للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ نُجْبِرَهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ أَوْ نَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْ نَصَارَى الْعَرَبِ وَأَنَّ عُثْمَانَ وَعُمَرَ وَعَلِيًّا قَدْ أَقَرُّوهُمْ وَإِنْ كَانَ عُمَرُ قَدْ قَالَ هَكَذَا وَكَذَلِكَ لَا يَحِلُّ لَنَا نِكَاحُ نِسَائِهِمْ لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إنَّمَا أَحَلَّ لَنَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ عَلَيْهِمْ نَزَلَ وَجَمِيعُ مَا أُخِذَ مِنْ ذِمِّيٍّ عَرَبِيٍّ وَغَيْرِهِ فَمَسْلَكُهُ مَسْلَكُ الْفَيْءِ وَقَالَ: مَا اتَّجَرَ بِهِ نَصَارَى الْعَرَبِ وَأَهْلُ ذِمَّتِهِمْ فَإِنْ كَانُوا يَهُودًا فَسَوَاءٌ تُضَاعَفُ عَلَيْهِمْ فِيهِ الصَّدَقَةُ وَمَا اتَّجَرَ بِهِ نَصَارَى بَنِي إسْرَائِيلَ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَقَدْ رَوَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيهِمْ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْهُمْ فِي بَعْضِ تِجَارَاتِهِمْ الْعُشْرَ وَفِي بَعْضِهَا نِصْفَ الْعُشْرِ وَهَذَا عِنْدَنَا مِنْ عُمَرَ أَنَّهُ صَالَحَهُمْ عَلَيْهِ كَمَا صَالَحَهُمْ عَلَى الْجِزْيَةِ الْمُسَمَّاةِ وَلَسْت أَعْرِفُ الَّذِينَ صَالَحَهُمْ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الَّذِينَ لَمْ يُصَالِحْهُمْ فَعَلَى إمَامِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُفَرِّقَ الْكُتُبَ فِي الْآفَاقِ وَيَحْكِيَ لَهُمْ مَا صَنَعَ عُمَرُ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي مَنْ صَنَعَ بِهِ ذَلِكَ مِنْهُمْ دُونَ غَيْرِهِ فَإِنْ رَضُوا بِهِ أَخَذَهُ مِنْهُمْ وَإِنْ لَمْ يَرْضَوْا بِهِ جَدَّدَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ صُلْحًا فِيهِ كَمَا يُجَدَّدُ فِيمَنْ ابْتَدَأَ صُلْحَهُ مِمَّنْ دَخَلَ فِي الْجِزْيَةِ الْيَوْمَ وَإِنْ صَالَحُوا عَلَى أَنْ يُؤَدُّوا فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً مِنْ غَيْرِ بُلْدَانِهِمْ فَكَذَلِكَ وَإِنْ صَالَحُوا أَنْ نَأْخُذَ مِنْهُمْ كُلَّمَا اخْتَلَفُوا وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي السَّنَةِ مِرَارًا فَذَلِكَ وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي لِإِمَامِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُجَدِّدَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ فِي الضِّيَافَةِ صُلْحًا فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ جَعَلَ عَلَيْهِمْ ضِيَافَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ جَعَلَ ضِيَافَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَإِذَا جَدَّدَ عَلَيْهِمْ الصُّلْحَ فِي الضِّيَافَةِ جَدَّدَ بِأَمْرٍ بَيْنَ أَنْ يُضِيفَ الرَّجُلَ الْمُوسِرَ كَذَا وَالْوَسَطَ كَذَا وَلَا يُضَيِّفُ الْفَقِيرَ وَلَا الصَّبِيَّ وَلَا الْمَرْأَةَ وَإِنْ كَانَا غَنِيَّيْنِ لِأَنَّهُ لَا تُؤْخَذُ مِنْهُمْ الْجِزْيَةُ وَالضِّيَافَةُ صِنْفٌ مِنْهَا وَسَمَّى أَنْ يُطْعِمُوهُمْ خُبْزَ كَذَا بِأُدْمِ كَذَا وَيَعْلِفُوا دَوَابَّهُمْ مِنْ التِّبْنِ كَذَا وَمِنْ الشَّعِيرِ كَذَا حَتَّى يَعْرِفَ الرَّجُلُ عَدَدَ مَا عَلَيْهِ إذَا نَزَلَ بِهِ لَيْسَ أَنْ يَنْزِلَ بِهِ الْعَسَاكِرُ فَيُكَلَّفُ ضِيَافَتُهُمْ وَلَا يَحْتَمِلُهَا وَهِيَ مُجْحِفَةٌ بِهِ وَكَذَلِكَ يُسَمِّي أَنْ يَنْزِلَهُمْ مِنْ مَنَازِلِهِمْ الْكَنَائِسَ أَوْ فُضُولَ مَنَازِلِهِمْ أَوْ هُمَا مَعًا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): حَيْثُمَا