يُدْفَعُ إلَى الْحَاضِرِ حَقُّهُ، وَتُتْرَكُ بَقِيَّةُ الدَّارِ فِي يَدَيْ الَّذِي كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدَيْهِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدَيْ وَرَثَةٍ، وَوَاحِدٌ مِنْهُمْ غَائِبٌ فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ اشْتَرَى نَصِيبَ ذَلِكَ الْغَائِبِ فَمَنْ قَالَ لَا يُقْضَى عَلَى الْغَائِبِ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ، وَخَصْمُهُ غَائِبٌ، وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ الْوَرَثَةِ بِخَصْمِهِ، وَإِنْ كَانُوا كُلُّهُمْ مُقِرِّينَ بِنَصِيبِ الْغَائِبِ أَنَّهُ لَهُ، وَمَنْ قَضَى لِلْغَائِبِ قَضَى لِلْمُشْتَرِي بِبَيِّنَتِهِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُقْضَى عَلَى غَائِبٍ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): أَكَانَتْ الدَّارُ فِي يَدَيْ رَجُلٍ، وَابْنِ أَخِيهِ فَادَّعَى الْعَمُّ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ، وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ، وَادَّعَى ابْنُ الْأَخِ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ، وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُ يَقْضِي بِهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ
(قَالَ): وَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدَيْ رَجُلٍ، وَابْنِ أَخِيهِ فَقَالَ الْعَمُّ هِيَ بَيْنَ، وَالِدِي، وَأَخِي نِصْفَانِ، وَأَقَرَّ ابْنُ الْأَخِ بِذَلِكَ، وَأَقَامَ الْعَمُّ الْبَيِّنَةَ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ قَبْلَ أَبِيهِ فَوَرِثَهُ أَبُوهُ، وَابْنُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُمَا ثُمَّ مَاتَ أَبُوهُ فَوَرِثَهُ هُوَ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ، وَأَقَامَ ابْنُ الْأَخِ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْجَدَّ مَاتَ قَبْلَ أَخِيهِ، وَأَنَّهُ وَرِثَهُ ابْنَاهُ أَحَدُهُمَا أَبُو ابْنِ الْأَخِ، وَالْآخَرُ الْعَمُّ الْبَاقِي، وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُمَا ثُمَّ مَاتَ أَبُوهُ فَوَرِثَهُ هُوَ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ فَمَنْ ذَهَبَ إلَى أَنْ تُلْغَى الْبَيِّنَةُ إذَا كَانَتْ لَا تَكُونُ إلَّا أَنْ يُكَذِّبَ بَعْضُهَا بَعْضًا أَلْغَى هَذِهِ الْبَيِّنَةَ، وَجَعَلَ هَذِهِ الدَّارَ عَلَى مَا أَقَرَّا بِهَا لِلْمَيِّتَيْنِ، وَوَرَّثَ وَرَثَتَهُمَا الْأَحْيَاءَ وَالْأَمْوَاتَ لِأَنَّهُ يَجْعَلُ أَصْلَ الْمِلْكِ لِمَنْ أَقَرَّا لَهُ بِهِ، وَمَنْ ذَهَبَ إلَى أَنْ يُقْرِعَ بَيْنَهُمَا أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا فَأَيُّهُمَا خَرَجَ سَهْمُهُ قُضِيَ لَهُ بِمَا شَهِدَ لَهُ شُهُودُهُ، وَأَلْغَى شُهُودَ صَاحِبِهِ، وَمَنْ ذَهَبَ إلَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةُ عَمَّا فِي يَدِهِ، وَيُلْغِيَهَا عَمَّا فِي يَدَيْ صَاحِبِهِ قَبِلَهَا ثُمَّ أَثْبَتَ النِّصْفَيْنِ عَلَى أَصْلِ مَا أَقَرَّا بِهِ، وَأَثْبَتَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا النِّصْفَ وَوَرِثَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَنْ وَرِثَهُ كَانَ حَيًّا يَوْمَهُ هَذَا أَوْ مَيِّتًا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَقْضِي فِي هَذِهِ بِنَصِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِوَرَثَتِهِ الْأَحْيَاءِ، وَلَا تَرِثُ الْأَمْوَاتُ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَأَقْضِي بِنِصْفِ الدَّارِ لِابْنِ الْأَخِ، وَبِنِصْفِ الدَّارِ لِلْعَمِّ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ، وَتَرَكَ أَخًا لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ فَعَرَفَهُ الْقَاضِي أَوْ شَهِدَ لَهُ بِذَلِكَ شُهُودُهُ، وَلَا يَعْلَمُ الشُّهُودُ وَلَا الْقَاضِي أَنَّ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ لَيْسَ أَكْثَرَ مِنْ عِلْمِ النَّسَبِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَدْفَعُ إلَيْهِ شَيْئًا لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ أَخًا، وَلَا يَكُونُ وَارِثًا، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْأَخِ ابْنٌ فَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ هَذَا ابْنُهُ، وَلَمْ يَشْهَدُوا عَلَى عَدَدِ الْوَرَثَةِ، وَلَا عَلَى أَنَّهُ وَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ وَقَفَ الْقَاضِي مَالَهُ وَتَلَوَّمَ بِهِ، وَسَأَلَ عَنْ الْبُلْدَانِ الَّتِي وَطِئَهَا هَلْ لَهُ فِيهَا وَلَدٌ فَإِذَا بَلَغَ الْغَايَةَ الَّتِي لَوْ كَانَ لَهُ فِيهَا وَلَدٌ لَعَرَفَهُ، وَادَّعَى الِابْنُ أَنْ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ دَفَعَ إلَيْهِ الْمَالَ كُلَّهُ، وَلَا يَدْفَعُهُ إلَّا بِأَنْ يَأْخُذَ بِهِ ضَمِينًا بِعَدَدِ الْمَالِ، وَحِكَايَةُ أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ لَهُ إلَّا بِأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ فَإِذَا جَاءَ وَارِثٌ أَخَذَ الضُّمَنَاءَ بِإِدْخَالِ الْوَارِثِ عَلَيْهِ بِقَدْرِ حَقِّهِ، وَإِنْ كَانَ مَكَانُ الِابْنِ أَوْ مَعَهُ زَوْجَةٌ أَعْطَاهَا رُبُعَ الثَّمَنِ، وَلَا يُعْطِيهَا إيَّاهُ حَتَّى يَشْهَدَ الشُّهُودُ أَنَّ زَوْجَهَا مَاتَ، وَهِيَ لَهُ زَوْجَةٌ، وَلَا يَعْلَمُونَهُ فَارَقَهَا، وَإِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الِابْنِ أَنَّ مِيرَاثَهَا مَحْدُودُ الْأَكْثَرِ مَحْدُودُ الْأَقَلِّ فَالْأَقَلُّ رُبُعُ الثَّمَنِ، وَالْأَكْثَرُ الرُّبُعُ، وَمِيرَاثُ الِابْنِ غَيْرُ مَحْدُودِ الْأَقَلِّ مَحْدُودُ الْأَكْثَرِ فَالْأَكْثَرُ الْكُلُّ، وَالْأَقَلُّ لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ أَبَدًا إلَّا بِعَدَدِ الْوَرَثَةِ، وَقَدْ يَكْثُرُونَ وَيَقِلُّونَ.
بَابُ شَهَادَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ فِي الْمَوَارِيثِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ أَحَدٍ خَالَفَ الْأَحْرَارَ الْبَالِغِينَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الدُّنْيَا لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ}، وَلَا رِضًا فِي أَحَدٍ خَالَفَ الْإِسْلَامَ، وَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} وَمِنَّا الْمُسْلِمُونَ، وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ خَالَفَ الْإِسْلَامَ، وَلَوْ كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute