النِّسَاءِ عَلَى مَنْ حَلَّ ثُمَّ حَرُمَ فَأَمَّا مَنْ لَمْ يَحِلَّ فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ تَحْرِيمٌ وَلَا حُكْمُ تَحْرِيمٍ لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ فَلَا مَعْنَى لِلتَّحْرِيمِ فِي التَّحْرِيمِ لِأَنَّهُ فِي الْحَالَيْنِ قَبْلَ التَّحْرِيمِ وَبَعْدَهُ مُحَرَّمٌ بِتَحْرِيمٍ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَيُرْوَى مِثْلُ مَعْنَى مَا قُلْت عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَغَيْرِهِمْ وَهُوَ الْقِيَاسُ.
وَإِذَا قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي يُرِيدُ طَلَاقًا وَاحِدًا أَوْ ثَلَاثًا أَوْ طَلَاقًا بِلَا نِيَّةِ عَدَدٍ لَمْ يَكُنْ طَلَاقًا لِمَا وَصَفْت مِنْ حُكْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الظِّهَارِ وَأَنْ بَيَّنَّا فِي حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّ لَيْسَ الظِّهَارُ اسْمَ الطَّلَاقِ وَلَا مَا يُشْبِهُ الطَّلَاقَ مِمَّا لَيْسَ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِيهِ نَصُّ حُكْمٍ وَلَا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا كَانَ خَارِجًا مِنْ هَذَا مِمَّا يُشْبِهُ الطَّلَاقَ فَإِنَّمَا يَكُونُ قِيَاسًا عَلَى الطَّلَاقِ إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ كَظَهْرِ أُمِّي يُرِيدُ الظِّهَارَ فَهِيَ طَالِقٌ وَلَا ظِهَارَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِالطَّلَاقِ وَلَمْ يَكُنْ لِكَظَهْرِ أُمِّي مَعْنًى إلَّا أَنَّك حَرَامٌ بِالطَّلَاقِ وَكَظَهْرِ أُمِّي مُحَالٌ لَا مَعْنَى لَهُ فَلَزِمَهُ الطَّلَاقُ وَسَقَطَ الظِّهَارُ وَهَكَذَا إنْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَظَهْرِ أُمِّي يُرِيدُ الطَّلَاقَ فَهُوَ طَلَاقٌ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ الطَّلَاقَ فَهُوَ مُتَظَاهِرٌ.
وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ قَالَ لِأُخْرَى مِنْ نِسَائِهِ قَدْ أَشْرَكْتُك مَعَهَا أَوْ أَنْتِ كَهِيَ أَوْ أَنْتِ شَرِيكَتُهَا أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا لَا يُرِيدُ بِهِ ظِهَارًا لَمْ يَلْزَمْهُ ظِهَارٌ لِأَنَّهَا تَكُونُ شَرِيكَتَهَا وَمَعَهَا وَمِثْلَهَا فِي أَنَّهَا زَوْجَةٌ لَهُ كَهِيَ وَعَاصِيَةٌ لَهُ كَهِيَ وَمُطِيعَةٌ لَهُ كَهِيَ وَمَا أَشْبَهَ هَذَا مِمَّا لَيْسَ بِظِهَارٍ (قَالَ): وَإِذَا تَظَاهَرَ الرَّجُلُ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ لَهُ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ بِكَلَامٍ مُتَفَرِّقٍ فَسَوَاءٌ وَعَلَيْهِ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ كَفَّارَةٌ لِأَنَّ التَّظَاهُرَ تَحْرِيمٌ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ لَا تَحِلُّ لَهُ بَعْدُ حَتَّى يُكَفِّرَ كَمَا يُطَلِّقُهُنَّ مَعًا فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ بِكَلَامٍ مُتَفَرِّقٍ فَسَوَاءٌ وَعَلَيْهِ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ كَفَّارَةٌ لِأَنَّ التَّظَاهُرَ تَحْرِيمٌ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ لَا تَحِلُّ لَهُ بَعْدُ حَتَّى يُكَفِّرَ كَمَا يُطَلِّقُهُنَّ مَعًا فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ كَلَامٍ مُتَفَرِّقٍ فَتَكُونُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ طَالِقًا.
وَإِذَا تَظَاهَرَ الرَّجُلُ مِنْ امْرَأَتِهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ أَكْثَرَ يُرِيدُ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ ظِهَارًا غَيْرَ صَاحِبِهِ قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ فَعَلَيْهِ فِي كُلِّ تَظَاهُرٍ كَفَّارَةٌ كَمَا يَكُونُ عَلَيْهِ فِي كُلِّ تَطْلِيقَةٍ تَطْلِيقَةٌ لِأَنَّ التَّظَاهُرَ طَلَاقٌ جُعِلَ الْمَخْرَجُ مِنْهُ كَفَّارَةً.
وَلَوْ قَالَهَا مُتَتَابِعَةً فَقَالَ أَرَدْت ظِهَارًا وَاحِدًا كَانَ وَاحِدًا كَمَا يَكُونُ لَوْ أَرَادَ طَلَاقًا وَاحِدًا وَإِبَانَةً بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ.
وَإِذَا تَظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ ثُمَّ كَفَّرَ ثُمَّ تَظَاهَرَ مِنْهَا مَرَّةً أُخْرَى كَفَّرَ مَرَّةً أُخْرَى وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إذَا تَظَاهَرْت مِنْ فُلَانَةَ امْرَأَةٍ لَهُ أُخْرَى فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَتَظَاهَرَ مِنْهَا كَانَ مِنْ امْرَأَتِهِ الَّتِي قَالَ لَهَا ذَلِكَ مُتَظَاهِرًا وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إذَا تَظَاهَرْت مِنْ فُلَانَةَ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَتَظَاهَرَ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ظِهَارٌ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِظِهَارٍ.
وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهَا إذَا طَلَّقْتهَا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَطَلَّقَهَا لَمْ تَكُنْ امْرَأَتُهُ طَالِقًا لِأَنَّهُ طَلَّقَ غَيْرَ زَوْجَتِهِ (قَالَ): وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي كَأُمِّي أَوْ أَنْتِ مِثْلُ أُمِّي أَوْ أَنْتِ عَدْلُ أُمِّي وَأَرَادَ فِي الْكَرَامَةِ فَلَا ظِهَارَ وَإِنْ أَرَادَ ظِهَارًا فَهُوَ ظِهَارٌ وَإِنْ قَالَ لَا نِيَّةَ لِي فَلَيْسَ بِظِهَارٍ.
مَتَى نُوجِبُ عَلَى الْمُظَاهِرِ الْكَفَّارَةَ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} الْآيَةَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): الَّذِي عَلَّقْت مِمَّا سَمِعْت فِي {يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} أَنَّ الْمُتَظَاهِرَ حَرُمَ عَلَيْهِ مَسُّ امْرَأَتِهِ بِالظِّهَارِ فَإِذَا أَتَتْ عَلَيْهِ مُدَّةٌ بَعْدَ الْقَوْلِ بِالظِّهَارِ لَمْ يَحْرُمْهَا بِالطَّلَاقِ الَّذِي يَحْرُمُ بِهِ وَلَا شَيْءَ يَكُونُ لَهُ مَخْرَجٌ مِنْ أَنْ تَحْرُمَ عَلَيْهِ بِهِ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ كَأَنَّهُمْ يَذْهَبُونَ إلَى أَنَّهُ إذَا أَمْسَكَ مَا حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ حَلَالٌ فَقَدْ عَادَ لِمَا قَالَ فَخَالَفَهُ فَأَحَلَّ مَا حَرَّمَ.
وَلَا أَعْلَمُ لَهُ مَعْنًى أَوْلَى بِهِ مِنْ هَذَا وَلَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا فِي أَنَّ عَلَيْهِ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ وَإِنْ لَمْ يَعُدْ بِتَظَاهُرٍ آخَرَ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَالَ لِمَا لَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا فِي أَنَّهُ لَيْسَ بِمَعْنَى الْآيَةِ.
وَإِذَا حَبَسَ الْمُتَظَاهِرُ امْرَأَتَهُ بَعْدَ الظِّهَارِ قَدْرَ مَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَلَمْ