لِلطَّهَارَةِ وَالتَّنْظِيفِ، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي الْحَمَّامِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَيُدَلِّكُ الْوَسَخَ عَنْهُ فِي حَمَّامٍ كَانَ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَيْسَ فِي الْوَسَخِ نُسُكٌ وَلَا أَمْرٌ نُهِيَ عَنْهُ وَلَا أَكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يُدْخِلَ رَأْسَهُ فِي مَاءٍ سُخْنٍ وَلَا بَارِدٍ جَارٍ وَلَا نَافِعٍ.
بَابُ الْمَوْضِعِ الَّذِي يُسْتَحَبُّ فِيهِ الْغُسْلُ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَسْتَحِبُّ الْغُسْلَ لِلدُّخُولِ فِي الْإِهْلَالِ وَلِدُخُولِ مَكَّةَ وَلِلْوُقُوفِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ وَلِلْوُقُوفِ بِمُزْدَلِفَةَ وَلِرَمْيِ الْجِمَارِ سِوَى يَوْمِ النَّحْرِ وَأَسْتَحِبُّ الْغُسْلَ بَيْنَ هَذَا عِنْدَ تَغَيُّرِ الْبَدَنِ بِالْعَرَقِ وَغَيْرِهِ تَنْظِيفًا لِلْبَدَنِ، وَكَذَلِكَ أُحِبُّهُ لِلْحَائِضِ، وَلَيْسَ مِنْ هَذَا وَاحِدٌ وَاجِبٌ، وَرَوَى عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَاتَ بِذِي طُوًى حَتَّى صَلَّى الصُّبْحَ ثُمَّ اغْتَسَلَ بِهَا وَدَخَلَ مَكَّةَ» وَرَوَى عَنْ أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ وَرَوَى عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَغْتَسِلُ بِمَنْزِلِهِ بِمَكَّةَ حِينَ يَقْدَمُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ، وَرَوَى عَنْ صَالِحِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَائِدَةَ عَنْ أُمِّ ذَرَّةَ، أَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - كَانَتْ تَغْتَسِلُ بِذِي طُوًى حِينَ تَقْدَمُ مَكَّةَ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إذَا خَرَجَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا لَمْ يَدْخُلْ مَكَّةَ حَتَّى يَغْتَسِلَ وَيَأْمُرَ مَنْ مَعَهُ فَيَغْتَسِلُوا.
بَابُ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنْ الثِّيَابِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ أَنَّهُ سَمِعَ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ يَقُولُ سَمِعْت أَبَا الشَّعْثَاءِ جَابِرَ بْنَ زَيْدٍ يَقُولُ سَمِعْت ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُ وَهُوَ يَقُولُ «إذَا لَمْ يَجِدْ الْمُحْرِمُ نَعْلَيْنِ لَبِسَ خُفَّيْنِ وَإِذَا لَمْ يَجِدْ إزَارًا لَبِسَ سَرَاوِيلَ» أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ رَجُلَا أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَأَلَهُ: مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنْ الثِّيَابِ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَلْبَسُ الْقَمِيصَ وَلَا الْعِمَامَةَ وَلَا الْبُرْنُسَ وَلَا السَّرَاوِيلَ وَلَا الْخُفَّيْنِ إلَّا لِمَنْ لَا يَجِدُ نَعْلَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا حَتَّى يَكُونَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ» أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنْ الثِّيَابِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا تَلْبَسُوا الْقَمِيصَ وَلَا الْعَمَائِمَ وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ وَلَا الْبَرَانِسَ وَلَا الْخِفَافَ إلَّا أَحَدٌ لَا يَجِدُ نَعْلَيْنِ فَيَلْبَسُ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ» أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى أَنْ يَلْبَسَ الْمُحْرِمُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا بِزَعْفَرَانٍ أَوْ وَرْسٍ، وَقَالَ مَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ».
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): اسْتَثْنَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ أَنْ يَلْبَسَ خُفَّيْنِ وَيَقْطَعَهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَمَنْ لَمْ يَجِدْ إزَارًا لَبِسَ سَرَاوِيلَ فَهُمَا سَوَاءٌ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَقْطَعُ مِنْ السَّرَاوِيلِ شَيْئًا، لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَأْمُرْ بِقَطْعِهِ، وَأَيَّهُمَا لَبِسَ ثُمَّ وَجَدَ بَعْدَ ذَلِكَ نَعْلَيْنِ، لَبِسَ النَّعْلَيْنِ وَأَلْقَى الْخُفَّيْنِ، وَإِنْ وَجَدَ بَعْدَ أَنْ لَبِسَ السَّرَاوِيلَ إزَارًا لَبِسَ الْإِزَارَ وَأَلْقَى السَّرَاوِيلَ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ افْتَدَى، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهَا كَانَتْ تَلْبَسُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute