أَحَدٌ مِنْ وَرَاءِ الْمَوَاقِيتِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَمُرُّ بِالْمِيقَاتِ إلَّا مُحْرِمًا فَإِنْ تَرَكَ الْإِحْرَامَ حَتَّى يُجَاوِزَ الْمِيقَاتَ رَجَعَ إلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ إلَيْهِ أَهْرَاقَ دَمًا (قَالَ): وَإِذَا كَانَ الْمِيقَاتُ قَرْيَةً أَهَلَّ مِنْ أَقْصَاهَا مِمَّا يَلِي بَلَدَهُ وَهَكَذَا إذَا كَانَ الْمِيقَاتُ وَادِيًا أَوْ ظَهْرًا أَهَلَّ مِنْ أَقْصَاهُ مِمَّا يَلِي بَلَدَهُ مِنْ الَّذِي هُوَ أَبْعَدُ مِنْ الْحَرَمِ وَأَقَلُّ مَا عَلَيْهِ فِيهِ أَنْ يُهِلَّ مِنْ الْقَرْيَةِ لَا يَخْرُجُ مِنْ بُيُوتِهَا أَوْ مِنْ الْوَادِي أَوْ مِنْ الظَّهْرِ إلَّا مُحْرِمًا وَلَوْ أَنَّهُ أَتَى عَلَى مِيقَاتٍ مِنْ الْمَوَاقِيتِ لَا يُرِيدُ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً فَجَاوَزَهُ لَمْ يُحْرِمْ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يُحْرِمَ أَحْرَمَ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي بَدَا لَهُ، وَذَلِكَ مِيقَاتُهُ وَمَنْ كَانَ أَهْلُهُ دُونَ الْمِيقَاتِ مِمَّا يَلِي الْحَرَمَ فَمِيقَاتُهُ مِنْ حَيْثُ يَخْرُجُ مِنْ أَهْلِهِ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يُجَاوِزَ ذَلِكَ إلَّا مُحْرِمًا فَإِنْ جَاوَزَهُ غَيْرَ مُحْرِمٍ ثُمَّ أَحْرَمَ بَعْدَمَا جَاوَزَهُ رَجَعَ حَتَّى يُهِلَّ مِنْ أَهْلِهِ وَكَانَ حَرَامًا فِي رُجُوعِهِ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ إلَيْهِ أَهْرَاقَ دَمًا.
الطَّهَارَةُ لِلْإِحْرَامِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَسْتَحِبُّ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ الطَّاهِرِ وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ الْغُسْلَ لِلْإِحْرَامِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا فَأَهَلَّ رَجُلٌ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ أَوْ جُنُبًا فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَلَا كَفَّارَةَ. وَمَا كَانَتْ الْحَائِضُ تَفْعَلُهُ كَانَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَفْعَلَهُ جُنُبًا وَغَيْرَ مُتَوَضِّئٍ
اللُّبْسُ لِلْإِحْرَامِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): يَجْتَمِعُ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ فِي اللَّبُوسِ فِي الْإِحْرَامِ فِي شَيْءٍ وَيَفْتَرِقَانِ فِي غَيْرِهِ فَأَمَّا مَا يَجْتَمِعَانِ فِيهِ فَلَا يَلْبَسُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا ثَوْبًا مَصْبُوغًا بِطِيبٍ وَلَا ثَوْبًا فِيهِ طِيبٌ، وَالطِّيبُ الزَّعْفَرَانُ وَالْوَرْسُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ أَصْنَافِ الطِّيبِ وَإِنْ أَصَابَ ثَوْبًا مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ فَغُسِلَ حَتَّى يَذْهَبَ رِيحُهُ فَلَا يُوجَدُ لَهُ رِيحٌ إذَا كَانَ الثَّوْبُ يَابِسًا أَوْ مَبْلُولًا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَلْبَسَهُ وَإِنْ لَمْ يَذْهَبْ لَوْنُهُ وَيَلْبَسَانِ الثِّيَابَ الْمُصْبَغَةَ كُلَّهَا بِغَيْرِ طِيبٍ مِثْلَ الصَّبْغِ بِالسَّدَرِ وَالْمَدْرِ وَالسَّوَادِ وَالْعُصْفُرِ وَإِنْ نَفَّضَ، وَأَحَبُّ إلَيَّ فِي هَذَا كُلِّهِ أَنْ يَلْبَسَ الْبَيَاضَ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ تَكُونَ ثِيَابُهُمَا جُدُدًا أَوْ مَغْسُولَةً وَإِنْ لَمْ تَكُنْ جُدُدًا وَلَا مَغْسُولَةً فَلَا يَضُرُّهُمَا وَيَغْسِلَانِ ثِيَابَهُمَا وَيَلْبَسَانِ مِنْ الثِّيَابِ مَا لَمْ يُحْرِمَا فِيهِ، ثُمَّ لَا يَلْبَسُ الرَّجُلُ عِمَامَةً وَلَا سَرَاوِيلَ وَلَا خُفَّيْنِ وَلَا قَمِيصًا وَلَا ثَوْبًا مَخِيطًا مِمَّا يَلْبَسُ بِالْخِيَاطَةِ مِثْلَ الْقَبَاءِ وَالدُّرَّاعَةِ وَمَا أَشْبَهَهُ وَلَا يَلْبَسُ مِنْ هَذَا شَيْئًا مِنْ حَاجَةٍ إلَيْهِ إلَّا أَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِدْ إزَارًا لَبِسَ سَرَاوِيلَ وَلَمْ يَقْطَعْهُ وَإِذَا لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ لَبِسَ خُفَّيْنِ وَقَطَعَهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْت عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ يَقُولُ سَمِعْت أَبَا الشَّعْثَاءِ يَقُولُ سَمِعْت ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «إذَا لَمْ يَجِدْ الْمُحْرِمُ نَعْلَيْنِ لَبِسَ خُفَّيْنِ وَإِذَا لَمْ يَجِدْ إزَارًا لَبِسَ سَرَاوِيلَ» أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ لَا يَجِدُ نَعْلَيْنِ يَلْبَسُ خُفَّيْنِ وَيَقْطَعُهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ».
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا اُضْطُرَّ الْمُحْرِمُ إلَى لُبْسِ شَيْءٍ غَيْرِ السَّرَاوِيلِ وَالْخُفَّيْنِ لَبِسَهُ وَافْتَدَى، وَالْفِدْيَةُ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ نَسْكُ شَاةٍ أَوْ صَدَقَةٌ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ مُدَّيْنِ بِمُدِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَلْبَسُ الْمَرْأَةُ الْخِمَارَ وَالْخُفَّيْنِ وَلَا تَقْطَعُهُمَا وَالسَّرَاوِيلَ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَالدِّرْعَ وَالْقَمِيصَ وَالْقَبَاءَ وَحَرَمَهَا مِنْ لُبْسِهَا فِي وَجْهِهَا فَلَا تُخَمِّرُ وَجْهَهَا وَتُخَمِّرُ رَأْسَهَا.
فَإِنْ خَمَّرَتْ وَجْهَهَا عَامِدَةً افْتَدَتْ وَإِنْ خَمَّرَ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ عَامِدًا افْتَدَى وَلَهُ أَنْ يُخَمِّرَ وَجْهَهُ وَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تُجَافِيَ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهَا تَسْتَتِرُ بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute