للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُحْدِثُ لَهَا فُرْقَةً، وَنِكَاحُ الْمُحَلِّلِ الَّذِي يُرْوَى أَنَّ رَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَعَنَهُ عِنْدَنَا - وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ - ضَرْبٌ مِنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُطْلَقٍ إذَا شَرَطَ أَنْ يَنْكِحَهَا حَتَّى تَكُونَ الْإِصَابَةُ فَقَدْ يَسْتَأْخِرُ ذَلِكَ أَوْ يَتَقَدَّمُ، وَأَصْلُ ذَلِكَ أَنَّهُ عَقَدَ عَلَيْهَا النِّكَاحَ إلَى أَنْ يُصِيبَهَا فَإِذَا أَصَابَهَا فَلَا نِكَاحَ لَهُ عَلَيْهَا، مِثْلُ أَنْكِحُك عَشْرًا فَفِي عَقْدِ أَنْكِحُك عَشْرًا أَنْ لَا نِكَاحَ بَيْنِي وَبَيْنَك بَعْدَ عَشْرٍ كَمَا فِي عَقْدِ أَنْكِحُك لِأُحْلِلك أَنِّي إذَا أَصَبْتُك فَلَا نِكَاحَ بَيْنِي وَبَيْنَك بَعْدَ أَنْ أَصَبْتُك كَمَا يُقَالُ أَتَكَارَى مِنْك هَذَا الْمَنْزِلَ عَشْرًا أَوْ أَسْتَأْجِرُ هَذَا الْعَبْدَ شَهْرًا، وَفِي عَقْدِ شَهْرٍ أَنَّهُ إذَا مَضَى فَلَا كِرَاءَ وَلَا إجَارَةَ لِي عَلَيْك، وَكَمَا يُقَالُ أَتَكَارَى هَذَا الْمَنْزِلَ مُقَامِي فِي الْبَلَدِ، وَفِي هَذَا الْعَقْدِ أَنَّهُ إذَا خَرَجَ مِنْ هَذَا الْبَلَدِ فَلَا كِرَاءَ لَهُ، وَهَذَا يَفْسُدُ فِي الْكِرَاءِ فَإِذَا عَقَدَ النِّكَاحَ عَلَى وَاحِدٍ مِمَّا وَصَفْت فَهُوَ دَاخِلٌ فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ نِكَاحٍ إلَى وَقْتٍ مَعْلُومٍ أَوْ مَجْهُولٍ فَالنِّكَاحُ مَفْسُوخٌ لَا مِيرَاثَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَلَيْسَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِ الْأَزْوَاجِ طَلَاقٍ وَلَا ظِهَارٍ وَلَا إيلَاءٍ وَلَا لِعَانٍ إلَّا بِوَلَدٍ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يُصِبْهَا فَلَا مَهْرَ لَهَا وَإِنْ كَانَ أَصَابَهَا فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا لَا مَا سَمَّى لَهَا وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِي الْعِدَّةِ وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا، وَإِنْ نَكَحَهَا بَعْدَ هَذَا نِكَاحًا صَحِيحًا فَهِيَ عِنْدَهُ عَلَى ثَلَاثٍ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ قَدِمَ رَجُلٌ بَلَدًا وَأَحَبَّ أَنْ يَنْكِحَ امْرَأَةً وَنِيَّتُهُ وَنِيَّتُهَا أَنْ لَا يُمْسِكَهَا إلَّا مُقَامَهُ بِالْبَلَدِ أَوْ يَوْمًا أَوْ اثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً كَانَتْ عَلَى هَذَا نِيَّتُهُ دُونَ نِيَّتِهَا أَوْ نِيَّتُهَا دُونَ نِيَّتِهِ أَوْ نِيَّتُهُمَا مَعًا وَنِيَّةُ الْوَلِيِّ غَيْرَ أَنَّهُمَا إذَا عَقَدَا النِّكَاحَ مُطْلَقًا لَا شَرْطَ فِيهِ فَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ وَلَا تُفْسِدُ النِّيَّةُ مِنْ النِّكَاحِ شَيْئًا لِأَنَّ النِّيَّةَ حَدِيثُ نَفْسٍ وَقَدْ وُضِعَ عَنْ النَّاسِ مَا حَدَّثُوا بِهِ أَنْفُسَهُمْ وَقَدْ يَنْوِي الشَّيْءَ وَلَا يَفْعَلُهُ وَيَنْوِيهِ وَيَفْعَلُهُ فَيَكُونُ الْفِعْلُ حَادِثًا غَيْرَ النِّيَّةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ نَكَحَهَا وَنِيَّتُهُ وَنِيَّتُهَا أَوْ نِيَّةُ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ أَنْ لَا يُمْسِكَهَا إلَّا قَدْرَ مَا يُصِيبُهَا فَيُحَلِّلُهَا لِزَوْجِهَا ثَبَتَ النِّكَاحُ وَسَوَاءٌ نَوَى ذَلِكَ الْوَلِيُّ مَعَهُمَا أَوْ نَوَى غَيْرَهُ أَوْ لَمْ يَنْوِهِ وَلَا غَيْرَهُ وَالْوَالِي وَالْوَلِيُّ فِي هَذَا لَا مَعْنًى لَهُ أَنْ يُفْسِدَ شَيْئًا مَا لَمْ يَقَعْ النِّكَاحُ بِشَرْطٍ يُفْسِدُهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ كَانَتْ بَيْنَهُمَا مُرَاوَضَةٌ فَوَعَدَهَا إنْ نَكَحَهَا أَنْ لَا يُمْسِكَهَا إلَّا أَيَّامًا أَوْ إلَّا مُقَامَهُ بِالْبَلَدِ أَوْ إلَّا قَدْرَ مَا يُصِيبُهَا كَانَ ذَلِكَ بِيَمِينٍ أَوْ غَيْرَ يَمِينٍ فَسَوَاءٌ وَأَكْرَهُ لَهُ الْمُرَاوَضَةَ عَلَى هَذَا وَنَظَرْت إلَى الْعَقْدِ فَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ مُطْلَقًا لَا شَرْطَ فِيهِ فَهُوَ ثَابِتٌ لِأَنَّهُ انْعَقَدَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ مَا لِلزَّوْجَيْنِ وَإِنْ انْعَقَدَ عَلَى ذَلِكَ الشَّرْطِ فَسَدَ وَكَانَ كَنِكَاحِ الْمُتْعَةِ، وَأَيُّ نِكَاحٍ كَانَ صَحِيحًا وَكَانَتْ فِيهِ الْإِصَابَةُ أَحْصَنَتْ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ إذَا كَانَتْ حُرَّةً وَأَحَلَّتْ الْمَرْأَةَ لِلزَّوْجِ الَّذِي طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَأَوْجَبَتْ الْمَهْرَ كُلَّهُ وَأَقَلُّ مَا يَكُونُ مِنْ الْإِصَابَةِ حَتَّى تَكُونَ هَذِهِ الْأَحْكَامُ أَنْ تَغِيبَ الْحَشَفَةُ فِي الْقُبُلِ نَفْسِهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَأَيُّ نِكَاحٍ كَانَ فَاسِدًا لَمْ يُحْصِنْ الرَّجُلَ وَلَا الْمَرْأَةَ وَلَمْ يُحَلِّلْهَا لِزَوْجِهَا فَإِنْ أَصَابَهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَهَلْ فِيمَا ذَكَرْت مِنْ أَنَّ الرَّجُلَ يَنْكِحُ يَنْوِي التَّحْلِيلَ مُرَاوَضَةً أَوْ غَيْرَ مُرَاوَضَةٍ فَإِذَا لَمْ يَنْعَقِدْ النِّكَاحُ عَلَى شَرْطٍ كَانَ النِّكَاحُ ثَابِتًا خَبْر عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ مِنْ دُونِهِمْ؟ قِيلَ فِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ النَّهْيِ عَنْ الْمُتْعَةِ وَأَنَّ الْمُتْعَةَ هِيَ النِّكَاحُ إلَى أَجَلِ كِفَايَةٍ وَقَدْ أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ سَيْفِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ طَلَّقَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ امْرَأَةً لَهُ فَبَتَّهَا فَمَرَّ بِشَيْخٍ وَابْنٍ لَهُ مِنْ الْأَعْرَابِ فِي السُّوقِ قَدِمَا بِتِجَارَةٍ لَهُمَا فَقَالَ لِلْفَتَى هَلْ فِيك مِنْ خَيْرٍ؟ ثُمَّ مَضَى عَنْهُ ثُمَّ كَرَّ عَلَيْهِ فَكَمِثْلِهَا ثُمَّ مَضَى عَنْهُ ثُمَّ كَرَّ عَلَيْهِ فَكَمِثْلِهَا. قَالَ نَعَمْ: قَالَ فَأَرِنِي يَدَك فَانْطَلَقَ بِهِ فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ وَأَمَرَهُ بِنِكَاحِهَا فَنَكَحَهَا فَبَاتَ مَعَهَا فَلَمَّا أَصْبَحَ اسْتَأْذَنَ فَأَذِنَ لَهُ فَإِذَا هُوَ قَدْ وَلَّاهَا الدُّبُرَ فَقَالَتْ: وَاَللَّهِ لَئِنْ طَلَّقَنِي لَا أَنْكِحُك أَبَدًا فَذَكَرَ ذَلِكَ لِعُمَرَ فَدَعَاهُ فَقَالَ لَوْ نَكَحْتهَا لَفَعَلْت بِك كَذَا وَكَذَا وَتَوَعَّدَهُ وَدَعَا زَوْجَهَا فَقَالَ الْزَمْهَا. أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عُمَرَ مِثْلَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>