يُعْطِيَهُمْ مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ شَيْئًا، وَهَذَا عِنْدِي أَشْبَهُ بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا يُعْطِي زَوْجَتَهُ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهَا تَلْزَمُهُ، وَإِنَّمَا قُلْت: لَا يُعْطِي مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ أَغْنِيَاءُ بِهِ فِي نَفَقَاتِهِمْ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ كَانَتْ امْرَأَتُهُ، أَوْ ابْنٌ لَهُ بَلَغَ فَادَّانَ ثُمَّ زَمِنَ وَاحْتَاجَ، أَوْ أَبٌ لَهُ دَائِنًا، أَعْطَاهُمْ مِنْ سَهْمِ الْغَارِمِينَ، وَكَذَلِكَ مِنْ سَهْمِ ابْنِ السَّبِيلِ، وَيُعْطِيهِمْ بِمَا عَدَا الْفَقْرَ وَالْمَسْكَنَةَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الدَّيْنِ عَنْهُمْ وَلَا حَمْلُهُمْ إلَى بَلَدٍ أَرَادُوهُ، فَلَا يَكُونُونَ أَغْنِيَاءَ عَنْ هَذَا كَمَا كَانُوا أَغْنِيَاءَ عَنْ الْفَقْرِ وَالْمَسْكَنَةِ بِإِنْفَاقِهِ عَلَيْهِمْ (قَالَ): وَيُعْطِي أَبَاهُ وَجَدَّهُ وَأُمَّهُ وَجَدَّتَهُ وَوَلَدَهُ بَالِغِينَ غَيْرَ زَمْنَى مِنْ صَدَقَتِهِ إذَا أَرَادُوا سَفَرًا؛ لِأَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ فِي حَالَاتِهِمْ تِلْكَ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَيُعْطِي رِجَالَهُمْ أَغْنِيَاءَ وَفُقَرَاءَ إذَا غَزَوْا، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانُوا مِنْ غَيْرِ آلِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَأَمَّا آلُ مُحَمَّدٍ الَّذِينَ جُعِلَ لَهُمْ الْخُمُسُ عِوَضًا مِنْ الصَّدَقَةِ فَلَا يُعْطَوْنَ مِنْ الصَّدَقَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ شَيْئًا، قَلَّ، أَوْ كَثُرَ، لَا يَحِلُّ لَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوهَا وَلَا يُجْزِئُ عَمَّنْ يُعْطِيهُمُوهَا إذَا عَرَفَهُمْ، وَإِنْ كَانُوا مُحْتَاجِينَ وَغَارِمِينَ وَمِنْ أَهْلِ السُّهْمَانِ، وَإِنْ حُبِسَ عَنْهُمْ الْخُمُسُ وَلَيْسَ مَنْعُهُمْ حَقَّهُمْ فِي الْخُمُسِ، يُحِلُّ لَهُمْ مَا حَرُمَ عَلَيْهِمْ مِنْ الصَّدَقَةِ (قَالَ): وَآلُ مُحَمَّدٍ الَّذِينَ تَحْرُمُ عَلَيْهِمْ الصَّدَقَةُ الْمَفْرُوضَةُ أَهْلُ الْخُمُسِ، وَهُمْ أَهْلُ الشِّعْبِ، وَهُمْ صُلْبِيَّةُ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ، وَلَا يَحْرُمُ عَلَى آلِ مُحَمَّدٍ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ إنَّمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ الصَّدَقَةُ الْمَفْرُوضَةُ، أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَشْرَبُ مِنْ سِقَايَاتِ النَّاسِ بِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَقُلْت لَهُ: أَتَشْرَبُ مِنْ الصَّدَقَةِ وَهِيَ لَا تَحِلُّ لَك؟ فَقَالَ: إنَّمَا حَرُمَتْ عَلَيْنَا الصَّدَقَةُ الْمَفْرُوضَةُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَتَصَدَّقَ عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ بِأَمْوَالِهِمَا، وَذَلِكَ أَنَّ هَذَا تَطَوُّعٌ، وَقَبِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْهَدِيَّةَ مِنْ صَدَقَةٍ تُصُدِّقَ بِهَا عَلَى بَرِيرَةَ، وَذَلِكَ أَنَّهَا مِنْ بَرِيرَةَ تَطَوُّعٌ لَا صَدَقَةٌ (قَالَ): وَإِذَا تَوَلَّى الْعَامِلُ قَسْمَ الصَّدَقَاتِ قَسَمَهَا عَلَى مَا وَصَفْت وَكَانَ الْأَمْرُ فِيهَا عَلَيْهِ وَاسِعًا؛ لِأَنَّهُ يَجْمَعُ صَدَقَاتٍ عَامَّةً فَتَكْثُرُ فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُؤْثِرَ فِيهَا أَحَدًا عَلَى أَحَدٍ عَلِمَ مَكَانَهُ، فَإِنْ فَعَلَ عَلَى غَيْرِ الِاجْتِهَادِ خَشِيت عَلَيْهِ الْمَأْثَمَ، وَلَمْ يَبِنْ لِي أَنَّ أُضَمِّنَهُ إذَا أَعْطَاهَا أَهْلَهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ نَقَلَهَا مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ فِيهِ أَهْلُ الْأَصْنَافِ لَمْ يَتَبَيَّنْ لِي أَنْ أُضَمِّنَهُ فِي الْحَالَيْنِ (قَالَ): وَلَوْ ضَمَّنَهُ رَجُلٌ كَانَ مَذْهَبًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَالَ): فَأَمَّا لَوْ تَرَكَ الْعَامِلُ أَهْلَ صِنْفٍ مَوْجُودِينَ حَيْثُ يَقْسِمُهَا، هُوَ يَعْرِفُهُمْ وَأَعْطَى حَظَّهُمْ غَيْرَهُمْ ضَمِنَ؛ لِأَنَّ سَهْمَ هَؤُلَاءِ بَيِّنٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَلَيْسَ أَنْ يَعُمَّهُمْ بَيِّنًا فِي النَّصِّ، وَكَذَلِكَ إذَا قَسَمَهَا الْوَالِي لَهَا فَتَرَكَ أَهْلَ سَهْمٍ مَوْجُودِينَ ضَمِنَ لِمَا وَصَفْت.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): الْفَقِيرُ الَّذِي لَا حِرْفَةَ لَهُ وَلَا مَالَ، وَالْمِسْكِينُ الَّذِي لَهُ الشَّيْءُ وَلَا يَقُومُ بِهِ.
بَابُ الْعِلَّةِ فِي اجْتِمَاعِ أَهْلِ الصَّدَقَةِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا كَانَتْ الصَّدَقَةُ ثَمَانِيَةَ آلَافٍ وَأَهْلُ السُّهْمَانِ مَوْجُودِينَ فَكَانَ فِيهِمْ فَقِيرٌ وَاحِدٌ يَسْتَغْرِقُ سَهْمَهُ وَمِسْكِينٌ وَاحِدٌ يَسْتَغْرِقُ سَهْمَهُ وَغَارِمُونَ مِائَةٌ يَعْجَزُ السَّهْمُ كُلُّهُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَسَأَلَ الْغَارِمُونَ أَنْ يُعْطَى الْفُقَرَاءُ وَالْمَسَاكِينُ ثُلُثَ سَهْمٍ؛ لِأَنَّهُ وَاحِدٌ وَأَقَلُّ مَا يُجْزِي عَلَيْهِ أَنْ يُعْطَى إذَا وُجِدُوا ثَلَاثَةٌ، قِيلَ لَيْسَ ذَلِكَ لَكُمْ؛ لِأَنَّكُمْ لَا تَسْتَحِقُّونَ مِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ شَيْئًا أَبَدًا مَا كَانَ مِنْهُمْ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ وَالسَّهْمُ مَجْمُوعٌ مُقْتَصَرٌ بِهِ عَلَيْهِمْ مَا احْتَاجَ إلَيْهِ أَحَدٌ مِنْهُمْ، فَإِذَا فَضَلَ مِنْهُ فَضْلٌ كُنْتُمْ وَغَيْرُكُمْ مِنْ أَهْلِ السُّهْمَانِ فِيهِ سَوَاءٌ وَأَنْتُمْ لَا تَسْتَحِقُّونَ إلَّا بِمَا يَسْتَحِقُّ بِهِ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، وَكَذَلِكَ هَذَا فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute