للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«لَعَنَ اللَّهُ الْقَاتِلَ غَيْرَ قَاتِلِهِ وَالضَّارِبَ غَيْرَ ضَارِبِهِ وَمَنْ تَوَلَّى غَيْرَ وَلِيِّ نِعْمَتِهِ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ - جَلَّ ذِكْرُهُ - عَلَى مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ الْحَكَمِ أَوْ عَنْ عِيسَى بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ اعْتَبَطَ مُؤْمِنًا بِقَتْلٍ فَهُوَ قَوَدٌ بِهِ إلَّا أَنْ يَرْضَى وَلِيُّ الْمَقْتُولِ فَمَنْ حَالَ دُونَهُ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَغَضَبُهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ» أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبْجَرَ عَنْ إيَادِ بْنِ لَقِيطٍ «عَنْ أَبِي رِمْثَةَ قَالَ دَخَلْتُ مَعَ أَبِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَأَى أَبِي الَّذِي بِظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: دَعْنِي أُعَالِجُ هَذَا الَّذِي بِظَهْرِك فَإِنِّي طَبِيبٌ فَقَالَ: أَنْتَ رَفِيقٌ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ هَذَا مَعَكَ فَقَالَ: ابْنِي أَشْهَدُ بِهِ فَقَالَ أَمَا إنَّهُ لَا يَجْنِي عَلَيْكَ وَلَا تَجْنِي عَلَيْهِ». .

مَنْ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلِ وَمَا دُونَهُ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): لَا قِصَاصَ عَلَى مَنْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ الْحُدُودُ، وَذَلِكَ مَنْ لَمْ يَحْتَلِمْ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ تَحِضْ مِنْ النِّسَاءِ أَوْ يَسْتَكْمِلْ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَكُلُّ مَغْلُوبٍ عَلَى عَقْلِهِ بِأَيِّ وَجْهٍ مَا كَانَتْ الْغَلَبَةُ إلَّا بِالسُّكْرِ فَإِنَّ الْقِصَاصَ وَالْحُدُودَ عَلَى السَّكْرَانِ كَهِيَ عَلَى الصَّحِيحِ وَكُلُّ مَنْ قُلْنَا عَلَيْهِ الْقِصَاصُ فَهُوَ بَالِغٌ غَيْرُ مَغْلُوبٍ عَلَى عَقْلِهِ وَالْمَغْلُوبُ عَلَى عَقْلِهِ مِنْ السُّكْرِ دُونَ غَيْرِهِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ الْبَالِغُ وَهُوَ غَيْرُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بَالِغٌ يَجُوزُ إقْرَارُهُ أَنَّهُ جَنَى جِنَايَةً عَمْدًا وَوَصَفَ الْجِنَايَةَ فَأَثْبَتَهَا، ثُمَّ جُنَّ أَوْ غُلِبَ عَلَى عَقْلِهِ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ مِنْهَا وَأَرْشُ الْخَطَأِ فِي مَالِهِ وَلَا يَحُولُ ذَهَابُ عَقْلِهِ دُونَ أَخْذِ الْحَقِّ مِنْهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ أَقَرَّ بِحَقٍّ لِلَّهِ مِنْ زِنًا أَوْ ارْتَدَّ، ثُمَّ ذَهَبَ عَقْلُهُ لَمْ أُقِمْ عَلَيْهِ حَدَّ الزِّنَا وَلَمْ أَقْتُلْهُ بِالرِّدَّةِ؛ لِأَنِّي أَحْتَاجُ إلَى ثُبُوتِهِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالزِّنَا وَهُوَ يَعْقِلُ.

وَكَذَلِكَ أَحْتَاجُ إلَى أَنْ أَقُولَ لَهُ وَهُوَ يَعْقِلُ: إنْ لَمْ تَرْجِعْ إلَى الْإِسْلَامِ قَتَلْتُكَ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ أَقَرَّ وَهُوَ بَالِغٌ أَنَّهُ جَنَى عَلَى رَجُلٍ جِنَايَةً عَمْدًا وَقَالَ كُنْت يَوْمَ جَنَيْت عَلَيْهِ صَغِيرًا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي أَنْ لَا قَوَدَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ أَرْشُهَا فِي مَالِهِ خَطَأً فَإِنْ أَقَرَّ بِهَا خَطَأً لَمْ يَضْمَنْ الْعَاقِلَةُ مَا أَقَرَّ بِهِ وَضَمِنَهُ هُوَ فِي مَالِهِ وَلَوْ قَالَ: كُنْتُ يَوْمَ جَنَيْتهَا عَلَيْهِ ذَاهِبَ الْعَقْلِ بَالِغًا فَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ ذَهَبَ عَقْلُهُ قُبِلَ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أُقِيدَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مِنْهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَحَيْثُ قُبِلَتْ مِنْهُ فَعَلَيْهِ الْيَمِينُ إنْ طَلَبَهَا الْمُدَّعِي (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ جَنَى عَلَى رَجُلٍ جِنَايَةً عَمْدًا سَأَلْتُهُمْ أَكَانَ بَالِغًا أَوْ صَغِيرًا؟. فَإِنْ لَمْ يُثْبِتُوهُ بَالِغًا وَالْمَشْهُودُ عَلَيْهِ يُنْكِرُ الْجِنَايَةَ أَوْ يَقُولُ: كَانَتْ وَأَنَا صَغِيرٌ جَعَلْتُهَا جِنَايَةَ صَغِيرٍ وَجَعَلْتُ أَرْشَهَا فِي مَالِهِ وَلَمْ أَقُدْ مِنْهُ.

(قَالَ): وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا يُجَنُّ وَيُفِيقُ جَنَى عَلَى رَجُلٍ فَقَالَ جَنَيْتُ عَلَيْهِ فِي حَالِ جُنُونِهِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، وَلَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ وَلَمْ يُثْبِتُوا كَانَ ذَلِكَ فِي حَالِ جُنُونِهِ أَوْ إفَاقَتِهِ كَانَ هَكَذَا وَإِنْ أَثْبَتُوا أَنَّهُ كَانَ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ وَهَكَذَا مَنْ غُلِبَ عَلَى عَقْلِهِ بِمَرَضٍ أَيَّ مَرَضٍ كَانَ أَوْ وَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ مَا كَانَ غَيْرَ السُّكْرِ وَلَوْ أَثْبَتُوا أَنَّ مَجْنُونًا جَنَى وَهُوَ سَكْرَانُ وَقَالُوا: لَا نَدْرِي ذَهَابَ عَقْلِهِ مِنْ السُّكْرِ أَوْ مِنْ الْعَارِضِ الَّذِي بِهِ؟ جَعَلْتُ الْقَوْلَ قَوْلَهُ، وَلَوْ أَثْبَتُوا أَنَّهُ كَانَ مُفِيقًا مِنْ الْجُنُونِ وَأَنَّ السُّكْرَ كَانَ أَذْهَبَ عَقْلَهُ جَعَلْت عَلَيْهِ الْقَوَدَ وَلَوْ شَهِدَ شُهُودٌ عَلَى أَنَّهُ جَنَى مَغْلُوبًا عَلَى عَقْلِهِ، وَآخَرُونَ أَنَّهُ جَنَى هَذِهِ الْجِنَايَةَ غَيْرَ مَغْلُوبٍ عَلَى عَقْلِهِ أَلْغَيْتُ الْبَيِّنَتَيْنِ لِتَكَافُئِهِمَا وَجَعَلْت الْقَوْلَ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ وَلَوْ كَانَ يُجَنُّ وَيُفِيقُ فَشَهِدَ لَهُ شُهُودٌ بِأَنَّهُ جَنَى مَغْلُوبًا عَلَى عَقْلِهِ وَقَالَ هُوَ بَلْ جَنَيْتُ وَأَنَا أَعْقِلُ قَبِلْتُ قَوْلَهُ وَجَعَلْت عَلَيْهِ الْقَوَدَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>