فَأَنْتَ حُرٌّ، وَهَكَذَا إنْ قَالَ لَهُ: أَعْطِنِي مِائَةَ دِينَارٍ وَأَنْتَ حُرٌّ فَإِنْ أَعْطَاهُ إيَّاهَا فَهُوَ حُرٌّ، وَإِنْ أَرَادَ بَيْعَهُ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَهُ إيَّاهَا فَذَلِكَ لَهُ وَلَا يَكُونُ شَيْءٌ مِنْ هَذَا كِتَابَةً، إنَّمَا الْكِتَابَةُ النُّجُومُ بَعْضُهَا بَعْدَ بَعْضٍ وَلَوْ كَاتَبَهُ عَلَى أَنْ ضَمِنَ لَهُ بِنَاءَ دَارٍ وَيُحَاطُ بِصِفَةِ بِنَائِهَا عَلَيْهِ عِمَارَتُهَا حَتَّى يُوَفِّيَهُ إيَّاهَا قَائِمَةً عَلَى صِفَتِهِ وَسَمَّى مَعَهَا دَنَانِيرَ يُعْطِيه إيَّاهَا قَبْلَهَا، أَوْ بَعْدَهَا كَانَ هَذَا جَائِزًا؛ لِأَنَّ هَذَا ضَمَانُ عَمَلٍ عَمِلَهُ بَعْدَهُ، أَوْ لَمْ يَعْمَلْهُ يُكَلَّفُ كَمَا يُكَلَّفُ الْمَالَ وَمَعَهُ نَجْمٌ غَيْرُهُ، وَكَذَلِكَ إنْ كَاتَبَهُ عَلَى ضَمَانِ بِنَاءِ دَارَيْنِ يَبْنِي إحْدَاهُمَا فِي وَقْتِ كَذَا وَالْأُخْرَى فِي وَقْتِ كَذَا كَانَتْ هَذِهِ كِتَابَةً جَائِزَةً، وَلَيْسَ هَذَا كَالْعَمَلِ بِيَدِهِ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَهُوَ إذَا كَاتَبَهُ، أَوْ اسْتَأْجَرَ حُرًّا عَلَى أَنْ يَعْمَلَ بِيَدِهِ لَمْ يُكَلَّفْ أَنْ يَأْتِيَ بِغَيْرِهِ يَعْمَلُ لَهُ وَإِذَا ضَمِنَ عَمَلًا كُلِّفَ أَنْ يُوَفِّيَهُ إيَّاهُ بِنَفْسِهِ، أَوْ غَيْرِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
الْكِتَابَةُ عَلَى الْبَيْعِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا عَقَدَ الرَّجُلُ كِتَابَةَ عَبْدِهِ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ مُنَجَّمَةٍ فِي عَشْرِ سِنِينَ عَلَى أَنْ بَاعَهُ السَّيِّدُ عَبْدًا لَهُ مَعْرُوفًا فَالْكِتَابَةُ فَاسِدَةٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْبَيْعَ مَعَهَا وَهَكَذَا لَوْ كَاتَبَهُ عَلَى مِائَةٍ عَلَى أَنْ يَهَبَ لَهُ الرَّجُلُ عَبْدًا كَانَتْ الْكِتَابَةُ فَاسِدَةً، وَكَانَ هَذَا كَالْبَيْعِ وَلَا يُشْبِهُ هَذَا أَنْ يُكَاتِبَهُ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ لَهُ الْمُكَاتَبُ عَمَلًا، فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ شَيْءٌ يُعْطِيه إيَّاهُ الْمُكَاتَبُ مِنْ الْكِتَابَةِ كَكِتَابَتِهِ عَلَى دَنَانِيرَ وَعَبْدٍ وَمَاشِيَةٍ، وَهَذَا بَيْعٌ وَكِتَابَةٌ وَالْبَيْعُ لَازِمٌ لَا يُشْبِهُ الْكِتَابَةَ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَا تَلْزَمُ الْعَبْدَ لُزُومَ الدَّيْنِ الْكِتَابَةُ مَتَى شَاءَ الْعَبْدُ تَرَكَهَا وَفِيهِ أَنْ كَانَ لِثَمَنِ الْعَبْدِ حِصَّةٌ مِنْ الْكِتَابَةِ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ وَغَيْرُ لَازِمَةٍ لِكُلِّ حَالٍ وَلِلْكِتَابَةِ حِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ؛ لِأَنَّ لَهَا مِنْ ثَمَنِ الْعَبْدِ نَصِيبًا فَلَمْ يَجُزْ مِنْ جَمِيعِ هَذِهِ الْجِهَاتِ وَلَوْ كَانَ فِي يَدَيْ عَبْدٍ عَبْدٌ فَكَاتَبَهُ سَيِّدُهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ مُنَجِّمَةٍ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ ذَلِكَ الْعَبْدَ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ لَمْ تَجُزْ الْكِتَابَةُ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لَمَّا بَاعَهُ الْعَبْدَ عَلَى أَنْ يُكَاتِبَهُ كَانَ الْعَبْدُ مَالًا مِنْ مَالِ السَّيِّدِ لَا يَجُوزُ لَهُ شِرَاؤُهُ وَلَوْ أَبْطَلْت عَلَى السَّيِّدِ ثَمَنَهُ، كَمَا كُنْت مُبْطِلَهُ لَوْ اشْتَرَاهُ بِلَا شَرْطٍ كِتَابَةً كُنْت زِدْت عَلَى الْمُكَاتَبِ فِي كِتَابَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ أَنْ يُكَاتِبَ عَلَى مِائَةٍ إلَّا وَلَهُ عَلَى السَّيِّدِ عَشَرَةٌ وَلَوْ أَثْبَتَ ثَمَنَهُ عَلَى السَّيِّدِ كُنْت قَدْ أَثْبَتّ عَلَيْهِ أَنْ اشْتَرَى مَالَهُ بِمَالِهِ، وَهَذَا مِمَّا لَا يَثْبُتُ عَلَيْهِ بِحَالٍ وَلَوْ كَانَ كَاتَبَهُ كِتَابَةً صَحِيحَةً، ثُمَّ اشْتَرَى السَّيِّدُ مِنْ مُكَاتَبِهِ وَالْمُكَاتَبُ مِنْ سَيِّدِهِ كَانَ الشِّرَاءُ جَائِزًا لِأَنَّ السَّيِّدَ حِينَئِذٍ مَمْنُوعٌ مِنْ مَالِ مُكَاتَبِهِ وَلَيْسَ بِمَمْنُوعٍ مِنْ مَالِ عَبْدِهِ قَبْلَ الْكِتَابَةِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْعَبْدَ يُكَاتِبُ سَيِّدَهُ فَيَأْخُذُ سَيِّدُهُ مَا كَانَ بِيَدِهِ مِنْ الْمَالِ قَبْلَ الْكِتَابَةِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ. وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
، كِتَابَةُ الْعَبِيدِ كِتَابَةٌ وَاحِدَةٌ صَحِيحَةٌ
(أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ): قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قَالَ عَطَاءٌ: إنْ كَاتَبْت عَبْدًا لَك وَلَهُ بَنُونَ يَوْمئِذٍ فَكَاتَبَك عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَيْهِمْ فَمَاتَ أَبُوهُمْ، أَوْ مَاتَ مِنْهُمْ مَيِّتٌ، فَقِيمَتُهُ يَوْمَ يَمُوتُ تُوضَعُ مِنْ الْكِتَابَةِ وَإِنْ أَعْتَقْته، أَوْ بَعْضَ بَنِيهِ فَكَذَلِكَ، وَقَالَهَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَهَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى كَمَا قَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَعَطَاءٌ إذَا كَانَ الْبَنُونَ كِبَارًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute