لِأَنَّ الْفِرَاقَ إنَّمَا يَكُونُ بِرِضَاهَا وَامْتِنَاعِهِ مِنْ الْفَيْءِ فَلَا يَكُونُ لِأَحَدٍ طَلَبٌ أَنْ يُفَارِقَ بِحُكْمٍ يَلْزَمُ زَوْجَهَا غَيْرُهَا وَهِيَ مِمَّنْ لَا طَلَبَ لَهُ وَلَوْ طَلَبَتْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَى الزَّوْجِ وَهَكَذَا الصَّبِيَّةُ الَّتِي لَا تَعْقِلُ فِي كُلِّ مَا وَصَفْت.
قَالَ: وَلَوْ قَذَفَ الْمَجْنُونَةَ وَانْتَفَى مِنْ وَلَدِهَا قِيلَ لَهُ إنْ أَرَدْت أَنْ تَنْفِيَ الْوَلَدَ بِاللِّعَانِ فَالْتَعِنْ فَإِذَا الْتَعَنَ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا وَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَنْكِحَهَا أَبَدًا وَلَا يُرَدَّ عَلَيْهِ وَيُنْفَى عَنْهُ الْوَلَدُ وَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ أُلْحِقَ بِهِ الْوَلَدُ وَلَا يُعَزَّرُ وَلَمْ يَنْكِحْهَا أَبَدًا فَإِنْ أَبَى أَنْ يَلْتَعِنَ فَهِيَ امْرَأَتُهُ وَالْوَلَدُ وَلَدُهُ وَلَا يُعَزَّرُ لَهَا، قَالَ وَأَيُّ وَلَدٍ وَلَدَتْهُ مَا كَانَتْ فِي مِلْكِهِ لَزِمَهُ إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِلِعَانٍ، وَإِنْ وُجِدَ مَعَهَا وَلَدٌ فَقَالَ لَمْ تَلِدْهُ وَلَا قَافَةَ وريئت تَدِرُّ عَلَيْهِ وَتُرْضِعُهُ وَتَحْنُوا عَلَيْهِ حُنُوَّ الْأُمِّ لَمْ تَكُنْ أُمُّهُ إلَّا بِأَنْ يَشْهَدَ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ أَنَّهَا وَلَدَتْهُ أَوْ يُقِرَّ هُوَ بِأَنَّهَا وَلَدَتْهُ فَيُلْحِقَهُ، وَإِنْ كَانَتْ قَافَةٌ فَأَلْحَقُوهُ بِهَا فَهُوَ وَلَدُهُ إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِلِعَانٍ، وَلَيْسَ لِلْأَبِ فِي الصَّبِيَّةِ وَالْمَغْلُوبَةِ عَلَى عَقْلِهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا عَبْدًا وَلَا غَيْرَ كُفْءٍ لَهَا، وَأَنْظُرُ كُلَّ امْرَأَةٍ كَانَتْ بَالِغًا ثَيِّبًا فَدَعَتْ إلَيْهِ كَانَ لِأَبِيهَا وَوَلِيِّهَا مَنْعُهَا مِنْهُ وَلَيْسَ لِلْأَبِ عَلَيْهَا إدْخَالُهَا فِيهِ وَلَا لِلْأَبِ وَلَا لِلسُّلْطَانِ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُزَوِّجَهَا مَجْبُوبًا وَكَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُكْرِهَ أَمَتَهُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ بِنِكَاحٍ وَلَهُ أَنْ يَهَبَهَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ وَيَبِيعَهَا مِنْهُ وَلَا لِوَلِيِّ الصَّبِيِّ أَنْ يُزَوِّجَهُ مَجْنُونَةً وَلَا جَذْمَاءَ وَلَا بَرْصَاءَ وَلَا مَغْلُوبَةً عَلَى عَقْلِهَا وَلَا امْرَأَةً لَا تُطِيقُ جِمَاعًا بِحَالٍ وَلَا أَمَةً وَإِنْ كَانَ لَا يَجِدُ طَوْلًا لِحُرَّةٍ لِأَنَّهُ مِمَّنْ لَا يَخَافُ الْعَنَتَ. .
