يَأْخُذَهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ بِلَا قِيمَةٍ وَلَا بَعْدَ الْقِسْمَةِ بِقِيمَةٍ كَمَا لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ سَائِرَ أَمْوَالِ الْعَدُوِّ أَوْ لَا يَكُونُ مِلْكُ الْعَدُوِّ مِلْكًا فَيَكُونُ كُلُّ امْرِئٍ عَلَى أَصْلِ مِلْكِهِ وَمَنْ قَالَ: لَا يَمْلِكُ الْعَدُوُّ الْحُرَّ وَلَا الْمُكَاتَبَ وَلَا أُمَّ الْوَلَدِ وَلَا الْمُدَبَّرَةَ وَهُوَ يَمْلِكُ مَا سِوَاهُنَّ فَهُوَ يَتَحَكَّمُ ثُمَّ يَزْعُمُ أَنَّهُمْ يَمْلِكُونَ مِلْكًا مُحَالًا فَيَقُولُ: يَمْلِكُونَهُ وَإِنْ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ الْمُسْلِمُونَ فَأَدْرَكَهُ سَيِّدُهُ قَبْلَ الْقَسْمِ فَهُوَ لَهُ بِلَا شَيْءٍ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقَسْمِ فَهُوَ لَهُ إنْ شَاءَ بِالْقِيمَةِ فَهَؤُلَاءِ مَلَكُوهُ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَهَلْ فِيمَا ذَكَرْت حُجَّةٌ لِمَنْ قَالَهُ؟ قِيلَ: لَا إلَّا شَيْءٌ يُرْوَى لَا يَثْبُتُ مِثْلُهُ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَإِنْ قَالَ: فَهَلْ لَك حُجَّةٌ بِأَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَ بِحَالٍ؟ قُلْنَا: الْمَعْقُولُ فِيهِ مَا وَصَفْنَا وَإِنَّمَا الْحُجَّةُ عَلَى مَنْ خَالَفَنَا وَلَنَا فِيهِ حُجَّةٌ بِمَا لَا يَنْبَغِي خِلَافُهُ مِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الثَّابِتَةِ وَهُوَ يُرْوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْ عُمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «أَنَّ قَوْمًا أَغَارُوا فَأَصَابُوا امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ وَنَاقَةً لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَانَتْ الْمَرْأَةُ وَالنَّاقَةُ عِنْدَهُمْ ثُمَّ انْفَلَتَتْ الْمَرْأَةُ فَرَكِبَتْ النَّاقَةَ فَأَتَتْ الْمَدِينَةَ فَعُرِفَتْ نَاقَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ إنِّي نَذَرْت لَئِنْ نَجَّانِي اللَّهُ عَلَيْهَا لَأَنْحَرَنَّهَا فَمَنَعُوهَا أَنْ تَنْحَرَهَا حَتَّى يَذْكُرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ بِئْسَمَا جَزَيْتِهَا إنْ نَجَّاك اللَّهُ عَلَيْهَا ثُمَّ تَنْحَرِيهَا لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ» وَقَالَا مَعًا أَوْ أَحَدُهُمَا فِي الْحَدِيثِ وَأَخَذَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَاقَتَهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَقَدْ أَخَذَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَاقَتَهُ بَعْدَمَا أَحْرَزَهَا الْمُشْرِكُونَ وَأَحْرَزَتْهَا الْأَنْصَارِيَّةُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانَتْ الْأَنْصَارِيَّةُ أَحْرَزَتْ عَلَيْهِمْ شَيْئًا لَيْسَ لِمَالِكٍ كَانَ لَهَا فِي قَوْلِنَا أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ وَخُمْسُهُ لِأَهْلِ الْخُمْسِ وَفِي قَوْلِ غَيْرِنَا كَانَ لَهَا مَا أَحْرَزَتْ لَا خُمْسَ فِيهِ وَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ مَالَهُ وَأَخَذَ مَالَهُ بِلَا قِيمَةٍ أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ لَا أَحْفَظُ عَمَّنْ رَوَاهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ فِيمَا أَحْرَزَ الْعَدُوُّ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ مِمَّا غَلَبُوا عَلَيْهِ أَوْ أَبَقَ إلَيْهِمْ ثُمَّ أَحْرَزَهُ الْمُسْلِمُونَ مَالِكُوهُ أَحَقُّ بِهِ قَبْلَ الْقَسْمِ وَبَعْدَهُ فَإِنْ اُقْتُسِمَ فَلِصَاحِبِهِ أَخْذُهُ مِنْ يَدَيْ مَنْ صَارَ فِي سَهْمِهِ وَعُوِّضَ الَّذِي صَارَ فِي سَهْمِهِ قِيمَتَهُ مِنْ خُمْسِ الْخُمْسِ وَهَكَذَا حُرٌّ إنْ اُقْتُسِمَ ثُمَّ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى حُرِّيَّتِهِ.
فِي الْأَمَانِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْمُسْلِمُونَ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ» قَالَ: فَإِذَا أَمَّنَ مُسْلِمٌ بَالِغٌ حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ يُقَاتِلُ أَوْ لَا يُقَاتِلُ أَوْ امْرَأَةٌ فَالْأَمَانُ جَائِزٌ وَإِذَا أَمَّنَ مَنْ دُونَ الْبَالِغِينَ وَالْمَعْتُوهِ قَاتَلُوا أَوْ لَمْ يُقَاتِلُوا لَمْ نُجِزْ أَمَانَهُمْ وَكَذَلِكَ إنْ أَمَّنَ ذِمِّيٌّ قَاتَلَ أَوْ لَمْ يُقَاتِلْ لَمْ نُجِزْ أَمَانَهُ وَإِنْ أَمَّنَ وَاحِدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ فَخَرَجُوا إلَيْنَا بِأَمَانٍ فَعَلَيْنَا رَدُّهُمْ إلَى مَأْمَنِهِمْ وَلَا نَعْرِضُ لَهُمْ فِي مَالٍ وَلَا نَفْسٍ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُمْ لَيْسُوا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ مَنْ فِي عَسْكَرِنَا مِمَّنْ يَجُوزُ أَمَانُهُ وَلَا يَجُوزُ وَنَنْبِذُ إلَيْهِمْ فَنُقَاتِلُهُمْ وَإِذَا أَشَارَ إلَيْهِمْ الْمُسْلِمُ بِشَيْءٍ يَرَوْنَهُ أَمَانًا فَقَالَ أَمَّنْتُهُمْ بِالْإِشَارَةِ فَهُوَ أَمَانٌ فَإِنْ قَالَ: لَمْ أُؤَمِّنْهُمْ بِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ شَيْئًا فَلَيْسُوا بِآمَنِينَ إلَّا أَنْ يُجَدِّدَ لَهُمْ الْوَالِي أَمَانًا وَعَلَى الْوَالِي إذَا مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُبَيِّنَ أَوْ قَالَ وَهُوَ حَيٌّ لَمْ أُؤَمِّنْهُمْ أَنْ يَرُدَّهُمْ إلَى مَأْمَنِهِمْ وَيَنْبِذَ إلَيْهِمْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي غَيْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute