قُلْته خَبَرًا وَقِيَاسًا وَأَنَّ فِي اللُّبْسِ وَالطِّيبِ مُخَالَفَةُ حَالِهِ فِي جَزِّ الشَّعْرِ وَقَتْلِ الصَّيْدِ، فَإِنْ قَالَ: فَمَا فَرَّقَ بَيْنَ الطِّيبِ وَاللُّبْسِ وَقَتَلَ الصَّيْدَ وَجَزَّ الشَّعْرَ وَهُوَ جَاهِلٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ؟ قِيلَ لَهُ الطِّيبُ وَاللُّبْسُ شَيْءٌ إذَا أَزَالَهُ عَنْهُ زَالَ فَكَانَ إذَا أَزَالَهُ كَحَالِهِ قَبْلَ أَنْ يَلْبَسَ وَيَتَطَيَّبَ لَمْ يُتْلِفْ شَيْئًا حَرُمَ عَلَيْهِ أَنْ يُتْلِفَهُ وَلَمْ يُزِلْ شَيْئًا حُرِّمَ عَلَيْهِ إزَالَتُهُ إنَّمَا أَزَالَ مَا أُمِرَ بِإِزَالَتِهِ مِمَّا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَيْهِ وَقَاتِلُ الصَّيْدِ أَتْلَفَ مَا حُرِّمَ عَلَيْهِ فِي وَقْتِهِ ذَلِكَ إتْلَافَهُ وَجَازَ الشَّعْرُ وَالظُّفْرُ أَزَالَ بِقَطْعِهِ مَا هُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ إزَالَتِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَالْإِزَالَةُ لِمَا لَيْسَ لَهُ إزَالَتُهُ إتْلَافٌ وَفِي الْإِتْلَافِ لِمَا نُهِيَ عَنْ إتْلَافِهِ عِوَضٌ خَطَأً كَانَ أَوْ عَمْدًا، لِمَا جَعَلَ اللَّهُ فِي إتْلَافِ النَّفْسِ خَطَأً مِنْ الدِّيَةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ غَيْرُهُ فِي الْإِتْلَافِ كَهُوَ فِي الْإِتْلَافِ وَلَكِنَّهُ إذَا فَعَلَهُ عَالِمًا بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ وَذَاكِرًا لِإِحْرَامِهِ وَغَيْرَ مُخْطِئٍ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ فِي قَلِيلِ اللُّبْسِ وَالطِّيبِ وَكَثِيرِهِ عَلَى مَا وَصَفْت فِي الْبَابِ قَبْلَ هَذَا وَلَوْ فَعَلَهُ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا ثُمَّ عَلِمَهُ فَتَرَكَهُ عَلَيْهِ سَاعَةً وَقَدْ أَمْكَنَهُ إزَالَتَهُ عَنْهُ بِنَزْعِ ثَوْبٍ أَوْ غَسْلِ طِيبٍ افْتَدَى لِأَنَّهُ أَثْبَتَ الثَّوْبَ وَالطِّيبَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَهَابِ الْعُذْرِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ نَزْعُ الثَّوْبِ لِعِلَّةِ مَرَضٍ أَوْ عَطَبٍ فِي بَدَنِهِ وَانْتَظَرَ مَنْ يَنْزِعُهُ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ فَهَذَا عُذْرٌ وَمَتَى أَمْكَنَهُ نَزْعُهُ نَزَعَهُ وَإِلَّا افْتَدَى إذَا تَرَكَهُ بَعْدَ الْإِمْكَانِ وَلَا يَفْتَدِي إذَا نَزَعَهُ بَعْدَ الْإِمْكَانِ وَلَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ غَسْلُ الطِّيبِ وَكَانَ فِي جَسَدِهِ رَأَيْت أَنْ يَمْسَحَهُ بِخِرْقَةٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ خِرْقَةً فَبِتُرَابٍ إنْ أَذْهَبَهُ فَإِنْ لَمْ يُذْهِبْهُ فَبِشَجَرٍ أَوْ حَشِيشٍ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ أَوْ قَدَرَ فَلَمْ يُذْهِبْهُ.
فَهَذَا عُذْرٌ، وَمَتَى أَمْكَنَهُ الْمَاءُ غَسَلَهُ وَلَوْ وَجَدَ مَاءً قَلِيلًا إنْ غَسَلَهُ بِهِ لَمْ يَكْفِهِ لِوُضُوئِهِ غَسَلَهُ بِهِ وَتَيَمَّمَ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِغَسْلِهِ وَلَا رُخْصَةَ لَهُ فِي تَرْكِهِ إذَا قَدَرَ عَلَى غَسْلِهِ وَهَذَا مُرَخَّصٌ لَهُ فِي التَّيَمُّمِ إذَا لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَوْ غَسَلَ الطِّيبَ غَيْرُهُ كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ، وَإِنْ غَسَلَهُ هُوَ بِيَدِهِ لَمْ يَفْتَدِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ عَلَيْهِ غَسْلَهُ وَإِنْ مَاسَّهُ فَإِنَّمَا مَاسَّهُ لِيُذْهِبَهُ عَنْهُ لَمْ يُمَاسَّهُ لِيَتَطَيَّبَ بِهِ وَلَا يُثْبِتُهُ، وَهَكَذَا مَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ مِنْهُ خَرَجَ مِنْهُ كَمَا يَسْتَطِيعُ، وَلَوْ دَخَلَ دَارَ رَجُلٍ بِغَيْرِ إذْنٍ لَمْ يَكُنْ جَائِزًا لَهُ وَكَانَ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ مِنْهَا، وَلَمْ أَزْعُمْ أَنَّهُ يَخْرُجُ بِالْخُرُوجِ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ يَمْشِي فِيمَا لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِيهِ لِأَنَّ مَشْيَهُ لِلْخُرُوجِ مِنْ الذَّنْبِ لَا لِلزِّيَادَةِ، فِيهِ فَهَكَذَا هَذَا الْبَابُ كُلُّهُ وَقِيَاسُهُ.
بَابُ الْوَقْتِ الَّذِي يَجُوزُ فِيهِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ} إلَى قَوْلِهِ {فِي الْحَجِّ} أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ وَسَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَسْأَلُ عَنْ الرَّجُلِ يُهِلُّ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ؟ فَقَالَ: لَا، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ قُلْت لِنَافِعٍ أَسَمِعْت عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ يُسَمِّي شُهُورَ الْحَجِّ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، كَانَ يُسَمِّي شَوَّالًا وَذَا الْقَعْدَةِ وَذَا الْحِجَّةِ قُلْت لِنَافِعٍ: فَإِنْ أَهَلَّ إنْسَانٌ بِالْحَجِّ قَبْلَهُنَّ؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ فِي ذَلِكَ شَيْئًا، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ قَالَ طَاوُسٌ هِيَ شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحَجَّةِ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ قَالَ لِعَطَاءٍ: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ مُهِلًّا بِالْحَجِّ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ كَيْفَ كُنْت قَائِلًا لَهُ؟ قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute