للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظَهَرَ عَلَيْهَا الْمُسْلِمُونَ فَقَالَ هِيَ وَأَوْلَادُهَا لِمَالِكِهَا؟ فَقُلْت: فَإِنْ أَسْلَمُوا عَلَيْهَا؟ قَالَ: تُدْفَعُ الْجَارِيَةُ إلَى مَالِكِهَا وَيَأْخُذُ مِمَّنْ وَطِئَهَا عَقْرُهَا وَقِيمَةُ أَوْلَادِهَا يَوْمَ سَقَطُوا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا حَاتِمٌ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ أَنَّ نَجْدَةَ كَتَبَ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْأَلْهُ عَنْ خِلَالٍ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إنَّ نَاسًا يَقُولُونَ: إنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ يُكَاتِبُ الْحَرُورِيَّةَ وَلَوْلَا أَنِّي أَخَافُ أَنْ أَكْتُمَ عِلْمًا لَمْ أَكْتُبْ إلَيْهِ فَكَتَبَ نَجْدَةُ إلَيْهِ أَمَّا بَعْدُ أَخْبِرْنِي هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَغْزُو بِالنِّسَاءِ وَهَلْ كَانَ يَضْرِبُ لَهُنَّ بِسَهْمٍ وَهَلْ كَانَ يَقْتُلُ الصِّبْيَانَ وَمَتَى يَنْقَضِي يُتْمُ الْيَتِيمِ وَعَنْ الْخُمُسِ لِمَنْ هُوَ؟ فَكَتَبَ إلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ " إنَّك كَتَبْت تَسْأَلُنِي هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَغْزُو بِالنِّسَاءِ وَقَدْ كَانَ يَغْزُو بِهِنَّ فَيُدَاوِينَ الْمَرْضَى وَيَحْذِينَ مِنْ الْغَنِيمَةِ وَأَمَّا السَّهْمُ فَلَمْ يَضْرِبْ لَهُنَّ بِسَهْمٍ وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَقْتُلْ الْوِلْدَانَ فَلَا تَقْتُلْهُمْ إلَّا أَنْ تَكُونَ تَعْلَمَ مِنْهُمْ مَا عَلِمَ الْخَضِرُ مِنْ الصَّبِيِّ الَّذِي قَتَلَهُ فَتُمَيِّزَ بَيْنَ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ فَتَقْتُلَ الْكَافِرَ وَتَدَعَ الْمُؤْمِنَ وَكَتَبْت مَتَى يَنْقَضِي يُتْمُ الْيَتِيمِ وَلَعَمْرِي إنَّ الرَّجُلَ لَتَشِيبُ لِحْيَتُهُ وَإِنَّهُ لَضَعِيفُ الْأَخْذِ ضَعِيفُ الْإِعْطَاءِ فَإِذَا أَخَذَ لِنَفْسِهِ مِنْ صَالِحِ مَا يَأْخُذُ النَّاسُ فَقَدْ ذَهَبَ عَنْهُ الْيُتْمُ وَكَتَبْت تَسْأَلُنِي عَنْ الْخُمُسِ وَإِنَّا كُنَّا نَقُولُ هُوَ لَنَا فَأَبَى ذَلِكَ عَلَيْنَا قَوْمُنَا فَصَبْرِنَا عَلَيْهِ.

سَأَلْت الشَّافِعِيَّ عَنْ الْمُسْلِمِينَ إذَا غَزَوْا أَهْلَ الْحَرْبِ هَلْ يُكْرَهُ لَهُمْ أَنْ يَقْطَعُوا الشَّجَرَ الْمُثْمِرَ وَيُخَرِّبُوا مَنَازِلَهُمْ وَمَدَائِنَهُمْ وَيُغْرِقُوهَا وَيُحَرِّقُوهَا وَيُخَرِّبُوا مَا قَدَرُوا عَلَيْهِ مِنْ ثِمَارِهِمْ وَشَجَرِهِمْ وَتُؤْخَذُ أَمْتِعَتُهُمْ؟ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): كُلُّ مَا كَانَ مِمَّا يَمْلِكُوا لَا رُوحَ لَهُ فَإِتْلَافُهُ مُبَاحٌ بِكُلِّ وَجْهٍ وَكُلُّ مَا زَعَمْت أَنَّهُ مُبَاحٌ فَحَلَالٌ لِلْمُسْلِمِينَ فِعْلُهُ وَغَيْرُ مُحَرَّمٍ عَلَيْهِمْ تَرْكُهُ وَأُحِبُّ إذَا غَزَا الْمُسْلِمُونَ بِلَادَ دَارِ الْحَرْبِ وَكَانَتْ غُزَاتُهُمْ غَارَةً أَوْ كَانَ عَدُوُّهُمْ كَثِيرًا وَمُتَحَصِّنًا مُمْتَنِعًا لَا يُغْلَبُ عَلَيْهِمْ أَنْ تَصِيرَ دَارُهُمْ دَارَ الْإِسْلَامِ وَلَا دَارَ عَهْدٍ يَجْرِي عَلَيْهَا الْحُكْمُ أَنْ يَقْطَعُوا وَيُحَرِّقُوا وَيُخَرِّبُوا مَا قَدَرُوا عَلَيْهِ مِنْ ثِمَارِهِمْ وَشَجَرِهِمْ وَيُؤْخَذُ مَتَاعُهُمْ وَمَا كَانَ يُحْمَلُ مِنْ خَفِيفِ مَتَاعِهِمْ فَقَدَرُوا عَلَيْهِ اخْتَرْت أَنْ يَغْنَمُوهُ وَمَا لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ حَرَّقُوهُ وَغَرَّقُوهُ وَإِذَا كَانَ الْأَغْلَبُ عَلَيْهِمْ أَنَّهَا سَتَصِيرُ دَارَ الْإِسْلَامِ أَوْ دَارَ عَهْدٍ يَجْرِي عَلَيْهِمْ الْحُكْمُ اخْتَرْت لَهُمْ الْكَفَّ عَنْ أَمْوَالِهِمْ لِيَغْنَمُوهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ تَحْرِيقُهَا وَلَا تَخْرِيبُهَا حَتَّى يَصِيرُوا مُسْلِمِينَ أَوْ ذِمَّةً أَوْ يَصِيرَ مِنْهَا فِي أَيْدِيهِمْ شَيْءٌ مِمَّا يُحْمَلُ فَيُنْقَلُ فَلَا يَحِلُّ تَحْرِيقُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ صَارَ لِلْمُسْلِمِينَ وَيُحَرِّقُوا مَا سِوَاهُ مِمَّا لَا يُحْمَلُ وَإِنَّمَا زَعَمْت أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ تَحْرِيقُ شَجَرِهِمْ وَعَامِرِهِمْ وَإِنْ طَمِعَ بِهِمْ لِأَنَّهُ قَدْ يَطْمَعُ بِالْقَوْمِ ثُمَّ يَكُونُ الْأَمْرُ عَلَى غَيْرِ مَا عَلَيْهِ الطَّمَعُ وَإِنَّهَا حُرِّقَتْ وَلَمْ يُحْرِزْهَا الْمُسْلِمُونَ وَإِنَّمَا زَعَمْت أَنَّ لَهُمْ الْكَفَّ عَنْ تَحْرِيقِهَا لِأَنَّ هَكَذَا أَصْلُ الْمُبَاحِ وَقَدْ حَرَّقَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى قَوْمٍ وَلَمْ يُحَرِّقْ عَلَى آخَرِينَ وَإِنْ حَمَلَ الْمُسْلِمُونَ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَلَمْ يَقْتَسِمُوهُ حَتَّى أَدْرَكَهُمْ عَدُوٌّ وَخَافُوا غَلَبَتَهُمْ عَلَيْهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُحَرِّقُوهُ بِأَنْ أَجْمَعُوا عَلَى ذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَوْ اقْتَسَمُوهُ لَمْ أَرَ بَأْسًا عَلَى أَحَدٍ صَارَ فِي يَدِهِ أَنْ يُحَرِّقَهُ وَإِنْ كَانُوا يَرْجُونَ مَنْعَهُ لَمْ أُحِبَّ أَنْ يُعَجِّلُوا بِتَحْرِيقِهِ وَالْبَيْضُ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ فِرَاخٌ مِنْ غَيْرِ ذَوَاتِ الْأَرْوَاحِ بِمَعْنَى الْكُفَّارِ وَمَا ذَبَحُوا مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْوَاحِ حَتَّى زَايَلَهُ الرُّوحُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَا رُوحَ لَهُ فَيُحْرَقُ كُلُّهُ إنْ أَدْرَكَهُمْ الْعَدُوُّ فِي بِلَادِ الْمُشْرِكِينَ عَلَى مَا وَصَفْت إنْ شَاءُوا ذَلِكَ وَإِنْ شَاءُوا تَرَكُوهُ فَأَمَّا ذَوَاتُ الْأَرْوَاحِ مِنْ الْخَيْلِ وَالْبَقَرِ وَالنَّحْلِ وَغَيْرِهَا فَلَا تُحْرَقُ وَلَا تُعْقَرُ وَلَا تُغْرَقُ إلَّا بِمَا يَحِلُّ بِهِ ذَبْحُهَا أَوْ فِي مَوْضِعِ ضَرُورَةٍ فَقُلْت كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ سُنَّةُ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي بَنِي النَّضِيرِ حِينَ حَارَبَهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>