عَنْهُ الزَّكَاةَ كَانَ قَدْ فَارَقَ قَوْلَهُ إذْ زَعَمَ أَنَّ عَلَيْهِ زَكَاةَ الْفِطْرِ وَزَكَاةَ الزَّرْعِ، وَقَدْ كَتَبَ هَذَا فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ
(قَالَ): وَلَوْ أَنَّ وَصِيَّ مَيِّتٍ وَرَثَتُهُ كِبَارٌ وَصِغَارٌ وَلَا دَيْنَ عَلَى الْمَيِّتِ وَلَمْ يُوصِ بِشَيْءٍ بَاعَ عَقَارًا مِنْ عَقَارِ الْمَيِّتِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ يَقُولُ فِي ذَلِكَ بَيْعُهُ جَائِزٌ عَلَى الصِّغَارِ، وَالْكِبَارِ، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ يَجُوزُ عَلَى الصِّغَارِ، وَالْكِبَارِ إذَا كَانَ ذَلِكَ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَيْعُهُ عَلَى الصِّغَارِ جَائِزٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ كَانَ مِنْهُ بَدَأَ وَلَمْ يَكُنْ وَلَا يَجُوزُ عَلَى الْكِبَارِ فِي شَيْءٍ مِنْ بَيْعِ الْعَقَارِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ، أَوْصَى بِشَيْءٍ يُبَاعُ فِيهِ، أَوْ يَكُونُ عَلَيْهِ دَيْنٌ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مَاتَ وَأَوْصَى إلَى رَجُلٍ وَتَرَكَ وَرَثَةً بَالِغِينَ أَهْلَ رُشْدٍ وَصِغَارًا وَلَمْ يُوصِ بِوَصِيَّةٍ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَبَاعَ الْوَصِيُّ عَقَارًا مِمَّا تَرَكَ الْمَيِّتُ كَانَ بَيْعُهُ عَلَى الْكِبَارِ بَاطِلًا وَنُظِرَ فِي بَيْعِهِ عَلَى الصِّغَارِ فَإِنْ كَانَ بَاعَ عَلَيْهِمْ فِيمَا لَا صَلَاحَ لِمَعَاشِهِمْ إلَّا بِهِ، أَوْ بَاعَ عَلَيْهِمْ نَظَرًا لَهُمْ بَيْعَ غِبْطَةٍ كَانَ بَيْعًا جَائِزًا وَإِنْ لَمْ يَبِعْ فِي وَاحِدٍ مِنْ الْوَجْهَيْنِ وَلَا أَمْرٍ لَزِمَهُمْ كَانَ بَيْعُهُ مَرْدُودًا، وَإِذَا أَمَرْنَاهُ إذَا كَانَ فِي يَدِهِ النَّاضُّ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُمْ بِهِ الْعَقَارَ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ لَهُمْ مِنْ النَّاضِّ لَمْ نُجِزْ لَهُ أَنْ يَبِيعَ الْعَقَارَ إلَّا بِبَعْضِ مَا وَصَفْت مِنْ الْعُذْرِ.
بَابٌ فِي الشَّرِكَةِ وَالْعِتْقِ وَغَيْرِهِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا اشْتَرَكَ الرَّجُلَانِ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ وَلِأَحَدِهِمَا أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلِلْآخَرِ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ.
فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: كَانَ يَقُولُ لَيْسَتْ هَذِهِ بِمُفَاوَضَةٍ وَبِهَذَا يَأْخُذُ، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ هَذِهِ مُفَاوَضَةٌ جَائِزَةٌ، وَالْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَشَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ بَاطِلَةٌ وَلَا أَعْرِفُ شَيْئًا مِنْ الدُّنْيَا يَكُونُ بَاطِلًا إنْ لَمْ تَكُنْ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ بَاطِلَةً إلَّا أَنْ يَكُونَا شَرِيكَيْنِ يَعُدَّانِ الْمُفَاوَضَةَ خَلْطَ الْمَالِ بِالْمَالِ، وَالْعَمَلَ فِيهِ وَاقْتِسَامَ الرِّبْحِ فَهَذَا لَا بَأْسَ بِهِ وَهَذِهِ الشَّرِكَةُ الَّتِي يَقُولُ بَعْضُ الْمَشْرِقِيِّينَ لَهَا شَرِكَةَ عِنَانً فَإِذَا اشْتَرَكَا مُفَاوَضَةً وَتَشَارَطَا أَنَّ الْمُفَاوَضَةَ عِنْدَهُمَا هَذَا الْمَعْنَى فَالشَّرِكَةُ صَحِيحَةٌ وَمَا رُزِقَ أَحَدُهُمَا مِنْ غَيْرِ هَذَا الْمَالِ الَّذِي اشْتَرَكَا فِيهِ مَعًا مِنْ تِجَارَةٍ، أَوْ إجَارَةٍ، أَوْ كَنْزٍ، أَوْ هِبَةٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ لَهُ دُونَ صَاحِبِهِ، وَإِنْ زَعَمَا بِأَنَّ الْمُفَاوَضَةَ عِنْدَهُمَا بِأَنْ يَكُونَا شَرِيكَيْنِ فِي كُلِّ مَا أَفَادَا بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ بِسَبَبِ الْمَالِ وَغَيْرِهِ فَالشَّرِكَةُ فِيهِ فَاسِدَةٌ وَلَا أَعْرِفُ الْقِمَارَ إلَّا فِي هَذَا، أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ أَنْ يَشْتَرِكَ الرَّجُلَانِ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَيَجِدَ أَحَدُهُمَا كَنْزًا فَيَكُونَ بَيْنَهُمَا أَرَأَيْت لَوْ تَشَارَطَا عَلَى هَذَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَخَالَطَا بِمَالٍ كَانَ يَجُوزُ فَإِنْ قَالَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ عَطِيَّةُ مَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُعْطَى وَلَا لِلْمُعْطِي وَمَا لَمْ يَعْلَمْهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَفَتُجِيزُهُ عَلَى مِائَتَيْ دِرْهَمٍ اشْتَرَكَا بِهَا؟ فَإِنْ عَدُّوهُ بَيْعًا فَبَيْعٌ مَا لَمْ يَكُنْ لَا يَجُوزُ أَرَأَيْت رَجُلًا وَهَبَ لَهُ هِبَةً، أَوْ أَجَّرَ نَفْسَهُ فِي عَمَلٍ فَأَفَادَ مَالًا مِنْ عَمَلٍ، أَوْ هِبَةٍ أَيَكُونُ الْآخَرُ فِيهَا شَرِيكًا؟ لَقَدْ أَنْكَرُوا أَقَلّ مِنْ هَذَا
(قَالَ): وَلَوْ أَنَّ عَبْدًا بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ وَهُوَ مُوسِرٌ كَانَ الْخِيَارُ لِلْآخَرِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَإِنْ شَاءَ أَعْتَقَ الْعَبْدَ كَمَا أَعْتَقَ صَاحِبُهُ وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ فَيَكُونُ الْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ شَرِيكَهُ نِصْفَ قِيمَتِهِ وَيَرْجِعُ الشَّرِيكُ بِمَا ضَمِنَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْعَبْدِ وَيَكُونُ الْوَلَاءُ لِلشَّرِيكِ كُلُّهُ وَهُوَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ السِّعَايَةِ شَيْءٌ، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ هُوَ حُرٌّ كُلُّهُ يَوْمَ أَعْتَقَهُ الْأَوَّلُ، وَالْأَوَّلُ ضَامِنٌ لِنِصْفِ الْقِيمَةِ وَلَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْعَبْدِ وَلَهُ الْوَلَاءُ وَلَا يُخَيَّرُ صَاحِبُهُ فِي أَنْ يُعْتِقَ الْعَبْدَ، أَوْ يَسْتَسْعِيَهُ، وَلَوْ كَانَ الَّذِي أَعْتَقَ الْعَبْدَ مُعْسِرًا كَانَ الْخِيَارُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْعَبْدَ نِصْفَ قِيمَتِهِ يَسْعَى فِيهَا، وَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ شَاءَ أَعْتَقَهُ كَمَا أَعْتَقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute