّ يَنْتَقِلَ بِوَلَائِهِ مَا لَمْ يَعْقِلْ عَنْهُ؟ قُلْت لَهُ فَمُوَالَاةُ السُّلْطَانِ إذًا عَنْهُ غَيْرُ حُكْمٍ عَلَيْهِ قَالَ نَعَمْ وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ حُكْمًا عَلَيْهِ؟ قُلْت الْمَسْأَلَةُ عَلَيْك لِأَنَّك بِهَا تَقُولُ قَالَ مَا يَصْلُحُ الْحُكْمُ إلَّا عَلَى الْمُتَقَدِّمِ مِنْ الْخُصُومَةِ وَمَا هَا هُنَا مُتَقَدِّمٌ مِنْ خُصُومِهِ قُلْت فَقُلْ مَا شِئْت قَالَ فَإِذَا قُلْت فَهُوَ حُكْمٌ قُلْت فَقَدْ رَجَعْت إلَى أَنْ قُلْت بِمَا أَنْكَرْت أَنْ يَكُونَ يَصْلُحُ الْحُكْمُ إلَّا عَلَى الْمُتَقَدِّمِ مِنْ خُصُومَةٍ وَمَا هَهُنَا مُتَقَدِّمٌ مِنْ خُصُومَةٍ.

قَالَ فَلَا أَقُولُهُ وَأَقُولُ لَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ بِوَلَائِهِ قُلْت فَقَدْ خَالَفْت مَا رَوَيْت عَنْ عُمَرَ وَلَا أَسْمَعُك تَصِيرُ إلَى شَيْءٍ إلَّا خَالَفْته قَالَ فِيمَ تَرَكْت الْحَدِيثَيْنِ قُلْت بِالدَّلَالَةِ فِي السَّائِبَةِ أَنَّ حُكْمَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَبْطُلَ التَّسْيِيبُ وَيَثْبُتَ الْعِتْقُ وَيَكُونَ الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَمَا جَامَعْتنَا عَلَيْهِ؟ فِي النَّصْرَانِيِّ بِمَعْنَى كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَنَصُّ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمَّا يَلْزَمُك فِيمَا جَامَعْتنَا عَلَيْهِ فِي النَّصْرَانِيِّ يَعْتِقُ الْمُسْلِمَ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» وَهَذَا مُعْتِقٌ فَلَزِمْت فِيهِمَا مَعْنَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. ثُمَّ اضْطَرَبَ قَوْلُك فَزَايَلْت مَعْنَاهُمَا قَالَ ذَهَبْت إلَى حَدِيثٍ ثَبَتَ قُلْت أَمَّا الَّذِي رَوَيْت عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَثْبُتُ عِنْدَنَا.

وَأَمَّا الَّذِي رَوَيْت عَنْ عُمَرَ فَلَوْ ثَبَتَ لَمْ يَكُنْ فِي أَحَدٍ حُجَّةٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ أَنْ يَثْبُتَ، وَفِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» مَعْنَيَانِ بَيِّنَانِ أَنَّ الْوَلَاءَ لَا يَزُولُ عَمَّنْ أَعْتَقَ وَلَا يَثْبُتُ إلَّا لِمُعْتِقٍ لِأَنَّ قَوْلَهُ «فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» نَفْيٌ أَنْ يَكُونَ الْوَلَاءُ لِغَيْرِ مُعْتِقٍ. وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ قَالَ إنَّمَا أَرَدْت كَذَا فَقَدْ بَيَّنَ مَا أَرَادَ وَنَفَى أَنْ يَكُونَ أَرَادَ غَيْرَهُ. وَكَذَلِكَ إنَّمَا وَقَعْت بِهَذَا الْمَعْنَى فَأَخَذْت بِأَحَدِ مَعْنَيَيْ الْحَدِيثِ وَتَرَكْت الثَّانِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>