النِّكَاحُ بِالشُّهُودِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَا نِكَاحَ لِلْأَبِ فِي ثَيِّبٍ وَلَا لِوَلِيٍّ غَيْرِ الْأَبِ فِي بِكْرٍ وَلَا ثَيِّبٍ غَيْرِ مَغْلُوبَةٍ عَلَى عَقْلِهَا حَتَّى يَجْمَعَ النِّكَاحُ أَرْبَعًا أَنْ تَرْضَى الْمَرْأَةُ الْمُزَوَّجَةُ وَهِيَ بَالِغٌ وَالْبُلُوغُ أَنْ تَحِيضَ أَوْ تَسْتَكْمِلَ خَمْسَ عَشَرَةَ سَنَةً وَيَرْضَى الزَّوْجُ الْبَالِغُ وَيُنْكِحُ الْمَرْأَةَ وَلِيٌّ لَا أَوْلَى مِنْهُ أَوْ السُّلْطَانُ وَيَشْهَدُ عَلَى عَقْدِ النِّكَاحِ شَاهِدَانِ عَدْلَانِ فَإِنْ نَقَصَ النِّكَاحُ وَاحِدًا مِنْ هَذَا كَانَ فَاسِدًا، قَالَ وَلِأَبِي الْبِكْرِ أَنْ يُزَوِّجَهَا صَغِيرَةً وَكَبِيرَةً بِغَيْرِ أَمْرِهَا وَأَحَبُّ إلَيَّ إنْ كَانَتْ بَالِغًا أَنْ يَسْتَأْمِرَهَا وَذَلِكَ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ فِي أَمَتِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ فِي عَبْدِهِ وَلَا لِأَحَدٍ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ غَيْرِ الْآبَاءِ فِي الْبِكْرِ وَهَكَذَا لِأَبِي الْمَجْنُونَةِ الْبَالِغِ أَنْ يُزَوِّجَهَا تَزْوِيجَ الصَّغِيرَةِ الْبِكْرِ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا وَلَيْسَ ذَلِكَ لِغَيْرِ الْآبَاءِ إلَّا السُّلْطَانَ.
النِّكَاحُ بِالشُّهُودِ أَيْضًا
أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ وَسَعِيدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خَيْثَمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَا نِكَاحَ إلَّا بِشَاهِدَيْ عَدْلٍ وَوَلِيٍّ مُرْشِدٍ وَأَحْسَبُ مُسْلِمَ بْنَ خَالِدٍ قَدْ سَمِعَهُ مِنْ ابْنِ خَيْثَمٍ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ قَالَ أُتِيَ عُمَرُ بِنِكَاحٍ لَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ إلَّا رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ فَقَالَ هَذَا نِكَاحُ السِّرِّ وَلَا أُجِيزُهُ وَلَوْ كُنْت تَقَدَّمْت فِيهِ لَرَجَمْت قَالَ وَلَوْ شَهِدَ النِّكَاحَ مَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ وَإِنْ كَثُرُوا مِنْ أَحْرَارِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ شَهَادَةُ عَبِيدٍ مُسْلِمِينَ أَوْ أَهْلِ ذِمَّةٍ لَمْ يَجُزْ النِّكَاحُ حَتَّى يَنْعَقِدَ بِشَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ قَالَ: وَإِذَا كَانَا الشَّاهِدَانِ لَا يُرَدَّانِ مِنْ جِهَةِ التَّعْدِيلِ وَلَا الْحُرِّيَّةِ وَلَا الْبُلُوغِ وَلَا عِلَّةَ فِي أَنْفُسِهِمَا خَاصَّةً جَازَ النِّكَاحُ، قَالَ وَإِذَا كَانَا عَدْلَيْنِ عَدُوَّيْنِ لِلْمَرْأَةِ أَوْ لِلرَّجُلِ فَتَصَادَقَ الزَّوْجَانِ عَلَى النِّكَاحِ جَازَتْ الشَّهَادَةُ لِأَنَّهَا شَهَادَةُ عَدْلَيْنِ وَإِنْ تَجَاحَدَا لَمْ يَجُزْ النِّكَاحُ لِأَنِّي لَا أُجِيزُ شَهَادَتَهُمَا عَلَى عَدُوَّيْهِمَا وَأَحْلَفْت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute