رَوَتْ عَائِشَةُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ عَلِمُوهُ فَرَأَوْهُ مُخْتَلِفًا فَأَخَذُوا بِالنَّهْيِ عَنْ الطِّيبِ، وَإِنَّمَا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْأَعْرَابِيَّ بِغَسْلِ الْخَلُوقِ عَنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّهُ نَهَى أَنْ يَتَزَعْفَرَ الرَّجُلُ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي إسْمَاعِيلُ الَّذِي يُعْرَفُ بِابْنِ عُلَيَّةَ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى أَنْ يَتَزَعْفَرَ الرَّجُلُ»، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إنَّ حَدِيثَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صَاحِبِ الْجُبَّةِ بِغَسْلِ الْخَلُوقِ يَحْتَمِلُ مَا وَصَفْت وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا أَمَرَهُ بِغَسْلِهِ لِأَنَّهُ طِيبٌ وَلَيْسَ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يُبْقِيَ عَلَيْهِ الطِّيبَ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ قِيلَ لَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَلَوْ كَانَ كَمَا قُلْت كَانَ مَنْسُوخًا فَإِنْ قَالَ وَمَا نَسَخَهُ؟ قُلْنَا حَدِيثُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْأَعْرَابِيِّ بِالْجِعْرَانَةِ وَالْجِعْرَانَةُ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَحَدِيثُ عَائِشَةَ أَنَّهَا طَيَّبَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِحِلِّهِ وَحَرَمِهِ فِي حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَهِيَ سَنَةُ عَشْرٍ.
فَإِنْ قَالَ فَقَدْ نَهَى عَنْهُ عُمَرُ قُلْنَا لَعَلَّهُ نَهَى عَنْهُ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي وَصَفْت إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنْ قَالَ أَفَلَا تَخَافُ غَلَطَ مَنْ رَوَى عَنْ عَائِشَةَ؟ قِيلَ: هُمْ أَوْلَى أَنْ لَا يُغَلَّطُوا مِمَّنْ رَوَى عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ لِأَنَّهُ إنَّمَا رَوَى هَذَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ رَجُلٌ أَوْ اثْنَانِ وَرَوَى هَذَا عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ، وَالْعَدَدُ الْكَثِيرُ أَوْلَى أَنْ لَا يُغَلَّطُوا مِنْ الْعَدَدِ الْقَلِيلِ، وَكُلٌّ عِنْدَنَا لَمْ يَغْلَطْ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَوْ جَازَ إذَا خَالَفَ مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الطِّيبِ أَنْ يُخَافَ غَلَطُ مَنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَازَ أَنْ يُخَافَ غَلَطُ مَنْ رَوَى هَذَا عَنْ عُمَرَ، وَإِذَا كَانَ، عِلْمُنَا بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَطَيَّبَ وَأَنَّ عُمَرَ كَرِهَ عِلْمًا وَاحِدًا مِنْ جِهَةِ الْخَبَرِ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَزْعُمَ أَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُتْرَكُ بِحَالٍ إلَّا لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا لِقَوْلِ غَيْرِهِ وَقَدْ خَالَفَ عُمَرَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُمَا وَقَدْ يَتْرُكُ مَنْ يَكْرَهُ الطِّيبَ لِلْإِحْرَامِ وَالْإِحْلَالِ لِقَوْلِ عُمَرَ أَقَاوِيلَ لِعُمَرَ لِقَوْلِ الْوَاحِدِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَقَاوِيلُ لِعُمَرَ لَا يُخَالِفُهُ فِيهَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيُخَالِفُ عُمَرُ لِرَأْيِ نَفْسِهِ.
فَإِذَا كَانَ يُصْنَعُ هَذَا فِي بَعْضِ قَوْلِ عُمَرَ فَكَيْفَ جَازَ أَنْ يَدَعَ السُّنَّةَ الَّتِي فَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْخَلْقِ اتِّبَاعَهَا لِقَوْلِ مَنْ يَفْعَلُ فِي قَوْلِهِ مِثْلَ هَذَا لَعَمْرِي لَئِنْ جَازَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِهِ فَيَدَعُ السُّنَّةَ بِخِلَافِهِ فَمَا لَا سُنَّةَ عَلَيْهِ فِيهِ أَضْيَقُ وَأَحْرَى أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ خِلَافِهِ وَهُوَ يَكْثُرُ خِلَافُهُ فِيمَا لَا سُنَّةَ فِيهِ وَلِمَا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السَّائِلَ بِأَنْ يَنْزِعَ الْجُبَّةَ عَنْهُ وَيَغْسِلَ الصُّفْرَةَ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْكَفَّارَةِ قُلْنَا: مَنْ لَبِسَ مَا لَيْسَ لَهُ لُبْسُهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ جَاهِلًا بِمَا عَلَيْهِ فِي لُبْسِهِ أَوْ نَاسِيًا لِحَرَمِهِ ثُمَّ يَثْبُتُ عَلَيْهِ أَيُّ مُدَّةٍ مَا ثَبَتَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ أَوْ ابْتَدَأَ لُبْسَهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ جَاهِلًا بِمَا عَلَيْهِ فِي لُبْسِهِ أَوْ نَاسِيًا لِحَرَمِهِ أَوْ مُخْطِئًا بِهِ وَذَلِكَ أَنْ يُرِيدَ غَيْرَهُ فَيَلْبَسَهُ نَزَعَ الْجُبَّةَ وَالْقَمِيصَ نَزْعًا وَلَمْ يَشُقَّهُ وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ فِي لُبْسِهِ وَكَذَلِكَ الطِّيبُ قِيَاسًا عَلَيْهِ إنْ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا أَمَرَهُ بِغَسْلِهِ لِمَا وَصَفْنَا مِنْ الصُّفْرَةِ وَإِنْ كَانَ لِلطِّيبِ فَهُوَ أَكْثَرُ أَوْ مِثْلُهُ وَالصُّفْرُ جَامِعَةٌ لِأَنَّهَا طِيبٌ وَصُفْرَةٌ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: كَيْفَ قُلْت هَذَا فِي النَّاسِي وَالْجَاهِلِ فِي اللُّبْسِ وَالطِّيبِ وَلَمْ تَقُلْهُ فِيمَنْ جَزَّ شَعْرَهُ أَوْ قَتَلَ صَيْدًا؟ قِيلَ لَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute