للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ مَتَى يَجِبُ الْبَيْعُ

سَأَلْت الشَّافِعِيَّ: مَتَى يَجِبُ الْبَيْعُ حَتَّى لَا يَكُونَ لِلْبَائِعِ نَقْضُهُ وَلَا لِلْمُشْتَرِي نَقْضُهُ إلَّا مِنْ عَيْبٍ؟ قَالَ: إذَا تَفَرَّقَ الْمُتَبَايِعَانِ بَعْدَ عُقْدَةِ الْبَيْعِ مِنْ الْمَقَامِ الَّذِي تَبَايَعَا فِيهِ فَقُلْت: وَمَا الْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ؟ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْمُتَبَايِعَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ عَلَى صَاحِبِهِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا إلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ» فَقُلْت لَهُ: فَإِنَّا نَقُولُ لَيْسَ لِذَلِكَ عِنْدَنَا حَدٌّ مَعْرُوفٌ وَلَا أَمْرٌ مَعْمُولٌ بِهِ فِيهِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): الْحَدِيثُ بَيِّنٌ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَأْوِيلٍ وَلَكِنِّي أَحْسِبُكُمْ الْتَمَسْتُمْ الْعُذْرَ مِنْ الْخُرُوجِ مِنْهُ بِتَجَاهُلٍ كَيْفَ وَجْهُ الْحَدِيثِ وَأَيُّ شَيْءٍ فِيهِ يَخْفَى عَلَيْهِ قَدْ زَعَمْتُمْ أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِمَالِكِ بْنِ أَوْسٍ حِينَ اصْطَرَفَ مِنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَقَالَ لَهُ طَلْحَةُ أَنْظِرْنِي حَتَّى يَأْتِيَ خَازِنِي مِنْ الْغَابَةِ فَقَالَ: لَا وَاَللَّهِ لَا تُفَارِقُهُ حَتَّى تَقْبِضَ مِنْهُ فَزَعَمْتُمْ أَنَّ الْفِرَاقَ فِرَاقُ الْأَبَدَانِ فَكَيْفَ لَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْمُتَبَايِعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا أَنَّ الْفِرَاقَ فِرَاقُ الْأَبْدَانِ» فَإِنْ قُلْتُمْ: لَيْسَ هَذَا أَرَدْنَا إنَّمَا أَرَدْنَا أَنْ يَكُونَ عُمِلَ بِهِ بَعْدَهُ فَابْنُ عُمَرَ الَّذِي سَمِعَهُ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا ابْتَاعَ الشَّيْءَ يُعْجِبُهُ أَنْ يَجِبَ لَهُ فَارَقَ صَاحِبَهُ فَمَشَى قَلِيلًا ثُمَّ رَجَعَ أَخْبَرَنَا بِذَلِكَ سُفْيَانُ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَقَدْ خَالَفْتُمْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَابْنَ عُمَرَ جَمِيعًا. .

بَابُ بَيْعِ الْبَرْنَامَجِ

سَأَلْت الشَّافِعِيَّ عَنْ بَيْعِ السَّاجِ الْمُدْرَجِ وَالْقِبْطِيَّةِ وَبَيْعِ الْأَعْدَالِ عَلَى الْبَرْنَامَجِ عَلَى أَنَّهُ وَاجِبٌ بِصِفَةٍ أَوْ غَيْرِ صِفَةٍ قَالَ: لَا يَجُوزُ مِنْ هَذَا شَيْءٌ إلَّا لِمُشْتَرِيهِ الْخِيَارُ إذَا رَآهُ قُلْت: وَمَا الْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ؟ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ وَعَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ» فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ: فَإِنَّا نَقُولُ فِي السَّاجِ الْمُدْرَجِ وَالْقِبْطِيِّ الْمُدْرَجِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُمَا لِأَنَّهُمَا فِي مَعْنَى الْمُلَامَسَةِ وَنَزْعُمُ أَنَّ بَيْعَ الْأَعْدَالِ عَلَى الْبَرْنَامَجِ يَجُوزُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): فَالْأَعْدَالُ الَّتِي لَا تُرَى أُدْخِلَ فِي مَعْنَى الْغَرَرِ الْمُحَرَّمِ مِنْ الْقِبْطِيَّةِ وَالسَّاجِ يُرَى بَعْضُهُ دُونَ بَعْضٍ وَلِأَنَّهُ لَا يُرَى مِنْ الْأَعْدَالِ شَيْءٌ وَأَنَّ الصَّفْقَةَ تَقَعُ مِنْهَا عَلَى ثِيَابٍ مُخْتَلِفَةٍ فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ: إنَّمَا نُفَرِّقُ بَيْنَ ذَلِكَ لِأَنَّ النَّاسَ أَجَازُوهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): مَا عَلِمْت أَحَدًا يَقْتَدِي بِهِ فِي الْعَلَمِ أَجَازَهُ فَإِنْ قُلْتُمْ: إنَّمَا أَجَزْنَاهُ عَلَى الصَّفْقَةِ فَبُيُوعُ الصَّفَقَاتِ لَا تَجُوزُ إلَّا مَضْمُونَةً عَلَى صَاحِبِهَا بِصِفَةٍ يَكُونُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا بِكُلِّ حَالٍ وَلَيْسَ هَكَذَا بَيْعُ الْبَرْنَامَجِ أَرَأَيْت لَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ أَيَكُونُ عَلَى بَائِعِهِ أَنْ يَأْتِيَ بِصِفَةِ مِثْلِهِ فَإِنْ قُلْتُمْ: لَا فَهَذَا لَا بَيْعُ عَيْنٍ وَلَا بَيْعُ صِفَةٍ. .

. بَابُ بَيْعِ الثَّمَرِ سَأَلْت الشَّافِعِيَّ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ فَقَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ نَهَى الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَبِهَذَا نَأْخُذُ وَفِيهِ دَلَائِلُ بَيِّنَةٌ مِنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>