للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا قَدَّمَ مِنْهُ، أَوْ أَخَّرَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ فِي مَوْضِعِهِ فَلَوْ قَالَ فِي أَوَّلِ الْأَذَانِ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ ثُمَّ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، ثُمَّ أَكْمَلَ الْأَذَانَ أَعَادَ فَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ أَكْبَرُ الَّتِي تَرَكَ ثُمَّ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ مَرَّتَيْنِ حَتَّى يُكْمِلَ الْأَذَانَ، ثُمَّ يَجْهَرَ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَذَانِ وَيُخَافِتَ بِشَيْءٍ مِنْهُ لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ إعَادَةُ مَا وَصَفْت بِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ بِلَفْظِ الْأَذَانِ كَامِلًا فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ كَمَا لَا يَكُونُ عَلَيْهِ إعَادَةُ مَا خَافَتَ مِنْ الْقُرْآنِ فِيمَا يُجْهَرُ بِالْقُرْآنِ فِيهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ كَبَّرَ، ثُمَّ قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ عَادَ فَتَشَهَّدَ، ثُمَّ أَعَادَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى الْأَذَانِ كُلِّهِ فَيَضَعُ كُلَّ شَيْءٍ مِنْهُ مَوْضِعَهُ وَمَا وَضَعَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ أَعَادَهُ فِي مَوْضِعِهِ.

بَابُ عَدَدِ الْمُؤَذِّنِينَ وَأَرْزَاقِهِمْ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): أُحِبُّ أَنْ يُقْتَصَرَ فِي الْمُؤَذِّنِينَ عَلَى اثْنَيْنِ؛ لِأَنَّا، إنَّمَا حَفِظْنَا أَنَّهُ أَذَّنَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اثْنَانِ وَلَا يَضِيقُ أَنْ يُؤَذِّنَ أَكْثَرُ مِنْ اثْنَيْنِ فَإِنْ اُقْتُصِرَ فِي الْأَذَانِ عَلَى وَاحِدٍ أَجْزَأَهُ وَلَا أُحِبُّ لِلْإِمَامِ إذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ الْأَوَّلُ أَنْ يُبْطِئَ بِالصَّلَاةِ لِيَفْرُغَ مَنْ بَعْدَهُ وَلَكِنَّهُ يَخْرُجُ وَيَقْطَعُ مَنْ بَعْدَهُ الْأَذَانَ بِخُرُوجِ الْإِمَامِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَوَاجِبٌ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَتَفَقَّدَ أَحْوَالَ الْمُؤَذِّنِينَ لِيُؤَذِّنُوا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَلَا يَنْتَظِرَهُمْ بِالْإِقَامَةِ وَأَنْ يَأْمُرَهُمْ فَيُقِيمُوا فِي الْوَقْتِ وَأُحِبُّ أَنْ يُؤَذِّنَ مُؤَذِّنٌ بَعْدَ مُؤَذِّنٍ وَلَا يُؤَذِّنُ جَمَاعَةٌ مَعًا.

وَإِنْ كَانَ مَسْجِدًا كَبِيرًا لَهُ مُؤَذِّنُونَ عَدَدٌ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُؤَذِّنَ فِي كُلِّ مَنَارَةٍ لَهُ مُؤَذِّنٌ فَيُسْمِعُ مَنْ يَلِيهِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَأُحِبُّ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُونَ مُتَطَوِّعِينَ وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَرْزُقَهُمْ وَلَا وَاحِدًا مِنْهُمْ وَهُوَ يَجِدُ مَنْ يُؤَذِّنُ لَهُ مُتَطَوِّعًا مِمَّنْ لَهُ أَمَانَةٌ إلَّا أَنْ يَرْزُقَهُمْ مِنْ مَالِهِ وَلَا أَحْسَبُ أَحَدًا بِبَلَدٍ كَثِيرِ الْأَهْلِ يَعُوزُهُ أَنْ يَجِدَ مُؤَذِّنًا أَمِينًا لَازِمًا يُؤَذِّنُ مُتَطَوِّعًا فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَرْزُقَ مُؤَذِّنًا وَلَا يَرْزُقَهُ إلَّا مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ سَهْمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرْزُقَهُ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ الْفَيْءِ؛ لِأَنَّ لِكُلِّهِ مَالِكًا مَوْصُوفًا (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرْزُقَهُ مِنْ الصَّدَقَاتِ شَيْئًا وَيَحِلُّ لِلْمُؤَذِّنِ أَخْذُ الرِّزْقِ إذَا رُزِقَ مِنْ حَيْثُ وَصَفْت أَنْ يُرْزَقَ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُهُ مِنْ غَيْرِهِ بِأَنَّهُ رِزْقٌ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا يُؤَذِّنُ إلَّا عَدْلٌ ثِقَةٌ لِلْإِشْرَافِ عَلَى عَوْرَاتِ النَّاسِ وَأَمَانَاتِهِمْ عَلَى الْمَوَاقِيتِ

وَإِذَا كَانَ الْمُقَدَّمُ مِنْ الْمُؤَذِّنِينَ بَصِيرًا بِالْوَقْتِ لَمْ أَكْرَهْ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ أَعْمَى وَإِنْ كَانَ الْأَعْمَى مُؤَذِّنًا مُنْفَرِدًا وَمَعَهُ مَنْ يُعْلِمُهُ الْوَقْتَ لَمْ أَكْرَهْ ذَلِكَ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَحَدٌ كَرِهْتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُبْصِرُ

وَلَا أُحِبُّ أَنْ يُؤَذِّنَ أَحَدٌ إلَّا بَعْدَ الْبُلُوغِ وَإِنْ أَذَّنَ قَبْلَ الْبُلُوغِ مُؤَذِّنٌ أَجْزَأَ وَمَنْ أَذَّنَ مِنْ عَبْدٍ وَمُكَاتَبٍ وَحُرٍّ، أَجْزَأَ. وَكَذَلِكَ الْخَصِيُّ الْمَجْبُوبُ وَالْأَعْجَمِيُّ إذَا أَفْصَحَ بِالْأَذَانِ وَعَلِمَ الْوَقْتَ وَأَحَبُّ إلَيَّ فِي هَذَا كُلِّهِ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُونَ خِيَارَ النَّاسِ

وَلَا تُؤَذِّنُ امْرَأَةٌ وَلَوْ أَذَّنَتْ لِرِجَالٍ لَمْ يَجُزْ عَنْهُمْ أَذَانُهَا وَلَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ أَذَانٌ وَإِنْ جَمَعْنَ الصَّلَاةَ وَإِنْ أُذِّنَ فَأَقَمْنَ فَلَا بَأْسَ.

وَلَا تَجْهَرُ الْمَرْأَةُ بِصَوْتِهَا تُؤَذِّنُ فِي نَفْسِهَا وَتُسْمِعُ صَوَاحِبَاتِهَا إذَا أَذَّنَتْ وَكَذَلِكَ تُقِيمُ إذَا أَقَامَتْ وَكَذَلِكَ إنْ تَرَكَتْ الْإِقَامَةَ لَمْ أَكْرَهْ لَهَا مِنْ تَرْكِهَا مَا أَكْرَهُ لِلرِّجَالِ وَإِنْ كُنْت أُحِبُّ أَنْ تُقِيمَ

وَأَذَانُ الرَّجُلِ فِي بَيْتِهِ وَإِقَامَتُهُ سَوَاءٌ كَهُوَ فِي غَيْرِ بَيْتِهِ فِي الْحِكَايَةِ وَسَوَاءٌ أَسْمَعَ الْمُؤَذِّنِينَ حَوْلَهُ، أَوْ لَمْ يُسْمِعْهُمْ وَلَا أُحِبُّ لَهُ تَرْكَ الْأَذَانِ وَلَا الْإِقَامَةِ وَإِنْ دَخَلَ مَسْجِدًا أُقِيمَتْ فِيهِ الصَّلَاةُ أَحْبَبْت لَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ وَيُقِيمَ فِي نَفْسِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>