وَلَمْ أَحُدُّ الدِّيَاتِ عَلَى شَيْنِ مُوضِحَةٍ وَلَا أَلَمٍ، أَلَا تَرَى أَنَّ فِي الْأُذُنِ نِصْفَ الدِّيَةِ وَفِي الْيَدِ نِصْفَ الدِّيَةِ وَلَيْسَتْ مَنْفَعَةُ الْأُذُنِ وَالشَّيْنُ ذَهَابُهَا قَرِيبًا مِنْ مَنْفَعَةِ الْيَدِ وَالشَّيْنُ ذَهَابُهَا، أَلَا تَرَى أَنَّ فِي الْأُنْمُلَةِ ثَلَاثًا مِنْ الْإِبِلِ وَثُلُثًا وَفِي الْمُوضِحَةِ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ وَفِي الْهَاشِمَةِ عَشْرٌ وَذَهَابُ الْأُنْمُلَةِ أَشْيَن وَأَضَرُّ مِنْ مُوضِحَةٍ وَهَاشِمَةٍ ومواضح وهواشم وَلَوْلَا مَا وَصَفْت كَانَ فِي الشَّيْنِ أَبَدًا مَا نَقَصَ الشَّيْنُ كَمَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي مَتَاعٍ جَنَى عَلَيْهِ فَنَقَصَ بِهِ بِعَيْبٍ دَخَلَهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا كُسِرَ عَظْمٌ مِنْ الْعِظَامِ، ثُمَّ جُبِرَ عَلَى غَيْرِ عَتَمٍ فَفِيهِ حُكُومَةٌ بِقَدْرِ أَلَمٍ أَوْ جُرْحٍ أَوْ ضَعْفٍ إنْ كَانَ فِيهِ وَإِنْ جُبِرَ عَلَى عَثْمٍ أَوْ شَيْنٍ غَيْرِ الْعَثْمِ فَفِيهِ حُكُومَةٌ عَلَى مَا وَصَفْت لَا يَبْلُغُ بِهَا دِيَةَ الْعَظْمِ لَوْ قُطِعَ، كَانَ بِكَسْرِ أُنْمُلَةٍ أَوْ بِكَسْرِ ذِرَاعٍ وَلَا يَبْلُغُ بِحُكُومَةِ شَيْنِ الْأُنْمُلَةِ أَرْشَ أُنْمُلَةٍ وَلَا بِحُكُومَةٍ لِلذِّرَاعِ أَرْشَ يَدٍ وَهَذَا هَكَذَا فِي الْفَخِذِ وَالسَّاقِ وَالْقَدَمِ وَالْأَنْفِ وَالْفَخِذِ، فَأَمَّا الضِّلَعُ إذَا كُسِرَ وَجُبِرَ فَلَا يَبْلُغُ بِهِ دِيَةَ جَائِفَةٍ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا فِيهِ أَنْ يَصِيرَ مِنْهُ الْجَائِفَةُ. .
