فِي أَنَّهَا نِصْفُ مُوضِحَةٍ وَقَدْ نَشُكُّ فِي أَنْ تَكُونَ ثُلُثَيْنِ؛ لِأَنَّهَا تُشْبِهُ ذَلِكَ قِيلَ: فَهِيَ النِّصْفُ الَّذِي لَا تَشُكُّونَ فِيهِ وَلَا يُعْطَى مِنْهُ بِالشَّكِّ شَيْءٌ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا شَانَ الْوَجْهَ أَوْ الرَّأْسَ جُرْحٌ نُظِرَ فِي الْجُرْحِ كَمَا وَصَفْت وَنُظِرَ فِي الشَّيْنِ مَعَ الْجُرْحِ فَإِنْ كَانَ الشَّيْنُ أَكْثَرَ أَرْشًا مِنْ الْجُرْحِ أُخِذَ بِالشَّيْنِ وَإِنْ كَانَ الْجُرْحُ أَكْثَرَ أَرْشًا مِنْ الشَّيْنِ أُخِذَ بِالْجُرْحِ وَلَمْ يُزَدْ لِلشَّيْنِ شَيْءٌ وَإِنْ قِيلَ: الشَّيْنُ أَرْشُ مُوضِحَةٍ أَوْ أَكْثَرُ مِنْهُ نَقَصَ مِنْ مُوضِحَةٍ شَيْئًا مَا كَانَ الشَّيْنُ وَإِنَّمَا مَنَعَنِي أَنْ أَبْلُغَ بِهِ مُوضِحَةً أَنَّ الْمُوضِحَةَ لَوْ كَانَتْ فَشَانَتْ لَمْ يَزِدْ عَلَى أَرْشِ مُوضِحَةٍ، إذَا كَانَ الشَّيْنُ مَعَ مَا هُوَ أَقَلُّ مِنْ مُوضِحَةٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَبْلُغَ الشَّيْنُ مَعَ الْجُرْحِ دُونَ مُوضِحَةٍ أَرْشَ مُوضِحَةٍ، وَإِنْ كَانَ الضَّرْبُ لَمْ يَجْرَحْ وَبَقِيَ مِنْهُ شَيْنٌ فَهَكَذَا أَوَّلًا يُؤْخَذُ لِلشَّيْنِ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ شَيْنٌ لَا يَذْهَبُ بِحَالٍ أَوْ يَنَالُ اللَّحْمَ بِمَا يُحَشِّفُهُ أَوْ يُفَجِّرُ مِنْهُ شَيْئًا أَوْ يَجْرَحُهُ فَإِنْ جَرَحَهُ فِي الرَّأْسِ أَوْ الْوَجْهِ جُرْحًا دُونَ الْمُوضِحَةِ قِيلَ لِأَهْلِ الْبَصَرِ بِذَلِكَ قَدِّرُوا لِذَلِكَ بِقَدْرِهِ مِنْ الْمُوضِحَةِ وَاحْتَاطُوا فَإِنْ قُلْتُمْ لَا نَشُكُّ فِي أَنَّهَا نِصْفُ مُوضِحَةٍ وَقَدْ نَشُكُّ فِي أَنْ تَكُونَ ثُلُثَيْنِ؛ لِأَنَّهَا تُشْبِهُ ذَلِكَ قِيلَ فَهِيَ النِّصْفُ الَّذِي لَا تَشُكُّونَ فِيهِ وَلَا يُعْطَى مِنْهُ بِالشَّكِّ شَيْءٌ وَإِذَا كَانَ هَكَذَا أُخِذَ لَهُ أَرْشٌ وَإِنْ سَوَّدَ اللَّوْنَ أَوْ خَضَّرَهُ سَوَادًا يَبْقَى أَوْ خُضْرَةً كَذَلِكَ فَشَانَ الْوَجْهَ سُئِلَ أَهْلُ الْعِلْمِ فَإِنْ قَالُوا: صَارَ إلَى هَذَا بِمَوْتٍ مِنْ اللَّحْمِ أُخِذَ لِلشَّيْنِ فِيهِ أَرْشٌ وَإِنْ قَالُوا هَذَا مُشْكِلٌ وَإِنْ بَلَغَ مُدَّةَ كَذَا وَلَمْ يَذْهَبْ أَبَدًا تُرِكَ إلَى تِلْكَ الْمُدَّةِ فَإِنْ لَمْ يَذْهَبْ أُخِذَ لَهُ أَرْشٌ وَمَتَى أُخِذَ لَهُ شَيْءٌ مِمَّا وَصَفْت غَيْرُ أَثَرِ الْجُرْحِ الَّذِي يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَذْهَبُ أَرْشًا، ثُمَّ ذَهَبَ رَدَّ الْأَرْشَ الَّذِي أُخِذَ لَهُ وَمَا قُلْت مِنْ الْجِرَاحِ الَّتِي لَا قَدْرَ فِيهَا وَكَسْرِ الْعِظَامِ وَالشَّيْنِ سَوَاءٌ فِي الْحُرِّ وَالْحُرَّةِ وَالْمَمْلُوكِ وَالْمَمْلُوكَةِ وَالذِّمِّيِّ وَالذِّمِّيَّةِ يَقُومُ فِي دِيَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَا يَقُومُ فِي ثَمَنِ الْمَمْلُوكِ وَيُحَدُّ فِي دِيَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَحْرَارِ بِقَدْرِهَا، فَيُحَدُّ فِي دِيَةِ الْمَجُوسِيِّ بِقَدْرِ الْمُوضِحَةِ وَفِي دِيَةِ الْمَرْأَةِ بِقَدْرِ مُوضِحَتِهَا، وَكَذَلِكَ النَّصْرَانِيُّ وَالْيَهُودِيُّ، وَكَذَلِكَ الْحُرُّ فَيَكُونُ فِي مُوضِحَتِهِ وَمَا دُونَ مُوضِحَتِهِ بِقَدْرِ دِيَتِهِ كَانَ دِيَتُهُ ثَمَنًا لَهُ كَمَا تَكُونُ قِيمَةُ الْمَمْلُوكِ ثَمَنًا لَهُ، وَإِذَا كَانَ الْجُرْحُ فِي غَيْرِ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ فِي عُضْوٍ فِيهِ أَرْشٌ مَعْلُومٌ فَلَيْسَ فِي جُرْحِهِ إذَا الْتَأَمَ إلَّا قَدْرُ الشَّيْنِ الْبَاقِي بَعْدَ الْتِئَامِهِ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي جِرَاحِ الْجَسَدِ قَدْرٌ مَعْلُومٌ إلَّا الْجَائِفَةَ لِخَوْفِ تَلَفِهَا وَإِذَا بَلَغَ شَيْنُ الْجُرْحِ الَّذِي فِي الْعُضْوِ الَّذِي فِيهِ قَدْرٌ مَعْلُومٌ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ الْعُضْوِ نَقَصَتْ الْحُكُومَةُ عَلَى قَدْرِهِ، وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يُجْرَحَ فِي أُنْمُلَةٍ مِنْ أَطْرَافِ أَصَابِعِ يَدَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ أَوْ يَنْزِعُ لَهُ ظُفُرًا فَيَكُونُ أَرْشُ الشَّيْنِ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ دِيَةِ الْأُنْمُلَةِ فَلَا يَبْلُغُ بِهِ دِيَةَ أُنْمُلَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قُطِعَتْ أُنْمُلَتُهُ وَشَانَتْهُ لَمْ يَزِدْ عَلَى قَدْرِهَا فَلَا يَبْلُغُ بِمَا هُوَ دُونَهَا مِنْ شَيْنِهَا قَدْرَهَا وَلَوْ كَانَ الْجُرْحُ فِي وَسَطِ الْأَنَامِلِ أَوْ أَسَافِلِهَا وَكَانَ قَدْرُ شَيْنِهِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْشِ أُنْمُلَةٍ لَمْ يَبْلُغْ بِهِ أَرْشَ أُنْمُلَةٍ كَمَا وَصَفْت وَإِنْ كَانَ الْجُرْحُ فِي الْكَفِّ أَوْ الْقَدَمِ فَشَانَ بِأَكْثَرَ مِنْ أَرْشِ الْكَفِّ أَوْ الْقَدَمِ لَمْ يَبْلُغْ بِهِ أَرْشَ كَفٍّ وَلَا قَدَمٍ؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ قُطِعَتَا فَشَانَتَا لَمْ يَزِدْ عَلَى أَرْشِهِمَا بِالشَّيْنِ شَيْئًا فَلَا يَبْلُغُ بِمَا دُونَ قَطْعِهِمَا مِنْ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِمَا أَرْشَ قَطْعِهِمَا وَلَا شَلَلِهِمَا وَهَكَذَا إنْ كَانَ فِي الذِّرَاعِ أَوْ الْعَضُدِ أَوْ السَّاقِ أَوْ الْقَدَمِ لَمْ يَبْلُغْ بِشَيْنِهِ قَدْرَ دِيَةِ يَدٍ تَامَّةٍ وَلَا رِجْلٍ تَامَّةٍ وَلَوْ كَانَ الْجُرْحُ وَالشَّيْنُ أَوْ أَحَدُهُمَا فِي جَمِيعِ الْبَدَنِ كُلِّهِ كَانَ فِيهِ مَا شَانَ الْمَجْرُوحَ لَا يَبْلُغُ بِهِ دِيَةَ الْمَجْرُوحِ لِلشَّيْنِ إنْ كَانَ حُرًّا لَا قِيمَتَهُ إنْ كَانَ عَبْدًا؛ لِأَنَّ فِي قَطْعِ الْيَدَيْنِ الدِّيَةَ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَكَيْفَ حَدَّدْت فِي الشَّيْنِ الَّذِي تُوَارِيهِ الثِّيَابُ فَقُلْت يَبْلُغُ بِهِ مَا دُونَ الدِّيَةِ فَجَعَلْته فِي الْوَجْهِ الَّذِي يَبْدُو الشَّيْنُ فِيهِ أَقْبَحَ مَحْدُودًا بِمُوضِحَةٍ وَهِيَ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ؟ قُلْت: لِمَا وَصَفْت مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَبْلُغَ شَيْنٌ لَا جُرْحَ فِيهِ أَرْشَ جُرْحٍ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْمَوَاضِعِ لَا يَبْلُغُ بِمُوضِحَةٍ مَا أَبْلُغُ فِيهِ شَيْنَ مُوضِحَةٍ وَهِيَ أَكْثَرُ مِمَّا دُونَهَا فَحَدَّدْت لَوْ كَانَ فِي مَوْضِعِهَا أَقَلَّ مِنْهَا بِأَنْ لَا أَبْلُغَ بِهِ قَدْرَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَبْلُغَ بِهَا مَا لَمْ يَبْلُغْهَا مِنْ الشَّيْنِ، وَكَذَلِكَ قُلْت فِي كُلِّ جُرْحٍ وَشَيْنٍ بِعُضْوٍ لَهُ قَدْرٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute