قُرْحَةٍ أَوْ دَاءٍ فَلَا يَكُونُ حَيْضًا وَتَعْتَدُّ بِالشُّهُورِ، وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً بَالِغًا بِنْتَ عِشْرِينَ سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ لَمْ تَحِضْ قَطُّ فَاعْتَدَّتْ بِالشُّهُورِ فَأَكْمَلَتْهَا ثُمَّ حَاضَتْ كَانَتْ مُنْقَضِيَةَ الْعِدَّةِ بِالشُّهُورِ كَاَلَّتِي لَمْ تَبْلُغْ تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ ثُمَّ تَحِيضُ فَلَا يَكُونُ عَلَيْهَا عِدَّةٌ مُسْتَقْبَلَةٌ وَقَدْ أَكْمَلَتْهَا بِالشُّهُورِ وَلَوْ لَمْ تُكْمِلْهَا حَتَّى حَاضَتْ اسْتَقْبَلَتْ الْحَيْضَ وَسَقَطَتْ الشُّهُورُ.
بَابُ لَا عِدَّةَ عَلَى الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا زَوْجُهَا
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): فَكَانَ بَيِّنًا فِي حُكْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ لَا عِدَّةَ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ أَنْ تُمَسَّ وَأَنَّ الْمَسِيسَ هُوَ الْإِصَابَةُ وَلَمْ أَعْلَمْ فِي هَذَا خِلَافًا ثُمَّ اخْتَلَفَ بَعْضُ الْمُفْتِينَ فِي الْمَرْأَةِ يَخْلُو بِهَا زَوْجُهَا فَيُغْلِقُ بَابًا وَيُرْخِي سِتْرًا وَهِيَ غَيْرُ مُحْرِمَةٍ وَلَا صَائِمَةٍ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَشُرَيْحٌ وَغَيْرُهُمَا لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا إلَّا بِالْإِصَابَةِ نَفْسِهَا لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ هَكَذَا قَالَ.
أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُ قَالَ فِي الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ فَيَخْلُو بِهَا وَلَا يَمَسُّهَا ثُمَّ يُطَلِّقُهَا لَيْسَ لَهَا إلَّا نِصْفُ الصَّدَاقِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَبِهَذَا أَقُولُ وَهُوَ ظَاهِرُ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِنْ وَلَدَتْ الْمَرْأَةُ الَّتِي قَالَ زَوْجُهَا لَمْ أَدْخُلْ بِهَا إلَى أَرْبَعِ سِنِينَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ يَوْمِ عَقَدَ عُقْدَةَ إنْكَاحِهَا لَزِمَ الزَّوْجَ الْوَلَدُ إلَّا بِأَنْ يَلْتَعِنَ فَإِنْ لَمْ يَلْتَعِنْ حَتَّى مَاتَ أَوْ عُرِضَ عَلَيْهِ اللِّعَانُ وَقَدْ أَقَرَّ بِهِ أَوْ نَفَاهُ أَوْ لَمْ يُقِرَّ بِهِ وَلَمْ يَنْفِهِ لَحِقَ نَسَبُهُ بِأَبِيهِ وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ تَامًّا إذَا أَلْزَمْنَاهُ الْوَلَدَ حَكَمْنَا عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مُصِيبٌ لَهَا (قَالَ الرَّبِيعُ) وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَلْتَعِنْ أَلْحَقْنَا بِهِ الْوَلَدَ وَلَمْ نُغَرِّمْهُ إلَّا نِصْفَ الصَّدَاقِ لِأَنَّهَا قَدْ تُسْتَدْخَلُ نُطْفَةً فَتَحْبَلُ فَيَكُونُ وَلَدُهُ مِنْ غَيْرِ مَسِيسٍ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ مَا أَصَابَهَا (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِنْ الْتَعَنَ نَفَيْنَا عَنْهُ الْوَلَدَ وأحلفناه مَا أَصَابَهَا وَكَانَ عَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ، وَلَوْ أَقَرَّ بِالْخَلْوَةِ بِهَا فَقَالَ لَمْ أُصِبْهَا وَقَالَتْ أَصَابَنِي وَلَا وَلَدَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ إذَا جَعَلَتْهُ إذَا طَلَّقَ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا نِصْفُ الصَّدَاقِ إلَّا أَنْ يُصِيبَ وَهِيَ مُدَّعِيَةٌ بِالْإِصَابَةِ عَلَيْهِ نِصْفَ الصَّدَاقِ لَا يَجِبُ إلَّا بِالْإِصَابَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيمَا يُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ يَمِينِهِ وَعَلَيْهَا الْبَيِّنَةُ فَإِنْ جَاءَتْ بِبَيِّنَةٍ بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِإِصَابَتِهَا أَخَذَتْهُ بِالصَّدَاقِ كُلِّهِ، وَكَذَلِكَ إنْ جَاءَتْ بِشَاهِدٍ أَحَلَفْتهَا مَعَ شَاهِدِهَا وَأَعْطَيْتهَا الصَّدَاقَ فَإِنْ جَاءَتْ بِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ قَضَيْت لَهَا بِلَا يَمِينٍ وَإِنْ جَاءَتْ بِامْرَأَتَيْنِ لَمْ أُحَلِّفْهَا أَوْ بِأَرْبَعٍ لَمْ أُعْطِهَا بِهِنَّ لَا أُجِيزَ شَهَادَةَ النِّسَاءِ وَحْدَهُنَّ إلَّا عَلَى مَا لَا يَرَاهُ الرِّجَالُ مِنْ عُيُوبِ النِّسَاءِ خَاصَّةً وَوِلَادِهِنَّ أَوْ مَعَ رَجُلٍ وَقَدْ قَالَ غَيْرُنَا إذَا خَلَا بِهَا فَأَغْلَقَ بَابًا وَأَرْخَى سِتْرًا وَلَيْسَ بِمُحْرِمٍ وَلَا هِيَ صَائِمَةٌ جَعَلْت لَهَا الْمَهْرَ تَامًّا وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ تَامَّةً وَلَوْ صَدَّقَتْهُ أَنَّهُ لَمْ يَمَسَّهَا لِأَنَّ الْعَجْزَ جَاءَ مِنْ قِبَلِهِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَكُونُ لَهَا الْمَهْرُ تَامًّا إلَّا بِالْإِصَابَةِ أَوْ بِأَنْ يَسْتَمْتِعَ مِنْهَا حَتَّى يُخْلِقَ ثِيَابَهَا وَنَحْوَ هَذَا.
عِدَّةُ الْحُرَّةِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ عِنْدَ الْمُسْلِمِ وَالْكِتَابِيِّ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالْحُرَّةُ وَالْكِتَابِيَّةُ يُطَلِّقُهَا الْمُسْلِمُ أَوْ يَمُوتُ عَنْهَا مِثْلُ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ فِي الْعِدَّةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute