للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِدَّةٌ لِأَنَّهَا مُفَارِقَةٌ قَبْلَ أَنْ تُصَابَ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا نَكَحَ الرَّجُلُ الْخُنْثَى عَلَى أَنَّهَا امْرَأَةٌ وَهِيَ تَبُولُ مِنْ حَيْثُ تَبُولُ الْمَرْأَةُ أَوْ مُشْكِلَةٌ وَلَمْ تُنْكَحْ بِأَنَّهَا رَجُلٌ فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ وَلَا خِيَارَ لَهُ وَإِذَا نَكَحَ الْخُنْثَى عَلَى أَنَّهُ رَجُلٌ وَهُوَ يَبُولُ مِنْ حَيْثُ تَبُولُ الْمَرْأَةُ أَوْ عَلَى أَنَّهُ امْرَأَةٌ وَهُوَ يَبُولُ مِنْ حَيْثُ يَبُولُ الرَّجُلُ فَالنِّكَاحُ مَفْسُوخٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْكِحَ إلَّا مِنْ حَيْثُ يَبُولُ أَوْ بِأَنْ يَكُونَ مُشْكِلًا فَإِذَا كَانَ مُشْكِلًا فَلَهُ أَنْ يَنْكِحَ بِأَيِّهِمَا شَاءَ فَإِذَا نَكَحَ بِوَاحِدٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ بِالْآخَرِ وَيَرِثَ وَيُورَثَ مِنْ حَيْثُ يَبُولُ. .

مَا يُحَبُّ مِنْ إنْكَاحِ الْعَبِيدِ

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} (قَالَ الشَّافِعِيُّ): (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): فَدَلَّتْ أَحْكَامُ اللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ لَا مِلْكَ لِلْأَوْلِيَاءِ آبَاءً كَانُوا أَوْ غَيْرَهُمْ عَلَى أَيَامَاهُمْ وَأَيَامَاهُمْ الثَّيِّبَاتُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} وَقَالَ فِي الْمُعْتَدَّاتِ {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ} الْآيَةُ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ فِي نَفْسِهَا» مَعَ مَا سِوَى ذَلِكَ وَدَلَّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ عَلَى أَنَّ الْمَمَالِيكَ لِمَنْ مَلَكَهُمْ وَأَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ شَيْئًا وَلَمْ أَعْلَمْ دَلِيلًا عَلَى إيجَابِ إنْكَاحِ صَالِحِي الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ كَمَا وُجِدَتْ الدَّلَالَةُ عَلَى إنْكَاحِ الْحُرِّ إلَّا مُطْلَقًا فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَنْكِحَ مَنْ بَلَغَ مِنْ الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ ثُمَّ صَالِحُوهُمْ خَاصَّةً وَلَا يَتَبَيَّنُ لِي أَنْ يُجْبَرَ أَحَدٌ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْآيَةَ مُحْتَمِلَةٌ أَنْ يَكُونَ أُرِيدَ بِهِ الدَّلَالَةُ لَا الْإِيجَابُ. .

نِكَاحُ الْعَدَدِ وَنِكَاحُ الْعَبِيدِ

قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} إلَى قَوْلِهِ {أَلا تَعُولُوا} (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): فَكَمَا بَيَّنَّا فِي الْآيَةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ أَنَّ الْمُخَاطَبِينَ بِهَا الْأَحْرَارُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إلَّا الْأَحْرَارُ وَقَوْلُهُ {ذَلِكَ أَدْنَى أَلا تَعُولُوا} فَإِنَّمَا يَعُولُ مَنْ لَهُ الْمَالُ وَلَا مَالَ لِلْعَبِيدِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى طَلْحَةَ وَكَانَ ثِقَةً عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: يَنْكِحُ الْعَبْدُ امْرَأَتَيْنِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَهَذَا قَوْلُ الْأَكْثَرِ مِنْ الْمُفْتِينَ بِالْبُلْدَانِ وَلَا يَزِيدُ الْعَبْدُ عَلَى امْرَأَتَيْنِ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ لَمْ تَكْمُلْ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ مِنْ عَبْدٍ قَدْ عَتَقَ بَعْضُهُ وَمُكَاتَبٍ وَمُدَبَّرٍ وَمُعْتَقٍ إلَى أَجَلٍ وَالْعَبْدُ فِيمَا زَادَ عَلَى اثْنَتَيْنِ مِنْ النِّسَاءِ مِثْلُ الْحُرِّ فِيمَا زَادَ عَلَى أَرْبَعٍ لَا يَخْتَلِفَانِ فَإِذَا جَاوَزَ الْحُرُّ أَرْبَعًا فَقُلْت يَنْفَسِخُ نِكَاحُ الْأَوَاخِرِ مِنْهُنَّ الزَّوَائِدِ عَلَى أَرْبَعٍ فَكَذَلِكَ يَنْفَسِخُ نِكَاحُ مَا زَادَ الْعَبْدُ فِيهِ عَلَى اثْنَتَيْنِ وَكُلُّ مَا خَفِيَ أَنَّهُ أَوَّلُ فَمَا زَادَ الْحُرُّ فِيهِ عَلَى أَرْبَعٍ فَأَبْطَلْت النِّكَاحَ أَوْ جَمَعَتْ الْعُقْدَةُ فِيهِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ فَفَسَخْت نِكَاحَهُنَّ كُلِّهِنَّ، فَكَذَلِكَ أَصْنَعُ فِي الْعَبِيدِ فِيمَا خَفِيَ، وَجَمَعَتْ الْعُقْدَةُ فِيهِ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَتَيْنِ فَعَلَى هَذَا الْبَابِ كُلِّهِ قِيَاسُهُ وَلَا أَعْلَمُ بَيْنَ أَحَدٍ لَقِيته وَلَا حُكِيَ لِي عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ اخْتِلَافًا فِي أَنْ لَا يَجُوزَ نِكَاحُ الْعَبْدِ إلَّا بِإِذْنِ مَالِكِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ مَالِكُهُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى إذَا أَذِنَ لَهُ مَالِكُهُ جَازَ نِكَاحُهُ وَلَا أَحْتَاجَ إلَى أَنْ يَعْقِدَ مَالِكُهُ عُقْدَةَ نِكَاحٍ وَلَكِنَّهُ يَعْقِدُهَا إنْ شَاءَ لِنَفْسِهِ إذَا أَذِنَ لَهُ وَإِنَّمَا يَجُوزُ

<<  <  ج: ص:  >  >>