رِجْلُهُ مَعَ يَدِهِ كَانَتْ فِي الْيَدِ وَالرِّجْلِ الدِّيَةُ وَفِي الْمَأْمُومَةِ ثُلُثُ النَّفْسِ؛ لِأَنَّهَا جِنَايَةٌ لَهَا حُكْمٌ مَعْلُومٌ أَهْلَكَتْ عُضْوَيْنِ لَهُمَا حُكْمٌ مَعْلُومٌ وَلَوْ أَصَابَهُ بِمَأْمُومَةٍ فَأَوْرَثَتْهُ جُبْنًا أَوْ فَزَعًا أَوْ غَشْيًا إذَا فَزِعَ مِنْ رَعْدٍ أَوْ غَيْرِهِ كَانَتْ فِيهَا مَعَ الْمَأْمُومَةِ حُكُومَةٌ لَا دِيَةٌ وَإِذَا جَنَى عَلَيْهِ فَذَهَبَ عَقْلُهُ فَفِي ذَهَابِ عَقْلِهِ الدِّيَةُ وَإِنْ كَانَ مَعَ ذَهَابِ عَقْلِهِ جَنَى عَلَيْهِ جِنَايَةً لَهَا أَرْشٌ مَعْلُومٌ فَعَلَيْهِ أَرْشُ تِلْكَ الْجِنَايَةِ مَعَ الدِّيَةِ فِي ذَهَابِ الْعَقْلِ وَلَوْ صَاحَ عَلَيْهِ أَوْ ذَعَرَهُ بِشَيْءٍ فَذَهَبَ عَقْلُهُ لَمْ يَبِنْ لِي أَنَّ عَلَيْهِ شَيْئًا إذَا كَانَ الْمَصِيحُ عَلَيْهِ بَالِغًا يَعْقِلُ شَيْئًا، وَكَذَلِكَ لَوْ صَاحَ عَلَيْهِ وَهُوَ رَاكِبٌ دَابَّةً أَوْ جِدَارًا فَسَقَطَ فَمَاتَ أَوْ أَصَابَهُ شَيْءٌ لَمْ يَبِنْ لِي أَنَّ عَلَى الصَّائِحِ شَيْئًا، وَلَكِنْ لَوْ صَاحَ عَلَى صَبِيٍّ أَوْ مَعْتُوهٍ لَا يَعْقِلُ أَوْ فَزَّعَهُ فَسَقَطَ مِنْ صَيْحَتِهِ ضَمِنَ مَا أَصَابَهُ.
وَكَذَلِكَ لَوْ ذَهَبَ عَقْلُ الصَّبِيِّ ضَمِنَ دِيَتَهُ وَالصِّيَاحُ فِي الصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ إذَا كَانَتْ مِنْهُ جِنَايَةً يَضْمَنُهَا الصَّائِحُ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُفَرِّقَانِ بَيْنَ الصِّيَاحِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ عَدَا رَجُلٌ عَلَى بَالِغٍ يَعْقِلُ بِسَيْفٍ فَلَمْ يَضْرِبْهُ بِهِ وَذَعَرَهُ ذُعْرًا أَذْهَبَ عَقْلَهُ لَمْ يَبِنْ لِي أَنَّ عَلَيْهِ دِيَةٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّ هَذَا لَمْ تَقَعْ بِهِ جِنَايَةٌ وَأَنَّ الْأَغْلَبَ مِنْ الْبَالِغِينَ أَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يُذْهِبُ الْعَقْلَ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا عَدَا عَلَى رَجُلٍ بِسَيْفٍ وَلَمْ يَنَلْهُ بِهِ وَجَعَلَ يَطْلُبُهُ وَالْمَطْلُوبُ يَهْرُبُ مِنْهُ فَوَقَعَ مِنْ ظَهْرِ بَيْتٍ يَرَاهُ فَمَاتَ لَمْ يَبِنْ لِي أَنْ يَضْمَنَ هَذَا دِيَتَهُ؛ لِأَنَّهُ أَلْقَى نَفْسَهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَلْقَى نَفْسَهُ فِي مَاءٍ فَغَرِقَ أَوْ نَارٍ فَاحْتَرَقَ أَوْ بِئْرٍ فَمَاتَ وَإِنْ كَانَ أَعْمَى أَوْ بَصِيرًا فَوَقَعَ فِيمَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِثْلُ حُفْرَةٍ خَفِيَّةٍ أَوْ شَيْءٍ خَفِيٍّ أَوْ مِنْ ظَهْرِ بَيْتٍ فَانْخَسَفَ بِهِ فَمَاتَ ضَمِنْت عَاقِلَةُ الطَّالِبِ دِيَتَهُ؛ لِأَنَّهُ اضْطَرَّهُ إلَى هَذَا وَلَمْ يُحْدِثْ الْمَيِّتُ عَلَى نَفْسِهِ مَا تَسْقُطُ بِهِ الْجِنَايَةُ عَنْ الْجَانِي عَلَيْهِ.
وَكَذَلِكَ لَوْ عَرَضَ لَهُ بِدُبٍّ يَطْلُبُهُ إيَّاهُ أَوْ أَسَدٍ فَأَكَلَهُ أَوْ فَحْلٍ فَقَتَلَهُ أَوْ لِصٍّ فَقَتَلَهُ لَمْ يَضْمَنْ الطَّالِبُ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الْجَانِي عَلَيْهِ غَيْرُهُ. .
سَلْخُ الْجِلْدِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا سَلَخَ شَيْئًا مِنْ جِلْدِ بَدَنِ رَجُلٍ فَلَمْ يَبْلُغْ أَنْ يَكُونَ جَائِفَةً وَعَادَ الْجِلْدُ فَالْتَأَمَ أَوْ سَقَطَ الْجِلْدُ فَنَبَتَ جِلْدٌ غَيْرُهُ فَعَلَيْهِ حُكُومَةٌ فَإِنْ كَانَ عَمْدًا فَاسْتُطِيعَ الِاقْتِصَاصُ مِنْهُ اُقْتُصَّ مِنْهُ وَإِلَّا فَدِيَتُهُ فِي مَالِهِ وَإِذَا بَرَأَ الْجِلْدُ مَعِيبًا زِيدَ فِي الْحُكُومَةِ بِقَدْرِ عَيْبِ الْجِلْدِ مَعَ مَا نَالَهُ مِنْ الْأَلَمِ وَلَوْ كَانَ هَذَا فِي رَأْسِهِ أَوْ الْجَسَدِ أَوْ فِيهِمَا مَعًا أَوْ فِي بَعْضِهِمَا فَنَبَتَ الشَّعْرُ كَانَتْ فِيهِ حُكُومَةٌ إنْ كَانَ خَطَأً لَا يُبْلَغُ بِهَا دِيَةٌ وَإِنْ لَمْ يَنْبُتْ الشَّعْرُ غَيْرَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْبُتْ الشَّعْرُ زِيدَ فِي الْحُكُومَةِ بِقَدْرِ الشَّيْنِ مَعَ الْأَلَمِ وَلَوْ أَفْرَغَ رَجُلٌ عَلَى رَأْسِ رَجُلٍ أَوْ لِحْيَتِهِ حَمِيمًا أَوْ نَتْفَهُمَا وَلَمْ تَنْبُتَا كَانَتْ عَلَيْهِ حُكُومَةٌ يُزَادُ فِيهَا بِقَدْرِ الشَّيْنِ وَلَوْ نَبَتَا أَرَقَّ مِمَّا كَانَا أَوْ أَقَلَّ أَوْ نَبَتَا وَافِرَيْنِ كَانَتْ عَلَيْهِ حُكُومَةٌ يُنْقَصُ مِنْهَا إذَا كَانَتْ أَقَلَّ شَيْئًا وَيُزَادُ فِيهَا إذَا كَانَتْ أَكْثَرَ شَيْئًا وَلَوْ حَلَقَهُ حَلَّاقٌ فَنَبَتَ شَعْرُهُ كَمَا كَانَ أَوْ أَجْوَدَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَالْحِلَاقُ لَيْسَ بِجِنَايَةٍ؛ لِأَنَّ فِيهِ نُسُكًا فِي الرَّأْسِ وَلَيْسَ فِيهِ كَثِيرُ أَلَمٍ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ فِي اللِّحْيَةِ لَا يَجُوزُ فَلَيْسَ فِيهِ كَثِيرُ أَلَمٍ وَلَا ذَهَابُ شَعْرٍ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَخْلَفُ وَلَوْ اسْتَخْلَفَ الشَّعْرُ نَاقِصًا أَوْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ كَانَتْ فِيهِ حُكُومَةٌ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا حَلَقَ غَيْرَ شَعْرِ الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ فَلَمْ يَنْبُتْ أَيَّ مَوْضِعٍ كَانَ الشَّعْرُ أَوْ مِنْ امْرَأَةٍ كَانَتْ فِيهِ حُكُومَةٌ بِقَدْرِ قِلَّةِ شَيْنِهِ وَسَوَاءٌ مَا ظَهَرَ مِنْ النَّبَاتِ مِنْ شَعْرِ الْجَسَدِ أَوْ بَطْنٍ إلَّا أَنَّهُ آثِمٌ إنْ كَانَ أَفْضَى إلَى أَنْ تُرَى عَوْرَتُهُ، وَكَذَلِكَ هُوَ مِنْ امْرَأَةٍ إلَّا أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَمَسَّ ذَلِكَ مِنْ امْرَأَةٍ وَلَا يَرَاهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ زَوْجَتَهُ.
وَكَذَلِكَ مَا حَلَقَ مِنْ رِقَابِهِمَا مِنْ دُونِ مَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ وَشَعْرِ اللِّحْيَةِ مِنْ الرَّجُلِ وَإِنْ كَانَتْ لِحْيَةُ رَجُلٍ مُنْتَشِرَةٌ فِي حَلْقِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute