للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ لَمْ يَكُنْ يَأْخُذُ بِأَيْمَانِهِ شَيْئًا حَتَّى يُكْمِلَ مَا عَلَيْهِ فِيهِ وَلَوْ كَانَ لَمْ يَمُتْ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يُكْمِلْ أَيْمَانَهُ حَتَّى غُلِبَ عَلَى عَقْلِهِ فَإِذَا أَفَاقَ احْتَسَبَ بِمَا بَقِيَ مِنْ أَيْمَانِهِ وَلَمْ يَسْقُطْ مِنْ أَيْمَانِهِ الْمَاضِيَةِ شَيْءٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّ عَلَيْهِ عَدَدَ شَيْءٍ فَإِذَا أَتَى بِهِ مَجْمُوعًا أَوْ مُفَرَّقًا عِنْدَ حَاكِمٍ فَقَدْ أَدَّى مَا عَلَيْهِ وَلَوْ جَاءَ بِهِ عِنْدَ حَاكِمَيْنِ وَيَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يُثْبِتَ لَهُ عَدَدَ مَا حَلَفَ عِنْدَهُ قَبْلَ يَغْلِبَ عَلَى عَقْلِهِ وَمَا حَلَفَ عِنْدَ غَيْرِهِ وَلَوْ حَلَفَ عَلَى بَعْضِ الْأَيْمَانِ، ثُمَّ سَأَلَ الْحَاكِمَ أَنْ يُنْظَرَ أَنْظَرَهُ فَإِذَا جَاءَ لِيَسْتَكْمِلَ الْأَيْمَانَ حُسِبَتْ لَهُ مَا مَضَى مِنْهَا عِنْدَهُ وَإِذَا كَانَ لِلْقَتِيلِ تَجِبُ فِيهِ الْقَسَامَةُ وَارِثَانِ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا عَلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ أَنَّهُ قَتَلَهُ وَحْدَهُ وَأَبْرَأَهُ صَاحِبُهُ بِأَنْ قَالَ مَا قَتَلَهُ كَانَ فِيهَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ لِوَلِيِّ الدَّمِ الْمُدَّعِي الَّذِي لَمْ يُبْرِئْ أَنْ يَحْلِفَ خَمْسِينَ يَمِينًا وَيَسْتَحِقَّ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ نِصْفَ الدِّيَةِ إنْ كَانَ عَمْدًا فِي مَالِهِ وَعَلَى الْعَاقِلَةِ إنْ كَانَ خَطَأً وَمَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ قَالَ لَوْ كَانَ عَدْلًا فَشَهِدَ لَهُ أَنَّهُ كَانَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ وَهُمْ يَتَصَادَقُونَ عَلَى الْوَقْتِ غَائِبًا بِبَلَدٍ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَصِلَ مِنْهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَلَا فِي يَوْمٍ إلَى مَوْضِعِ الْقَتِيلِ لَمْ يُبَرَّأْ؛ لِأَنَّهُ وَاحِدٌ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ وَلُوكَانِ الْوَارِثَانِ اثْنَيْنِ عَدْلَيْنِ فَشَهِدَا لَهُ بِهَذَا أَوْ شَهِدَا عَلَى آخَرَ أَنَّهُ قَتَلَهُ أَجَزْنَا شَهَادَتَهُمَا وَلَمْ نَجْعَلْ فِيهِ قَسَامَةٌ وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يُقْسِمُوا عَلَى رَجُلٍ يُبَرِّئُهُ أَحَدُهُمْ إذَا كَانَ الَّذِي يُبَرِّئُهُ يَعْقِلُ فَإِنْ أَبْرَأَهُ مِنْهُمْ مَغْلُوبٌ عَلَى عَقْلِهِ أَوْ صَبِيٌّ لَمْ يَبْلُغْ كَانَ لِلْبَاقِينَ مِنْهُمْ أَنْ يَحْلِفُوا. .

