للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ اثْنَيْنِ أَوْ امْرَأَةٍ فَلَهُمَا وَضْعُهُ عَلَى يَدَيْ مَنْ تَرَاضَيَا بِهِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِيمَنْ يَدْعُوَانِ إلَيْهِ قِيلَ لَهُمَا اجْتَمِعَا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلَا اخْتَارَ الْحَاكِمُ الْأَفْضَلَ مِنْ كُلِّ مَنْ دَعَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا إلَيْهِ إنْ كَانَ ثِقَةً فَدَفَعَهُ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ مِمَّنْ دَعَوْا إلَيْهِ ثِقَةً قِيلَ اُدْعُوَا إلَى غَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلَا اخْتَارَ الْحَاكِمُ لَهُ ثِقَةً فَدَفَعَهُ إلَيْهِ.

وَإِذَا أَرَادَ الْعَدْلُ الَّذِي عَلَى يَدَيْهِ الرَّهْنُ الَّذِي هُوَ غَيْرُ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ رَدَّهُ بِلَا عِلَّةٍ أَوْ لِعِلَّةٍ وَالْمُرْتَهِنُ وَالرَّاهِنُ حَاضِرَانِ فَلَهُ ذَلِكَ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى حَبْسِهِ، وَإِنْ كَانَا غَائِبَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ إخْرَاجُهُ مِنْ يَدَيْ نَفْسِهِ فَإِنْ فَعَلَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْحَاكِمِ فَهَلَكَ ضَمِنَ، وَإِنْ جَاءَ الْحَاكِمُ فَإِنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ أَخْرَجَهُ مِنْ يَدَيْهِ وَذَلِكَ أَنْ يَبْدُوَ لَهُ سَفَرٌ أَوْ يَحْدُثَ لَهُ - وَإِنْ كَانَ مُقِيمًا - شُغْلٌ أَوْ عِلَّةٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ أَمَرَهُ بِحَبْسِهِ إنْ كَانَا قَرِيبًا حَتَّى يَقْدُمَا أَوْ يُوَكِّلَا فَإِنْ كَانَا بَعِيدًا لَمْ أَرَ عَلَيْهِ أَنْ يَضْطَرَّهُ إلَى حَبْسِهِ.

وَإِنَّمَا هِيَ وَكَالَةٌ وُكِّلَ بِهَا بِلَا مَنْفَعَةٍ لَهُ وَيَسْأَلُهُ ذَلِكَ فَإِنْ طَابَتْ نَفْسُهُ بِحَبْسِهِ، وَإِلَّا أَخْرَجَهُ إلَى عَدْلٍ وَغَيْرِهِ، وَتَعَدِّي الْعَدْلِ الْمَوْضُوعِ عَلَى يَدَيْهِ الرَّهْنُ فِي الرَّهْنِ، وَتَعَدِّي الْمُرْتَهِنِ سَوَاءٌ يَضْمَنُ مِمَّا يَضْمَنُ مِنْهُ الْمُرْتَهِنُ إذَا تَعَدَّى فَإِذَا تَعَدَّى فَأَخْرَجَ الرَّهْنَ فَتَلِفَ ضَمِنَ، وَإِنْ تَعَدَّى الْمُرْتَهِنُ وَالرَّهْنُ مَوْضُوعٌ عَلَى يَدَيْ الْعَدْلِ فَأَخْرَجَ الرَّهْنَ ضَمِنَ حَتَّى يَرُدَّهُ عَلَى يَدَيْ الْعَدْلِ فَإِذَا رَدَّهُ عَلَى يَدَيْ الْعَدْلِ بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ كَمَا يَبْرَأُ مِنْهُ لَوْ رَدَّهُ إلَى الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّ الْعَدْلَ وَكِيلُ الرَّاهِنِ.

وَإِذَا أَعَارَ الْمَوْضُوعُ عَلَى يَدَيْهِ الرَّهْنُ فَهَلَكَ فَهُوَ ضَامِنٌ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ وَالْقَوْلُ فِي قِيمَتِهِ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ فَإِنْ قَالَ: كَانَ الرَّهْنُ لُؤْلُؤَةً صَافِيَةً وَزْنُهَا كَذَا قِيمَتُهَا كَذَا، قُوِّمَتْ بِأَقَلِّ مَا تَقَعُ عَلَيْهِ تِلْكَ الصِّفَةُ ثَمَنًا وَأَرْدَئِهِ فَإِنْ كَانَ مَا ادَّعَى مِثْلَهُ أَوْ أَكْثَرَ قُبِلَ قَوْلُهُ، وَإِنْ ادَّعَى مَا لَا يَكُونُ مِثْلُهُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ وَقُوِّمَتْ تِلْكَ الصِّفَةُ عَلَى أَقَلِّ مَا تَقَعُ عَلَيْهِ ثَمَنًا وَأَرْدَئِهِ يَغْرَمُهُ مَعَ يَمِينِهِ.

وَهَكَذَا إنْ مَاتَ فَأَوْصَى بِالرَّهْنِ إلَى غَيْرِهِ كَانَ لِأَيِّهِمَا شَاءَ إخْرَاجُهُ؛ لِأَنَّهُمَا رَضِيَا أَمَانَتَهُ، وَلَمْ يَجْتَمِعَا عَلَى الرِّضَا بِأَمَانَةِ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ مَنْ أَسْنَدَ ذَلِكَ إلَيْهِ إذَا غَابَ أَوْ عِنْدَ مَوْتِهِ ثِقَةً وَيَجْتَمِعَانِ عَلَى مَنْ تَرَاضَيَا أَوْ يَنْصِبَ لَهُمَا الْحَاكِمُ ثِقَةً كَمَا وَصَفْت، وَإِذَا مَاتَ الْمُرْتَهِنُ فَإِنْ كَانَ وَرَثَتُهُ بَالِغِينَ قَامُوا مَقَامَهُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ صَغِيرٌ قَامَ الْوَصِيُّ مَقَامَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَصِيٌّ ثِقَةٌ قَامَ الْحَاكِمُ مَقَامَهُ فِي أَنْ يَصِيرَ الرَّهْنُ عَلَى يَدَيْ ثِقَةٍ.

بَيْعُ الرَّهْنِ، وَمَنْ يَكُونُ الرَّهْنُ عَلَى يَدَيْهِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِذَا ارْتَهَنَ الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ الْعَبْدَ وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنَّ لَهُ إذَا حَلَّ حَقُّهُ أَنْ يَبِيعَهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ بَيْعُهُ إلَّا بِأَنْ يَحْضُرَ رَبُّ الْعَبْدِ أَوْ يُوَكَّلَ مَعَهُ، وَلَا يَكُونُ وَكِيلًا بِالْبَيْعِ لِنَفْسِهِ فَإِنْ بَاعَ لِنَفْسِهِ فَالْبَيْعُ مَرْدُودٌ بِكُلِّ حَالٍ وَيَأْتِي الْحَاكِمُ حَتَّى يَأْمُرَ مَنْ يَبِيعُ وَيُحْضِرُهُ وَعَلَى الْحَاكِمِ إذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ بِبَيِّنَةٍ أَنْ يَأْمُرَ رَبَّ الْعَبْدِ أَنْ يَبِيعَ فَإِنْ امْتَنَعَ أَمَرَ مَنْ يَبِيعُ عَلَيْهِ، وَإِذَا كَانَ الْحَقُّ إلَى أَجَلٍ فَتَعَدَّى الْمَوْضُوعُ عَلَى يَدَيْهِ الرَّهْنَ فَبَاعَهُ قَبْلَ مَحِلِّ الْحَقِّ فَالْبَيْعُ مَرْدُودٌ، وَهُوَ ضَامِنٌ لِقِيمَتِهِ إنْ فَاتَ، وَلَا يَكُونُ الدَّيْنُ حَالًّا كَانَ الْبَائِعُ الْمُرْتَهِنَ أَوْ عَدْلًا الرَّهْنُ عَلَى يَدَيْهِ، وَلَا يَحِلُّ الْحَقُّ الْمُؤَجَّلُ بِتَعَدِّي بَائِعٍ لَهُ. وَكَذَلِكَ لَوْ تَعَدَّى بِأَمْرِ الرَّاهِنِ. وَلَوْ كَانَ الرَّهْنُ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ

لَا حَقَّ لَهُ فِي الْمَالِ وَوَكَّلَهُ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ بِبَيْعِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مَا لَمْ يَفْسَخَا، وَكَالَتَهُ وَأَيُّهُمَا فَسَخَ وَكَالَتَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْبَيْعُ بَعْدَ فَسْخِ الْوَكَالَةِ وَبِبَيْعِ الْحَاكِمِ عَلَى الرَّاهِنِ إذَا سَأَلَ ذَلِكَ الْمُرْتَهِنَ، وَإِذَا بَاعَ الْمَوْضُوعُ عَلَى يَدَيْهِ الرَّهْنَ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ وَالْحَاكِمِ بِالْبَيْعِ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ أَهْلُ الْبَصَرِ بِهِ فَالْبَيْعُ مَرْدُودٌ. وَكَذَلِكَ إنْ بَاعَ الْحَاكِمُ بِذَلِكَ فَبَيْعُهُ مَرْدُودٌ، وَإِذَا بَاعَ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ بِالْبَيْعِ فَالْبَيْعُ لَازِمٌ، وَإِنْ وَجَدَ أَكْثَرَ مِمَّا بَاعَ بِهِ، وَلَوْ بَاعَ بِشَيْءٍ يَجُوزُ فَلَمْ يُفَارِقْ بَيْعَهُ حَتَّى يَأْتِيَهُ مَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>