للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أُمِرَ بِهِ وَإِنْ انْعَقَدَتْ بِغَيْرِ كَمَالِ مَا أُمِرَ بِهِ فَهِيَ فَاسِدَةٌ قُلْنَا لَك فَأَيُّهُمَا أَوْلَى أَنْ يَفْسُدَ الْعُقْدَةَ الَّتِي انْعَقَدَتْ بِغَيْرِ مَا أُمِرَ بِهِ أَوْ الْعُقْدَةُ الَّتِي انْعَقَدَتْ بِمَا نُهِيَ عَنْهُ وَالْعُقْدَةُ الَّتِي تُعْقَدُ بِمَا نُهِيَ عَنْهُ تَجْمَعُ النَّهْيَ وَخِلَافَ الْأَمْرِ؟ قَالَ كُلٌّ سَوَاءٌ قُلْت وَإِنْ كَانَا سَوَاءً لَمْ يَكُنْ لَك أَنْ تُجِيزَ وَاحِدَةً وَتَرُدَّ مِثْلَهَا أَوْ أَوْكَدَ وَإِنَّ مِنْ النَّاسِ لَمَنْ يَزْعُمُ أَنَّ النِّكَاحَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ جَائِزٌ غَيْرُ مَكْرُوهٍ كَالْبُيُوعِ وَمَا مِنْ النَّاسِ أَحَدٌ إلَّا يَكْرَهُ الشِّغَارَ وَيُنْهِي عَنْهُ وَأَكْثَرُهُمْ يَكْرَهُ الْمُتْعَةَ وَيُنْهِي عَنْهَا وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ يُرْجَمُ فِيهَا مَنْ يَنْكِحُهَا وَقَدْ «نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ» أَفَرَأَيْت لَوْ تَبَايَعَ رَجُلَانِ بِطَعَامٍ قَبْلَ أَنْ يَقْبِض ثُمَّ تَقَابَضَا فَذَهَبَ الْغَرَرُ أَيَجُوزُ؟ قَالَ: لَا لِأَنَّ الْعُقْدَةَ انْعَقَدَتْ فَاسِدَةً مَنْهِيًّا عَنْهَا قُلْت وَكَذَلِكَ إذَا نُهِيَ عَنْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ وَتَبَايَعَا أَيَتِمُّ الْبَيْعُ وَيُرَدُّ السَّلَفُ لَوْ رُفِعَا إلَيْك؟ قَالَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْعُقْدَةَ انْعَقَدَتْ فَاسِدَةً.

قِيلَ: وَمَا فَسَادُهَا وَقَدْ ذَهَبَ الْمَكْرُوهُ مِنْهَا؟ قَالَ انْعَقَدَتْ بِأَمْرٍ مَنْهِيٍّ عَنْهُ.

قُلْنَا: وَهَكَذَا أَفْعَلُ فِي كُلِّ أَمْرٍ يُنْهَى عَنْهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي إفْسَادِ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ إلَّا الْقِيَاسُ انْبَغَى أَنْ يَفْسُدَ مِنْ قِبَلِ أَنَّهَا إذَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا يَوْمَيْنِ كُنْت قَدْ زَوَّجْت كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا لَمْ يُزَوِّجْ نَفْسَهُ وَأَبَحْت لَهُ مَا لَمْ يُبِحْ لِنَفْسِهِ قَالَ فَكَيْفَ تُفْسِدُهُ؟ قُلْت لَمَّا كَانَ الْمُسْلِمُونَ لَا يُجِيزُونَ أَنْ يَكُونَ النِّكَاحُ إلَّا عَلَى الْأَبَدِ حَتَّى يَحْدُثَ فُرْقَةٌ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَحِلَّ يَوْمَيْنِ وَيَحْرُمَ أَكْثَرَ مِنْهُمَا وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَحِلَّ فِي أَيَّامٍ لَمْ يَنْكِحْهَا فَكَانَ النِّكَاحُ فَاسِدًا.

نِكَاحُ الْمُحْرِمِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ نَبِيهِ بْنِ وَهْبٍ أَخِي بَنِي عَبْدِ الدَّارِ أَخْبَرَهُ «أَنَّ عُمَرَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ أَرْسَلَ إلَى أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ وَأَبَانُ يَوْمئِذٍ أَمِيرُ الْحَاجِّ وَهُمَا مُحْرِمَانِ: إنِّي قَدْ أَرَدْت أَنْ أُنْكِحَ طَلْحَةَ بْنَ عُمَرَ بِنْتَ شَيْبَةَ بْنِ جُبَيْرٍ وَأَرَدْت أَنْ تَحْضُرَ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ أَبَانُ وَقَالَ سَمِعْت عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكَحُ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ) أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى عَنْ نَبِيهِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ أَظُنُّهُ عَنْ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلَ مَعْنَاهُ (أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ) قَالَ (أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ) قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ حَلَالٌ» (أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ) قَالَ (أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ) قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ أَبَا رَافِعٍ مَوْلَاهُ وَرَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ فَزَوَّجَاهُ مَيْمُونَةَ ابْنَةَ الْحَارِثِ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَدِينَةِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ» (أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ) قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ «مَا نَكَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَيْمُونَةَ إلَّا وَهُوَ حَلَالٌ» (أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ) قَالَ (أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ) قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ دَاوُد بْنِ الْحُصَيْنِ أَنَّ أَبَا غَطَفَانَ بْنَ طَرِيفٍ الْمُرِّيُّ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ طَرِيفًا تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَهُوَ مُحْرِمٌ فَرَدَّ عُمَرُ نِكَاحَهُ.

(أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ) قَالَ (أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ) قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكَحُ وَلَا يَخْطُبُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا عَلَى غَيْرِهِ.

(أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ) قَالَ (أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ) قَالَ أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ قُدَامَةَ بْنِ مُوسَى عَنْ شَوْذَبٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ رَدَّ نِكَاحَ مُحْرِمٍ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَبِهَذَا كُلِّهِ نَأْخُذُ فَإِذَا نَكَحَ الْمُحْرِمُ أَوْ أَنْكَحَ غَيْرَهُ فَنِكَاحُهُ مَفْسُوخٌ وَلِلْمُحْرِمِ أَنْ يُرَاجِعَ امْرَأَتَهُ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ قَدْ ثَبَتَتْ بِابْتِدَاءِ النِّكَاحِ وَلَيْسَتْ بِالنِّكَاحِ إنَّمَا هِيَ شَيْءٌ لَهُ فِي نِكَاحٍ كَانَ وَهُوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ وَكَذَلِكَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْأَمَةَ لِلْوَطْءِ وَغَيْرِهِ وَبِهَذَا نَقُولُ فَإِنْ نَكَحَ الْمُحْرِمُ فَنِكَاحُهُ مَفْسُوخٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>