الْتِقَاءُ الْفَارِسَيْنِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَإِذَا اصْطَدَمَ الرَّاكِبَانِ عَلَى أَيِّ دَابَّةٍ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَمَاتَا مَعًا فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ دِيَةِ صَاحِبِهِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَانٍ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى غَيْرِهِ وَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَاتَ مِنْ صَدْمَتِهِ وَصَدْمَةِ غَيْرِهِ فَتَبْطُلُ جِنَايَتُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَيُؤْخَذُ لَهُ جِنَايَةُ غَيْرِهِ كَمَا لَوْ جَرَحَ نَفْسَهُ وَجَرَحَهُ غَيْرُهُ كَانَ عَلَى الْجَارِحِ نِصْفُ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ مِنْ جِنَايَتِهِ وَجِنَايَةِ غَيْرِهِ وَهَكَذَا الْقَوْمُ يَرْمُونَ بِالْمَنْجَنِيقِ مَعًا فَيَرْجِعُ الْحَجَرُ عَلَيْهِمْ فَيَقْتُلُ مِنْهُمْ رَجُلًا فَإِنْ كَانُوا عَشْرَةً فَقَدْ مَاتَ مِنْ جِنَايَتِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَجِنَايَةِ التِّسْعَةِ مَعَ نَفْسِهِ عَلَيْهِ فَتُرْفَعُ حِصَّتُهُ مِنْ جِنَايَتِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَتُؤْخَذُ لَهُ جِنَايَةُ غَيْرِهِ عَلَيْهِ فَيُؤْخَذُ لِوَرَثَتِهِ تِسْعَةُ أَعْشَارِ دِيَتِهِ مِنْ الَّذِينَ رَمَوْا بِالْمَنْجَنِيقِ مَعَهُ مِنْ عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عُشْرُ دِيَتِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ أَحَدُ الرَّاكِبَيْنِ عَلَى فِيلٍ وَالْآخَرُ عَلَى كَبْشٍ أَوْ كَانَا عَلَى دَابَّتَيْنِ سَوَاءٌ وَمُتَفَاوِتَيْنِ وَإِنْ مَاتَتْ دَابَّتَاهُمَا ضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي مَالِهِ نِصْفَ قِيمَةِ دَابَّةِ صَاحِبِهِ وَلَوْ اصْطَدَمَ الْفَارِسُ وَالرَّاجِلُ كَانَا كَالْفَارِسَيْنِ يَصْطَدِمَانِ.
وَكَذَلِكَ الرَّاجِلَانِ يَصْطَدِمَانِ وَسَوَاءٌ كَانَا أَعْمَيَيْنِ أَوْ صَحِيحَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا أَعْمَى وَالْآخَرُ صَحِيحٌ يَضْمَنُ الْأَعْمَى مِنْ جِنَايَتِهِ مَا يَضْمَنُ الْبَصِيرُ وَسَوَاءٌ غَلَبَتْهُمَا دَابَّتَاهُمَا أَوْ غَلَبَتْ إحْدَاهُمَا أَوْ لَمْ تَغْلِبْهُمَا وَلَا وَاحِدًا مِنْهُمَا، وَكَذَلِكَ لَوْ تَقَهْقَرَتْ بِهِمَا دَابَّتَاهُمَا فَرَجَّعَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى عَقِبَيْهَا فَاصْطَدَمَا فَمَاتَا، أَوْ فَعَلَتْ هَذَا دَابَّةُ أَحَدِهِمَا وَكَانَ الْآخَرُ مُقْبِلًا عَلَى دَابَّتِهِ وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَبْدًا وَالْآخَرُ حُرًّا ضَمِنَتْ عَاقِلَةُ الْحُرِّ نِصْفَ قِيمَةِ الْعَبْدِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ وَكَانَ نِصْفُ دِيَةِ الْحُرِّ فِي عُنُقِ الْعَبْدِ فَإِنْ كَانَ فِي نِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ فَضْلٌ عَنْ نِصْفِ دِيَةِ حُرٍّ دُفِعَ إلَى سَيِّدِ الْعَبْدِ فَإِنْ كَانَ وَفَاءٌ فَهُوَ قِصَاصٌ وَلَا شَيْءَ لِسَيِّدِهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَقْصٌ أُقِصَّ بِقَدْرِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَى سَيِّدِ الْعَبْدِ (قَالَ الرَّبِيعُ) إذَا كَانَا حَيَّيْنِ فَأَمَّا إذَا مَاتَ الْعَبْدُ فَإِنَّ الْجِنَايَةَ فِي رَقَبَتِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَى سَيِّدِهِ وَعَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ تُؤْخَذُ مِنْ عَاقِلَةِ الْحُرِّ وَتُرَدُّ عَلَى وَرَثَةِ الْحُرِّ إنْ كَانَ مِثْلَ نِصْفِ دِيَتِهِ أَوْ أَقَلَّ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الْعَبْدِ تَقُومُ مَقَامَ بَدَنِهِ لَوْ كَانَ حَيًّا فَيُتْبَعُ بِالْجِنَايَةِ فَأَمَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute