للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَائِشَةُ أَنْ يَرْضَعَ عَشْرًا لِأَنَّهَا أَكْثَرُ الرَّضَاعِ وَلَمْ يَتِمَّ لَهُ خَمْسٌ فَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهَا وَلَعَلَّ سَالِمًا أَنْ يَكُونَ ذَهَبَ عَلَيْهِ قَوْلُ عَائِشَةَ فِي الْعَشْرِ الرَّضَعَاتِ فَنُسْخِنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ فَحَدَّثَ عَنْهَا بِمَا عَلِمَ مِنْ أَنَّهُ أَرْضَعَ ثَلَاثًا فَلَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ عَلَيْهَا وَعَلِمَ أَنَّ مَا أَمَرَتْ أَنْ يُرْضِعَ عَشْرًا فَرَأَى أَنَّهُ إنَّمَا يُحِلُّ الدُّخُولَ عَلَيْهَا عَشْرٌ وَإِنَّمَا أَخَذْنَا بِخَمْسِ رَضَعَاتٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحِكَايَةِ عَائِشَةَ أَنَّهُنَّ يُحَرِّمْنَ وَأَنَّهُنَّ مِنْ الْقُرْآنِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا يُحَرِّمُ مِنْ الرَّضَاعِ إلَّا خَمْسُ رَضَعَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ، وَذَلِكَ أَنْ يَرْضَعَ الْمَوْلُودُ ثُمَّ يَقْطَعَ الرَّضَاعَ ثُمَّ يَرْضَعَ، ثُمَّ يَقْطَعَ الرَّضَاعَ فَإِذَا رَضَعَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ وَصَلَ إلَى جَوْفِهِ مَا قَلَّ مِنْهُ وَكَثُرَ فَهِيَ رَضْعَةٌ، وَإِذَا قَطَعَ الرَّضَاعَ ثُمَّ عَادَ لِمِثْلِهَا أَوْ أَكْثَرَ فَهِيَ رَضْعَةٌ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ الْتَقَمَ الْمُرْضَعُ الثَّدْيَ ثُمَّ لَهَا بِشَيْءٍ قَلِيلًا ثُمَّ عَادَ كَانَتْ رَضْعَةً وَاحِدَةً وَلَا يَكُونُ الْقَطْعُ إلَّا مَا انْفَصَلَ انْفِصَالًا بَيِّنًا كَمَا يَكُونُ الْحَالِفُ لَا يَأْكُلُ بِالنَّهَارِ إلَّا مَرَّةً فَيَكُونُ يَأْكُلُ وَيَتَنَفَّسُ بَعْدَ الِازْدِرَادِ إلَى أَنْ يَأْكُلَ فَيَكُونُ ذَلِكَ مَرَّةً وَإِنْ طَالَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ قَطَعَ ذَلِكَ قَطْعًا بَيِّنًا بَعْدَ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ مِنْ الطَّعَامِ ثُمَّ أَكَلَ كَانَ حَانِثًا وَكَانَ هَذَا أَكْلَتَيْنِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ أَخَذَ ثَدْيَهَا الْوَاحِدَ فَأَنْفَدَ مَا فِيهِ ثُمَّ تَحَوَّلَ إلَى الْآخَرِ مَكَانَهُ فَأَنْفَدَ مَا فِيهِ كَانَتْ هَذِهِ رَضْعَةً وَاحِدَةً لِأَنَّ الرَّضَاعَ قَدْ يَكُونُ بَقِيَّةَ النَّفَسِ وَالْإِرْسَالِ وَالْعَوْدَةِ كَمَا يَكُونُ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ بَقِيَّةَ النَّفَسِ وَهُوَ طَعَامٌ وَاحِدٌ وَلَا يُنْظَرُ فِي هَذَا إلَى قَلِيلِ رَضَاعِهِ وَلَا كَثِيرِهِ إذَا وَصَلَ إلَى جَوْفِهِ مِنْهُ شَيْءٌ فَهُوَ رَضْعَةٌ وَمَا لَمْ يُتِمَّ خَمْسًا لَمْ يَحْرُمْ بِهِنَّ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَالْوَجُورُ كَالرَّضَاعِ وَكَذَلِكَ السَّعُوطُ لِأَنَّ الرَّأْسَ جَوْفٌ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَلِمَ لَمْ تُحَرِّمْ بِرَضْعَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ مَنْ مَضَى أَنَّهَا تُحَرِّمُ؟ قِيلَ بِمَا حَكَيْنَا أَنَّ عَائِشَةَ تَحْكِي أَنَّ الْكِتَابَ يُحَرِّمُ عَشْرَ رَضَعَاتٍ ثُمَّ نُسْخِنَ بِخَمْسٍ وَبِمَا حَكَيْنَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَلَا الرَّضْعَتَانِ» وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُرْضَعَ سَالِمٌ خَمْسَ رَضَعَاتٍ يُحَرِّمُ بِهِنَّ فَدَلَّ مَا حَكَتْ عَائِشَةُ فِي الْكِتَابِ وَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ الرَّضَاعَ لَا يُحَرِّمُ بِهِ عَلَى أَقَلِّ اسْمِ الرَّضَاعِ وَلَمْ يَكُنْ فِي أَحَدٍ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حُجَّةٌ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ مَنْ مَضَى بِمَا حَكَتْ عَائِشَةُ فِي الْكِتَابِ ثُمَّ فِي السُّنَّةِ وَالْكِفَايَةُ فِيمَا حَكَتْ عَائِشَةُ فِي الْكِتَابِ ثُمَّ فِي السُّنَّةِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَمَا يُشْبِهُ هَذَا؟ قِيلَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} فَسَنَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْقَطْعَ فِي رُبْعِ دِينَارٍ وَفِي السَّرِقَةِ مِنْ الْحِرْزِ وَقَالَ تَعَالَى {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} فَرَجَمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الزَّانِيَيْنِ الثَّيِّبَيْنِ وَلَمْ يَجْلِدْهُمَا فَاسْتَدْلَلْنَا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَطْعِ مِنْ السَّارِقِينَ وَالْمِائَةِ مِنْ الزُّنَاةِ بَعْضُ الزُّنَاةِ دُونَ بَعْضٍ وَبَعْضُ السَّارِقِينَ دُونَ بَعْضٍ لَا مَنْ لَزِمَهُ اسْمُ سَرِقَةٍ وَزِنًا فَهَكَذَا اسْتَدْلَلْنَا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ الْمُرَادَ بِتَحْرِيمِ الرَّضَاعِ بَعْضُ الْمُرْضِعِينَ دُونَ بَعْضٍ لَا مَنْ لَزِمَهُ اسْمُ رَضَاعٍ. .

رَضَاعَةُ الْكَبِيرِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَضَاعَةِ الْكَبِيرِ فَقَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ كَانَ شَهِدَ بَدْرًا وَكَانَ قَدْ تَبَنَّى سَالِمًا الَّذِي يُقَالُ لَهُ سَالِمُ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ كَمَا تَبَنَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

<<  <  ج: ص:  >  >>