السُّلْطَانُ مِنْ يَوْمِ يَرْتَفِعَانِ إلَيْهِ سَنَةً فَإِنْ أَصَابَهَا مَرَّةً وَاحِدَةً فَهِيَ امْرَأَتُهُ وَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا خَيَّرَهَا السُّلْطَانُ فَإِنْ شَاءَتْ فُرْقَتَهُ فَسَخَ نِكَاحَهَا وَالْفُرْقَةُ فَسْخٌ بِلَا طَلَاقٍ لِأَنَّهُ يَجْعَلُ فَسْخَ الْعُقْدَةِ إلَيْهَا دُونَهُ وَإِنْ شَاءَتْ الْمُقَامَ مَعَهُ أَقَامَتْ مَعَهُ ثُمَّ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ يُخَيِّرَهَا بَعْدَ مُقَامِهَا مَعَهُ.
وَذَلِكَ أَنَّ اخْتِيَارَهَا الْمُقَامَ مَعَهُ تَرْكٌ لَحَقِّهَا فِي فُرْقَتِهِ فِي مِثْلِ الْحَالِ الَّتِي تَطْلُبُهَا فِيهَا وَإِنْ اخْتَارَتْ الْمُقَامَ مَعَهُ بَعْدَ حُكْمِ السُّلْطَانِ بِتَأْجِيلِهِ وَتَخْيِيرِهَا بَعْدَ السَّنَةِ ثُمَّ فَارَقَهَا وَمَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ نَكَحَهَا نِكَاحًا جَدِيدًا فَسَأَلَتْ أَنْ يُؤَجِّلَ لَهَا أَجَلَّ وَإِنْ عَلِمَتْ قَبْلَ أَنْ تَنْكِحَهُ أَنَّهُ عِنِّينٌ ثُمَّ رَضِيَتْ نِكَاحَهُ أَوْ عَلِمَتْهُ بَعْدَ نِكَاحِهِ ثُمَّ رَضِيَتْ الْمُقَامَ مَعَهُ ثُمَّ سَأَلَتْ أَنْ يُؤَجِّلَ لَهَا أَجَّلَ وَلَا يَقْطَعُ خِيَارَهَا فِي فِرَاقِهِ إلَّا الْأَجَلُ وَاخْتِيَارُهَا الْمُقَامَ مَعَهُ بَعْدَ الْأَجَلِ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَحَدٌ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ عِنِّينٌ حَتَّى يُخْتَبَرَ لِأَنَّ الرَّجُلَ قَدْ يُجَامِعُ ثُمَّ يَنْقَطِعُ الْجِمَاعُ عَنْهُ ثُمَّ يُجَامِعُ وَإِنَّمَا قَطَعْت خِيَارَهَا أَنَّهَا تَرَكَتْهُ بَعْدَ إذْ كَانَ لَهَا لَا شَيْءَ دُونَهُ قَالَ وَلَوْ نَكَحَهَا فَأَجَّلَ ثُمَّ خُيِّرَتْ فَاخْتَارَتْ الْمُقَامَ مَعَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثُمَّ رَاجَعَهَا فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ سَأَلَتْ أَنْ يُؤَجِّلَ لَمْ يَكُنْ لَهَا ذَلِكَ لِأَنَّهَا عِنْدَهُ بِالْعَقْدِ الَّذِي اخْتَارَتْ الْمُقَامَ مَعَهُ فِيهِ بَعْدَ الْحُكْمِ.
(قَالَ الرَّبِيعُ) يُرِيدُ إنْ كَانَ يُنْزِلُ فِيهَا مَاءَهُ فَلَهُ الرَّجْعَةُ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَإِنْ لَمْ يُغَيِّبْ الْحَشَفَةَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ تَرَكَهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا ثُمَّ نَكَحَهَا نِكَاحًا جَدِيدًا ثُمَّ سَأَلَتْ أَنْ يُؤَجِّلَ أَجَّلَ لِأَنَّ هَذَا عَقْدٌ غَيْرُ الْعَقْدِ الَّذِي تَرَكَتْ حَقَّهَا فِيهِ بَعْدَ الْحُكْمِ قَالَ وَإِذَا أَصَابَهَا مَرَّةً فِي عَقْدِ نِكَاحٍ ثُمَّ سَأَلَتْ أَنْ يُؤَجِّلَ لَمْ يُؤَجَّلْ أَبَدًا لِأَنَّهُ قَدْ أَصَابَهَا فِي عَقْدِ النِّكَاحِ وَلَيْسَ كَاَلَّذِي يُصِيبُ غَيْرَهَا وَلَا يُصِيبُهَا لِأَنَّ أَدَاءَهُ إلَى غَيْرِهَا حَقًّا لَيْسَ بِأَدَاءٍ إلَيْهَا وَلَوْ أُجِّلَ الْعِنِّينُ فَاخْتَلَفَا فِي الْإِصَابَةِ فَقَالَ أَصَبْتهَا وَقَالَتْ لَمْ يُصِبْنِي.
فَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ لِأَنَّهَا تُرِيدُ فَسْخَ نِكَاحِهِ وَعَلَيْهِ الْيَمِينُ فَإِنْ حَلَفَ فَهِيَ امْرَأَتُهُ وَإِنْ نَكَلَ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا حَتَّى تَحْلِفَ مَا أَصَابَهَا فَإِنْ حَلَفَتْ خُيِّرَتْ وَإِنْ لَمْ تَحْلِفْ فَهِيَ امْرَأَتُهُ وَلَوْ كَانَتْ بِكْرًا أُرِيهَا أَرْبَعُ نِسْوَةٍ عُدُولٍ فَإِنْ قُلْنَ هِيَ بِكْرٌ فَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِهَا أَنَّهُ لَمْ يُصِبْهَا وَإِنْ شَاءَ الزَّوْجُ حَلَفَتْ هِيَ مَا أَصَابَهَا ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ لَمْ تَحْلِفْ حَلَفَ هُوَ لَقَدْ أَصَابَهَا ثُمَّ أَقَامَ مَعَهَا وَلَمْ تُخَيَّرْ هِيَ وَذَلِكَ أَنَّ الْعُذْرَةَ قَدْ تَعُودُ فِيمَا زَعَمَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ بِهَا إذَا لَمْ يُبَالِغْ فِي الْإِصَابَةِ وَأَقَلُّ مَا يُخْرِجُهُ مِنْ أَنْ يُؤَجَّلَ أَنْ يُغَيِّبَ الْحَشَفَةَ فِي الْفَرْجِ وَذَلِكَ يُحْصِنُهَا وَيُحْلِلْهَا لِلزَّوْجِ لَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَلَوْ أَصَابَهَا فِي دُبُرِهَا فَبَلَغَ مَا بَلَغَ لَمْ يُخْرِجْهُ ذَلِكَ مِنْ أَنْ يُؤَجَّلَ أَجَلَ الْعِنِّينِ لِأَنَّ تِلْكَ غَيْرُ الْإِصَابَةِ الْمَعْرُوفَةِ حَيْثُ تَحِلُّ وَلَوْ أَصَابَهَا حَائِضًا أَوْ مُحْرِمَةً أَوْ صَائِمَةً أَوْ هُوَ مُحْرِمٌ أَوْ صَائِمٌ كَانَ مُسِيئًا فِيهِ وَلَمْ يُؤَجَّلْ وَلَوْ أُجِّلَ فَجُبَّ ذَكَرُهُ
أَوْ نَكَحَهَا مَجْبُوبُ الذَّكَرِ خُيِّرَتْ حِينَ تَعْلَمُ إنْ شَاءَتْ الْمُقَامَ مَعَهُ وَإِنْ شَاءَتْ فَارَقَتْهُ وَلَوْ أُجِّلَ خَصِيٌّ وَلَمْ يُجَبَّ ذَكَرُهُ أَوْ نَكَحَهَا خَصِيٌّ غَيْرُ مَجْبُوبِ الذَّكَرِ لَمْ تُخَيَّرْ حَتَّى يُؤَجَّلَ أَجَلَ الْعِنِّينِ فَإِنْ أَصَابَهَا فَهِيَ امْرَأَتُهُ وَإِلَّا صُنِعَ فِيهِ مَا صُنِعَ فِي الْعِنِّينِ.
وَلَوْ نَكَحَهَا وَهُوَ يَقُولُ أَنَا عَقِيمٌ أَوْ لَا يَقُولُهُ حَتَّى مَلَكَ عُقْدَتَهَا ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ لَمْ يَكُنْ لَهَا خِيَارٌ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ عَقِيمٌ أَبَدًا حَتَّى يَمُوتَ لِأَنَّ وَلَدَ الرَّجُلِ يُبْطِئُ شَابًّا وَيُولَدُ لَهُ شَيْخًا وَلَيْسَ لَهَا فِي الْوَلَدِ تَخْيِيرٌ إنَّمَا التَّخْيِيرُ فِي فَقْدِ الْجِمَاعِ لَا الْوَلَدِ أَلَا تَرَى أَنَّا لَا نُؤَجِّلُ الْخَصِيَّ إذَا أَصَابَ وَالْأَغْلَبُ أَنَّهُ لَا يُولَدُ لَهُ وَلَوْ كَانَ خَصِيًّا قُطِعَ بَعْضُ ذَكَرِهِ وَبَقِيَ لَهُ مِنْهُ مَا يَقَعُ مَوْقِعَ ذَكَرِ الرَّجُلِ فَلَمْ يُصِبْهَا أُجِّلَ أَجَلَ الْعِنِّينِ وَلَمْ تُخَيَّرْ قَبْلَ أَجَلِ الْعِنِّينِ لِأَنَّ هَذَا يُجَامِعُ وَإِذَا كَانَ الْخُنْثَى يَبُولُ مِنْ حَيْثُ يَبُولُ الرَّجُلُ فَنَكَحَ عَلَى أَنَّهُ رَجُلٌ فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ وَلَا خِيَارَ لِلْمَرْأَةِ وَيُؤَجَّلُ إنْ شَاءَتْ أَجَلَ الْعِنِّينِ وَإِذَا كَانَ مُشْكِلًا فَلَهُ أَنْ يَنْكِحَ بِأَيِّهِمَا شَاءَ فَإِنْ نَكَحَ بِأَحَدِهِمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ بِالْآخَرِ وَيَرِثُ وَيُورَثُ عَلَى مَا حَكَمْنَا لَهُ بِأَنْ يَنْكِحَ عَلَيْهِ (قَالَ الرَّبِيعُ) وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّا لَا نُوَرِّثُهُ إلَّا مِيرَاثَ امْرَأَةٍ وَإِنْ تَزَوَّجَ عَلَى أَنَّهُ رَجُلٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِاخْتِيَارِهِ أَنْ يَكُونَ رَجُلًا أُعْطِيَهُ الْمَالَ بِقَوْلِهِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَيْسَ لِلْمَرْأَةِ إنْ اسْتَمْتَعَ بِهَا زَوْجُهَا إذَا قَالَتْ لَمْ يُصِبْنِي إلَّا نِصْفُ الْمَهْرِ وَلَا عَلَيْهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute