للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَجْرَتُهَا فِيهِ اجْتِنَابُهَا بِهَا لَمْ تَحْرُمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ إيَاسَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ قَالَ " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَضْرِبُوا إمَاءَ اللَّهِ قَالَ فَأَتَاهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَئِرَ النِّسَاءُ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ فَأَذِنَ فِي ضَرْبِهِنَّ فَأَطَافَ بِآلِ مُحَمَّدٍ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - نِسَاءٌ كَثِيرٌ كُلُّهُنَّ يَشْتَكِينَ أَزْوَاجَهُنَّ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَقَدْ أَطَافَ اللَّيْلَةَ بِآلِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ كَثِيرٌ أَوْ قَالَ سَبْعُونَ امْرَأَةً كُلُّهُنَّ يَشْتَكِينَ أَزْوَاجَهُنَّ فَلَا تَجِدُونَ أُولَئِكَ خِيَارَكُمْ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَجَعَلَ لَهُمْ الضَّرْبَ وَجَعَلَ لَهُمْ الْعَفْوَ وَأَخْبَرَ أَنَّ الْخِيَارَ تَرْكُ الضَّرْبِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلَّهِ عَلَيْهَا حَدٌّ عَلَى الْوَالِي أَخْذُهُ وَأَجَازَ الْعَفْوَ عَنْهَا فِي غَيْرِ حَدٍّ فِي الْخَيْرِ الَّذِي تَرَكَتْ حَظَّهَا وَعَصَتْ رَبَّهَا (قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} هُمَا مِمَّا وَصَفَ اللَّهُ وَذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ لَهُ عَلَيْهَا فِي بَعْضِ الْأُمُورِ مَا لَيْسَ لَهَا عَلَيْهِ وَلَهَا فِي بَعْضِ الْأُمُورِ عَلَيْهِ مَا لَيْسَ لَهُ عَلَيْهَا مِنْ حَمْلِ مُؤْنَتِهَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.

مَا لَا يَحِلُّ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ الْمَرْأَةِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ذِكْرُهُ {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} إلَى قَوْلِهِ {مِيثَاقًا غَلِيظًا} فَفَرَضَ اللَّهُ عِشْرَتَهَا بِالْمَعْرُوفِ وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ {فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ} فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَبَاحَ حَبْسَهَا مَكْرُوهَةً وَاكْتَفَى بِالشَّرْطِ فِي عِشْرَتِهَا بِالْمَعْرُوفِ لَا أَنَّهُ أَبَاحَ أَنْ يُعَاشِرَهَا مَكْرُوهَةً بِغَيْرِ الْمَعْرُوفِ ثُمَّ قَالَ {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ} الْآيَةُ فَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْأَخْذُ مِنْ الزَّوْجِ مِنْ غَيْرِ أَمْرٍ مِنْ الْمَرْأَةِ فِي نَفْسِهَا وَلَا عِشْرَتِهَا وَلَمْ تَطِبْ نَفْسًا بِتَرْكِ حَقِّهَا فِي الْقَسْمِ لَهَا وَمَالَهُ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا حَقَّهَا وَلَا حَبْسُهَا إلَّا بِمَعْرُوفٍ وَأَوَّلُ الْمَعْرُوفِ تَأْدِيَةُ الْحَقِّ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ مَالِهَا بِلَا طِيبِ نَفْسِهَا لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إنَّمَا أَذِنَ بِتَخْلِيَتِهَا عَلَى تَرْكِ حَقِّهَا إذَا تَرَكَتْهُ طَيِّبَةَ النَّفْسِ بِهِ وَأَذِنَ بِأَخْذِ مَالِهَا مَحْبُوسَةً وَمُفَارِقَةً بِطِيبِ نَفْسِهَا فَقَالَ {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} إلَى قَوْلِهِ {مَرِيئًا} وَقَالَ {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا} الْآيَةُ وَهَذَا إذْنٌ بِحَبْسِهَا عَلَيْهِ إذَا طَابَتْ بِهَا نَفْسُهَا كَمَا وَصَفْت قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} حَظْرٌ لِأَخْذِهِ إلَّا مِنْ جِهَةِ الطَّلَاقِ قَبْلَ الْإِفْضَاءِ وَهُوَ الدُّخُولُ فَيَأْخُذُ نِصْفَهُ بِمَا جَعَلَ لَهُ وَأَنَّهُ لَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ إلَّا نِصْفَ الْمَهْرِ فِي تِلْكَ الْحَالِ وَلَيْسَ بِحَظْرٍ مِنْهُ إنْ دَخَلَ أَنْ يَأْخُذَهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِهَا وَذَلِكَ أَنَّهُ إنَّمَا حَظَرَ أَخْذَهُ إذَا كَانَ مِنْ قِبَلِ الرَّجُلِ فَأَمَّا إذَا كَانَ مِنْ قِبَلِهَا وَهِيَ طَيِّبَةُ النَّفْسِ بِهِ فَقَدْ أَذِنَ بِهِ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} وَالْحَالُ الَّتِي أَذِنَ بِهِ فِيهَا مُخَالِفَةٌ الْحَالَ الَّتِي حَرَّمَهُ فِيهَا فَإِنْ أَخَذَ مِنْهَا شَيْئًا عَلَى طَلَاقِهَا فَأَقَرَّ أَنَّهُ أَخَذَ بِالْإِضْرَارِ بِهَا مَضَى عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَرَدَّ مَا أَخَذَ مِنْهَا وَكَانَ لَهُ عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ إلَّا أَنْ يَكُونَ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا.

الْوَجْهُ الَّذِي يَحِلُّ بِهِ لِلرَّجُلِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ امْرَأَتِهِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} إلَى قَوْلِهِ {فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ}

<<  <  ج: ص:  >  >>