مَا يُسْقِطُ حُقُوقَ أَهْلِ الْقَسَامَةِ

مِنْ الِاخْتِلَافِ وَمَا لَا يُسْقِطُهَا

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا اخْتَلَفَ الْوَارِثَانِ فِيمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْقَسَامَةُ فَكَانَتْ دَعْوَاهُمَا مَعًا مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يُصَدَّقَا فِيهِ بِحَالٍ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُمَا فِي الْقَسَامَةِ وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: هَذَا قَتَلَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ وَرَجُلٍ لَا أَعْرِفُهُ وَيَقُولُ الْآخَرُ: قَتَلَ أَبِي زَيْدٍ بْنِ عَامِرٍ وَرَجُلٍ لَا أَعْرِفُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ زَيْدُ بْنُ عَامِرٍ هُوَ الرَّجُلُ الَّذِي عَرَفَهُ الَّذِي جَهِلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ خَالِدٍ وَأَنْ يَكُونَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَالِدٍ هُوَ الرَّجُلُ الَّذِي جَهِلَهُ الَّذِي عَرَفَ زَيْدَ بْنَ عَامِرٍ وَلَوْ قَالَ الَّذِي ادَّعَى عَلَى عَبْدِ اللَّهِ قَدْ عَرَفْت زَيْدًا وَلَيْسَ بِاَلَّذِي قَتَلَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ الَّذِي عَرَفَ زَيْدًا قَدْ عَرَفْت عَبْدَ اللَّهِ وَلَيْسَ بِاَلَّذِي قَتَلَ مَعَ زَيْدٍ فَفِيهَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُقْسِمَ عَلَى الَّذِي ادَّعَى عَلَيْهِ وَيَأْخُذَ مِنْهُ رُبُعَ الدِّيَةِ وَمَنْ قَالَ هَذَا قَالَ حَقُّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غَيْرُ حَقِّ صَاحِبِهِ كَرَجُلَيْنِ لَهُمَا حَقٌّ عَلَى رَجُلٍ فَأَبْرَأَهُ أَحَدُهُمَا بِإِكْذَابِ الْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُمْكِنُ فِي كُلِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمَا الْقَتْلُ وَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَارِثِينَ وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْوَهْمُ أَوْ يُثْبِتُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّ مَعَ الَّذِي ادَّعَى عَلَيْهِ قَاتِلًا غَيْرَهُ وَإِنْ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى غَيْرِ الَّذِي أَبْرَأَهُ أَنَّهُ قَاتِلٌ مَعَ الَّذِي ثَبَتَ عَلَيْهِ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُقْسِمَ وَيَأْخُذَ مِنْهُ حِصَّتَهُ مِنْ الدِّيَةِ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنْ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُقْسِمَ حَتَّى تَجْتَمِعَ دَعْوَاهُمَا عَلَى وَاحِدٍ فَيُقْسِمَانِ عَلَيْهِ وَمَنْ قَالَ هَذَا قَالَ هَذَانِ لَيْسَا كَرَجُلَيْنِ لَهُمَا حَقٌّ عَلَى رَجُلٍ فَأَكْذَبَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَتَهُ فَبَطَلَ حَقُّهُ وَصَدَّقَ الْآخَرُ بَيِّنَتَهُ فَأَخَذَ حَقَّهُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْحَقَّ أُخِذَ بِغَيْرِ قَوْلِ الْمُدَّعِي وَحْدَهُ وَأَخَذَهُ بِشَهَادَةٍ أَمْرُ الْمُسْلِمِينَ مَقْبُولٌ مِثْلُهَا وَالْقَسَامَةُ حَقٌّ أُخِذَ بِدَلَالَةٍ، وَأَيْمَانُهُمَا بِهَا؛ لِأَنَّهُمَا وَارِثَانِ لَهُ وَلَا يَأْخُذَانِهِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُكَذِّبُ صَاحِبَهُ وَمَنْ قَالَ هَذَا قَالَ: لَوْ أَنَّ وَارِثِينَ وَجَبَتْ لَهُمَا الْقَسَامَةُ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ وَحْدَهُ لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُقْسِمَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ الَّذِي اُدُّعِيَا عَلَيْهِ وَلَا عَلَى غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَبْرَأَ غَيْرَهُ بِدَعْوَاهُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ وَأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ فِيهِمَا أَنْ يَكُونَا صَادِقَيْنِ بِحَالٍ وَلَا يَكُونُ أَحَدُهُمَا قَتَلَهُ وَحْدَهُ وَالْآخَرُ قَتَلَهُ وَحْدَهُ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ لَهُ مَعَهُمَا وَارِثٌ ثَالِثٌ فَادَّعَى عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>