زَرَعَ النَّصْرَانِيُّ مِنْ نَصَارَى الْعَرَبِ ضُعِّفَ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ كَمَا وَصَفْت وَحَيْثُمَا زَرَعَ النَّصْرَانِيُّ الْإِسْرَائِيلِيُّ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِي زَرْعِهِ شَيْءٌ وَإِنَّمَا الْخَرَاجُ كِرَاءُ الْأَرْضِ كَمَا لَوْ تَكَارَى أَرْضًا مِنْ رَجُلٍ فَزَرَعَهَا أَدَّى الْكِرَاءَ وَالْعُشْرَ وَالنَّصْرَانِيُّ مِنْ نَصَارَى الْعَرَبِ إذَا زَرَعَ الْخَرَاجَ ضَعَّفْت عَلَيْهِ الْعُشْرَ وَأَخَذْت مِنْهُ الْخَرَاجَ وَإِذَا قَدِمَ الْمُسْتَأْمَنُ مِنْ أَرْضِ الْحَرْبِ فَكَانَ عَلَى النَّصْرَانِيَّةِ أَوْ الْمَجُوسِيَّةِ أَوْ الْيَهُودِيَّةِ فَنَكَحَ وَزَرَعَ فَلَا خَرَاجَ عَلَيْهِ وَيُقَالُ لَهُ: إنْ أَرَدْت الْمُقَامَ فَصَالِحْنَا عَلَى أَنْ تُؤَدِّيَ الْجِزْيَةَ وَجِزْيَتُهُ عَلَى مَا صَالَحَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَبَى الصُّلْحَ أُخْرِجَ وَإِنْ غَفَلَ عَنْهُ سَنَةً أَوْ سِنِينَ فَلَا خَرَاجَ عَلَيْهِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْخَرَاجُ إلَّا بِصُلْحِهِ وَنَمْنَعُهُ الزَّرْعَ إلَّا بِأَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهُ مَا صَالَحَ عَلَيْهِ وَإِنْ غَفَلَ حَتَّى يَصْرِمَهُ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ شَيْءٌ وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَأْمَنُ وَثَنِيًّا لَمْ يُتْرَكْ حَتَّى يُقِيمَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ سَنَةً وَلَمْ تُؤْخَذْ مِنْهُ جِزْيَةٌ وَإِنْ غَفَلَ عَنْهُ حَتَّى زَرَعَ سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ دَفَعَ إلَيْهِ وَأَخْرَجَ وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مُسْتَأْمَنَةً فَتَزَوَّجَتْ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ أَرَادَتْ الرُّجُوعَ إلَى بِلَادِ الْحَرْبِ فَذَلِكَ إلَى زَوْجِهَا إنْ شَاءَ أَنْ يَدَعَهَا تَرَكَهَا وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَحْبِسَهَا حَبَسْنَاهَا لَهُ بِسُلْطَانِ الزَّوْجِ عَلَى حَبْسِ امْرَأَتِهِ لَا يُغَيِّرُ ذَلِكَ وَمَتَى طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا فَلَهَا أَنْ تَرْجِعَ فَإِنْ كَانَ لَهَا مِنْهُ وَلَدٌ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُخْرِجَ أَوْلَادَهُ إلَى دَارِ الْحَرْبِ لِأَنَّ ذِمَّتَهُمْ ذِمَّةُ أَبِيهِمْ وَلَهَا أَنْ تَخْرُجَ بِنَفْسِهَا وَإِذَا أَبَقَ الْعَبْدُ إلَى بِلَادِ الْعَدُوِّ ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ أَوْ أَغَارَ الْعَدُوُّ عَلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ فَسَبَوْا عَبِيدًا وَظَهَرَ عَلَيْهِمْ الْمُسْلِمُونَ فَاقْتَسَمُوا الْعَبِيدَ أَوْ لَمْ يَقْتَسِمُوا فَسَادَتُهُمْ أَحَقُّ بِهِمْ بِلَا قِيمَةٍ وَلَا يَكُونُ الْعَدُوُّ يَمْلِكُونَ عَلَى مُسْلِمٍ شَيْئًا إذَا لَمْ يَمْلِكْ الْمُسْلِمُ بِالْغَلَبَةِ فَالْمُشْرِكُ الَّذِي هُوَ خَوَلٌ لِلْمُسْلِمِ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ أَوْلَى أَنْ لَا يَمْلِكَ عَلَى مُسْلِمٍ وَلَا يَعْدُو الْمُشْرِكُونَ فِيمَا غَلَبُوا عَلَيْهِ أَنْ يَكُونُوا مَالِكِينَ لَهُمْ كَمِلْكِهِمْ لِأَمْوَالِهِمْ فَإِذَا كَانَ هَذَا هَكَذَا مَلَكُوا الْحُرَّ وَأُمَّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبَ وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الرَّقِيقِ وَالْأَمْوَالِ ثُمَّ لَمْ يَكُنْ لِسَيِّدٍ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>