يَنْكِحَهَا بِلَا مَهْرٍ ثُمَّ يُطَلِّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَيَكُونَ لَهَا الْمُتْعَةُ وَذَلِكَ الْمَوْضِعُ الَّذِي أَخْرَجَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ الزَّوْجَ مِنْ نِصْفِ الْمَهْرِ الْمُسَمَّى إذَا طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ كُلُّ زَوْجَةٍ حُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ أَوْ ذِمِّيَّةٍ وَأَمَةٍ مُسْلِمَةٍ وَمُدَبَّرَةٍ وَمُكَاتَبَةٍ وَكُلُّ مَنْ لَمْ يَكْمُلُ فِيهِ الْعِتْقُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} فَجَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى الْفَرْضَ فِي ذَلِكَ إلَى الْأَزْوَاجِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ بِرِضَا الزَّوْجَةِ لِأَنَّ الْفَرْضَ عَلَى الزَّوْجِ لِلْمَرْأَةِ وَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ وَالْمَرْأَةَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمَا وَلَمْ يُحَدَّدْ فِيهِ شَيْءٌ فَدَلَّ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى أَنَّ الصَّدَاقَ مَا تَرَاضَى بِهِ الْمُتَنَاكِحَانِ كَمَا يَكُونُ الْبَيْعُ مَا تَرَاضَى بِهِ الْمُتَبَايِعَانِ وَكَذَلِكَ دَلَّتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يَجُزْ فِي كُلِّ صَدَاقٍ مُسَمًّى إلَّا أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا مِنْ الْأَثْمَانِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَكُلُّ مَا جَازَ أَنْ يَكُونَ مَبِيعًا أَوْ مُسْتَأْجَرًا بِثَمَنٍ جَازَ أَنْ يَكُونَ صَدَاقًا وَمَا لَمْ يَجُزْ فِيهِمَا لَمْ يَجُزْ فِي الصَّدَاقِ فَلَا يَجُوزُ الصَّدَاقُ إلَّا مَعْلُومًا وَمِنْ عَيْنٍ يَحِلُّ بَيْعُهَا نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ وَسَوَاءٌ قَلَّ ذَلِكَ أَوْ كَثُرَ فَيَجُوزُ أَنْ يَنْكِحَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ عَلَى الدِّرْهَمِ وَعَلَى أَقَلَّ مِنْ الدِّرْهَمِ وَعَلَى الشَّيْءِ يَرَاهُ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الدِّرْهَمِ وَأَقَلُّ مَا لَهُ ثَمَنٌ إذَا رَضِيَتْ الْمَرْأَةُ الْمَنْكُوحَةُ وَكَانَتْ مِمَّنْ يَجُوزُ أَمْرُهَا فِي مَالِهَا (قَالَ الشَّافِعِيُّ): يَجُوزُ أَنْ تَنْكِحَهُ عَلَى أَنْ يَخِيطَ لَهَا ثَوْبًا أَوْ يَبْنِيَ لَهَا دَارًا أَوْ يَخْدُمَهَا شَهْرًا أَوْ يَعْمَلَ لَهَا عَمَلًا مَا كَانَ أَوْ يُعَلِّمَهَا قُرْآنًا مُسَمًّى أَوْ يُعَلِّمَ لَهَا عَبْدًا وَمَا أَشْبَهَ هَذَا (قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ «أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي قَدْ وَهَبْت نَفْسِي لَك فَقَامَتْ قِيَامًا طَوِيلًا فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ زَوِّجْنِيهَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَك بِهَا حَاجَةٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ عِنْدَك مِنْ شَيْءٍ تُصْدِقُهَا إيَّاهُ فَقَالَ مَا عِنْدِي إلَّا إزَارِي هَذَا قَالَ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنْ أَعْطَيْتهَا إيَّاهُ جَلَسْت لَا إزَارَ لَك فَالْتَمِسْ لَهَا شَيْئًا فَقَالَ مَا أَجِدُ شَيْئًا فَقَالَ الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ فَالْتَمَسَ فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا فَقَالَ مَا أَجِدُ شَيْئًا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ شَيْءٌ قَالَ نَعَمْ سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا لِسُوَرٍ سَمَّاهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ زَوَّجْتُكهَا بِمَا مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَخَاتَمُ الْحَدِيدِ لَا يَسْوَى قَرِيبًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَلَكِنْ لَهُ ثَمَنٌ يَتَبَايَعُ بِهِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَبَلَغَنَا «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ أَدُّوا الْعَلَائِقَ فَقَالُوا وَمَا الْعَلَائِقُ؟ قَالَ مَا تَرَاضَى بِهِ الْأَهْلُونَ» وَبَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ اسْتَحَلَّ بِدِرْهَمٍ فَقَدْ اسْتَحَلَّ».
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَبَلَغَنَا «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَجَازَ نِكَاحًا عَلَى نَعْلَيْنِ» وَبَلَغَنَا أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ فِي ثَلَاثِ قَبَضَاتٍ مِنْ زَبِيبٍ مَهْرٌ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ قَالَ تَسَرَّى رَجُلٌ بِجَارِيَةٍ فَقَالَ رَجُلٌ هَبْهَا لِي فَذَكَرَ ذَلِكَ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَقَالَ لَمْ تَحِلَّ الْمَوْهُوبَةُ لِأَحَدٍ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَوْ أَصْدَقَهَا سَوْطًا فَمَا فَوْقَهُ جُوِّزَ، أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ سَأَلْت رَبِيعَةَ عَمَّا يَجُوزُ فِي النِّكَاحِ فَقَالَ دِرْهَمٌ فَقُلْت فَأَقَلُّ؟ قَالَ وَنِصْفٌ قُلْت فَأَقَلُّ؟ قَالَ نَعَمْ وَحَبَّةُ حِنْطَةٍ أَوْ قَبْضَةُ حِنْطَةٍ.
فِي الصَّدَاقِ بِعَيْنِهِ يَتْلَفُ قَبْلَ دَفْعِهِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): فَإِذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى شَيْءٍ مُسَمًّى فَذَلِكَ لَازِمٌ لَهُ إنْ مَاتَ أَوْ مَاتَتْ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا أَوْ دَخَلَ بِهَا إنْ كَانَ نَقْدًا فَالنَّقْدُ وَإِنْ كَانَ دَيْنًا فَالدَّيْنُ أَوْ كَيْلًا مَوْصُوفًا فَالْكَيْلُ أَوْ عَرْضًا مَوْصُوفًا فَالْعَرْضُ، وَإِنْ كَانَ عَرْضًا بِعَيْنِهِ مِثْلَ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ أَوْ بَعِيرٍ أَوْ بَقَرَةٍ فَهَلَكَ ذَلِكَ فِي يَدَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute