للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَحْرِيمُ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ

قَالَ الرَّبِيعُ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ، وَمَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي إدْرِيسَ عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ». أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ عَنْ عُبَيْدَةَ بْنِ سُفْيَانَ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «أَكْلُ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ حَرَامٌ».

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَبِهَذَا نَقُولُ (قَالَ الرَّبِيعُ) قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إنَّمَا يَحْرُمُ كُلُّ ذِي نَابٍ يَعْدُو بِنَابِهِ.

الْخِلَافُ وَالْمُوَافَقَةُ فِي أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ وَتَفْسِيرُهُ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ لِي بَعْضُ مَنْ يُوَافِقُنَا فِي تَحْرِيمِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ مَا لِكُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ لَا تُحَرِّمُهُ دُونَ مَا خَرَجَ مِنْ هَذِهِ الصِّفَةِ؟ قُلْت لَهُ الْعِلْمُ يُحِيطُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا قَصَدَ قَصَدَ أَنْ يُحَرِّمَ مِنْ السِّبَاعِ مَوْصُوفًا. فَإِنَّمَا قَصَدَ قَصْدَ تَحْرِيمِ بَعْضِ السِّبَاعِ دُونَ بَعْضِ السِّبَاعِ، كَمَا لَوْ قُلْت قَدْ أَوْصَيْت لِكُلِّ شَابٍّ بِمَكَّةَ أَوْ لِكُلِّ شَيْخٍ بِمَكَّةَ. أَوْ لِكُلِّ حَسَنِ الْوَجْهِ بِمَكَّةَ، كُنْت قَدْ قَصَدْت بِالْوَصِيَّةِ قَصْدَ صِفَةٍ دُونَ صِفَةٍ. وَأَخْرَجْت مِنْ الْوَصِيَّةِ مَنْ لَمْ تَصِفْ أَنَّ لَهُ وَصِيَّتَك. قَالَ: أَجَلْ. وَلَوْلَا أَنَّهُ خَصَّ تَحْرِيمَ السِّبَاعِ. لَكَانَ أَجْمَعَ وَأَقْرَبَ. وَلَكِنَّهُ خَصَّ بَعْضًا دُونَ بَعْضٍ بِالتَّحْرِيمِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَقُلْت لَهُ: هَذِهِ الْمَنْزِلَةُ الْأُولَى مِنْ عِلْمِ تَحْرِيمِ كُلِّ ذِي نَابٍ. فَسَلْ عَنْ الثَّانِيَةِ. قَالَ: هَلْ مِنْهَا شَيْءٌ مَخْلُوقٌ لَهُ نَابٌ وَشَيْءٌ مَخْلُوقٌ لَا نَابَ لَهُ؟ قُلْت: مَا عَلِمْته، قَالَ: فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَخْتَلِفُ. فَتَكُونُ الْأَنْيَابُ لِبَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ. فَكَيْفَ الْقَوْلُ فِيهَا؟ قُلْت: لَا مَعْنَى فِي خَلْقِ الْأَنْيَابِ فِي تَحْلِيلٍ وَلَا تَحْرِيمٍ. لِأَنِّي لَا أَجِدُ إذَا كَانَتْ فِي خَلْقِ الْأَنْيَابِ سَوَاءً شَيْئًا أَنْفِيه خَارِجًا مِنْ التَّحْرِيمِ. وَلَا بُدَّ مِنْ إخْرَاجِ بَعْضِهَا مِنْ التَّحْرِيمِ إذَا كَانَ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إخْرَاجُهُ. قَالَ: أَجَلْ. هَذَا كَمَا وَصَفْت. وَلَكِنْ مَا أَرَدْت بِهَذَا؟ قُلْت: أَرَدْت أَنْ يَذْهَبَ غَلَطُك إلَى أَنَّ التَّحْرِيمَ وَالتَّحْلِيلَ فِي خَلْقِ الْأَنْيَابِ. قَالَ: فَفِيمَ؟ قُلْت: فِي مَعْنَاهُ دُونَ خَلْقِهِ. فَسَلْ عَنْ النَّابِ الَّذِي هُوَ غَايَةُ عِلْمِ كُلِّ ذِي نَابٍ. قَالَ: فَاذْكُرْهُ أَنْتَ، قُلْت: كُلُّ مَا كَانَ يَعْدُو مِنْهَا عَلَى النَّاسِ بِقُوَّةٍ وَمُكَابَرَةٍ فِي نَفْسِهِ بِنَابِهِ. دُونَ مَا لَا يَعْدُو. قَالَ: وَمِنْهَا مَا لَا يَعْدُو عَلَى النَّاسِ بِمُكَابَرَةٍ دُونَ غَيْرِهِ مِنْهَا؟ قُلْت: نَعَمْ. قَالَ: فَاذْكُرْ مَا يَعْدُو. قُلْت: يَعْدُو الْأَسَدُ وَالنَّمِرُ وَالذِّئْبُ. قَالَ: فَاذْكُرْ مَا لَا يَعْدُو مُكَابَرَةً عَلَى النَّاسِ. قُلْت الضَّبُعُ وَالثَّعْلَبُ وَمَا أَشْبَهَهُ. قَالَ: فَلَا مَعْنَى لَهُ غَيْرُ مَا وَصَفْت؟ قُلْت: وَهَذَا الْمَعْنَى الثَّانِي. وَإِنْ كَانَتْ كُلُّهَا مَخْلُوقٌ لَهُ نَابٌ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَقُلْت لَهُ: سَأَزِيدُك فِي تَبْيِينِهِ. قَالَ: مَا أَحْتَاجُ بَعْدَمَا وَصَفْت إلَى زِيَادَةٍ. وَلَقَلَّمَا يُمْكِنُ إيضَاحُ شَيْءٍ إمْكَانَ هَذَا قُلْت: أُوَضِّحُهُ لَك وَلِغَيْرِك مِمَّنْ لَمْ يَفْهَمْ مِنْهُ مَا فَهِمْت أَوْ أُفْهِمُهُ فَذَهَبَ إلَى غَيْرِهِ. قَالَ: فَاذْكُرْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>