مِنْ الْإِحْرَامِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ عَقْدُ النِّكَاحِ وَإِذَا كَانَ النَّاكِحُ فِي إحْرَامٍ فَاسِدٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ النِّكَاحُ فِيهِ كَمَا لَا يَجُوزُ لَهُ فِي الْإِحْرَامِ الصَّحِيحِ وَإِنْ كَانَ النَّاكِحُ مُحْصِرًا بَعْدُ وَلَمْ يَنْكِحْ حَتَّى يَحِلَّ وَذَلِكَ أَنْ يَحْلِقَ وَيَنْحَرَ فَإِنْ كَانَ مُحْصِرًا بِمَرَضٍ لَمْ يَنْكِحْ حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَأَصْلُ هَذَا أَنْ يُنْظَرَ إلَى عَقْدِ النِّكَاحِ فَإِنْ كَانَ قَدْ حَلَّ لِلْمُحْرِمِ مِنْهُمَا الْجِمَاعُ فَأُجِيزُهُ، وَإِنْ كَانَ الْجِمَاعُ لَمْ يَحِلَّ لِلْمُحْرِمِ مِنْهُمَا لِحُرْمَةِ الْإِحْرَامِ فَأُبْطِلُهُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَيُرَاجِعُ الْمُحْرِمُ امْرَأَتَهُ وَتُرَاجِعُ الْمُحْرِمَةُ زَوْجَهَا لِأَنَّ الرَّجْعَةَ لَيْسَتْ بِابْتِدَاءِ نِكَاحٍ إنَّمَا هِيَ إصْلَاحُ شَيْءٍ أُفْسِدَ مِنْ نِكَاحٍ كَانَ صَحِيحًا إلَى الزَّوْجِ إصْلَاحُهُ دُونَ الْمَرْأَةِ وَالْوُلَاةِ وَلَيْسَ فِيهِ مَهْرٌ وَلَا عِوَضٌ وَلَا يُقَالُ لِلْمُرَاجِعِ نَاكِحًا.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَيَشْتَرِي الْمُحْرِمُ الْجَارِيَةَ لِلْجِمَاعِ وَالْخِدْمَةِ لِأَنَّ الشِّرَاءَ لَيْسَ كَالنِّكَاحِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ كَمَا يَشْتَرِي الْمَرْأَةَ وَوَلَدَهَا وَأُمَّهَا وَأَخَوَاتِهَا وَلَا يَنْكِحُ هَؤُلَاءِ مَعًا لِأَنَّ الشِّرَاءَ مِلْكٌ فَإِنْ كَانَ يَحِلُّ بِهِ الْجِمَاعُ بِحَالٍ فَلَيْسَ حُكْمُهُ حُكْمَ النِّكَاحِ فَنَنْهَاهُ عَنْ الشِّرَاءِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى النِّكَاحِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلٌ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ رَجُلًا أَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً ثُمَّ أَحْرَمَ فَزَوَّجَهُ وَهُوَ بِبَلَدِهِ أَوْ غَائِبٌ عَنْهُ يَعْلَمُ بِإِحْرَامِهِ أَوْ لَا يَعْلَمُ فَالنِّكَاحُ مَفْسُوخٌ إذَا عَقَدَهُ وَالْمَعْقُودُ لَهُ مُحْرِمٌ، قَالَ وَلَوْ عَقَدَ وَهُوَ غَائِبٌ فِي وَقْتٍ فَقَالَ لَمْ أَكُنْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مُحْرِمًا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ إلَّا أَنْ تَقُومَ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِإِحْرَامِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَيُفْسَخُ النِّكَاحُ، وَلَوْ زَوَّجَهُ فِي وَقْتٍ فَقَالَ الزَّوْجُ لَا أَدْرِي كُنْت فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مُحْرِمًا أَوْ حَلَالًا أَوْ لَمْ أَعْلَمْ مَتَى كَانَ النِّكَاحُ كَانَ الْوَرَعُ أَنْ يَدَعَ النِّكَاحَ وَيُعْطِيَ نِصْفَ الصَّدَاقِ إنْ كَانَ سَمَّى وَالْمُتْعَةَ إنْ لَمْ يَكُنْ سَمَّى وَيُفَرِّقُ فِي ذَلِكَ بِتَطْلِيقَةٍ وَيَقُولُ إنْ لَمْ أَكُنْ كُنْت مُحْرِمًا فَقَدْ أَوْقَعْت عَلَيْهَا تَطْلِيقَةً وَلَا يَلْزَمُهُ فِي الْحُكْمِ مِنْ هَذَا شَيْءٌ لِأَنَّهُ عَلَى إحْلَالِ النِّكَاحِ حَتَّى يَعْلَمَ فَسْخَهُ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا صَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ بِمَا يَقُولُ فِي أَنَّ النِّكَاحَ كَانَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَإِنْ كَذَّبَتْهُ أَلْزَمْتُهُ لَهَا نِصْفَ الصَّدَاقِ إنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً بِأَنَّهُ كَانَ مُحْرِمًا حِينَ تَزَوَّجَ وَفَسَخْتُ النِّكَاحَ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ أَنَّ نِكَاحَهُ كَانَ فَاسِدًا.
وَإِنْ قَالَتْ لَا أَعْرِفُ أَصَدَقَ أَمْ كَذَبَ قُلْنَا نَحْنُ نَفْسَخُ النِّكَاحَ بِإِقْرَارِهِ وَإِنْ قُلْتَ كَذَبَ أَخَذْنَا لَك نِصْفَ الْمَهْرِ لِأَنَّكِ لَا تَدْرِينَ ثُمَّ تَدْرِينَ وَإِنْ لَمْ تَقُولِي هَذَا لَمْ نَأْخُذْ لَك شَيْئًا وَلَا نَأْخُذُ لِمَنْ لَا يَدَّعِي شَيْئًا. وَإِنْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ أَنْكَحْتُ وَأَنَا مُحْرِمَةٌ فَصَدَّقَهَا أَوْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً فَالنِّكَاحُ مَفْسُوخٌ وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ وَعَلَيْهِ الْيَمِينُ وَإِنْ نَكَحَ أَمَةً فَقَالَ سَيِّدُهَا أَنْكَحْتهَا وَهِيَ مُحْرِمَةٌ وَقَالَتْ ذَلِكَ الْأَمَةُ أَوْ لَمْ تَقُلْهُ فَإِنْ صَدَّقَهُ الزَّوْجُ فَلَا مَهْرَ لَهَا وَإِنْ كَذَّبَهُ وَكَذَّبَهَا فَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ إذَا حَلَفَ الزَّوْجُ.
نِكَاحُ الْمُحَلِّلِ وَنِكَاحُ الْمُتْعَةِ
أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَسَنِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ وَكَانَ الْحَسَنُ أَرْضَاهُمَا عَنْ أَبِيهِمَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ وَأَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَسَنِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِمَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ يَوْمَ خَيْبَرَ وَعَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ) أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ».
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَجِمَاعُ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ كُلُّ نِكَاحٍ كَانَ إلَى أَجَلٍ مِنْ الْآجَالِ قَرُبَ أَوْ بَعُدَ وَذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلْمَرْأَةِ نَكَحْتُك يَوْمًا أَوْ عَشْرًا أَوْ شَهْرًا أَوْ نَكَحْتُك حَتَّى أَخْرُجَ مِنْ هَذَا الْبَلَدِ أَوْ نَكَحْتُك حَتَّى أُصِيبَك فَتَحِلِّينَ لِزَوْجٍ فَارَقَك ثَلَاثًا أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا مِمَّا لَا يَكُونُ فِيهِ النِّكَاحُ مُطْلَقًا لَازِمًا عَلَى الْأَبَدِ أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute