للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَاحِبُهُ، وَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ إذَا كَانَ مُعْسِرًا سَعَى الْعَبْدُ لِلشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يُعْتِقْ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ وَيَرْجِعُ بِذَلِكَ الْعَبْدُ عَلَى الَّذِي أَعْتَقَهُ، وَالْوَلَاءُ كُلُّهُ لِلَّذِي أَعْتَقَهُ وَلَيْسَ لِلْآخَرِ أَنْ يُعْتِقَ مِنْهُ شَيْئًا، وَكَانَ يَقُولُ إذَا أَعْتَقَ شِقْصًا فِي مَمْلُوكٍ فَقَدْ أَعْتَقَهُ كُلَّهُ وَلَا يَتَبَعَّضُ الْعَبْدُ فَيَكُونُ بَعْضُهُ رَقِيقًا وَبَعْضُهُ حُرًّا وَبِهِ يَأْخُذُ أَرَأَيْت مَا أَعْتَقَ مِنْهُ أَيَكُونُ رَقِيقًا؟ فَإِنْ كَانَ مَا أَعْتَقَ مِنْهُ يَكُونُ رَقِيقًا فَقَدْ عَتَقَ فَكَيْفَ يَجْتَمِعُ فِي مُعْتَقٍ وَاحِدٍ عِتْقٌ وَرِقٌّ؟، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ فِي امْرَأَةٍ بَعْضُهَا طَالِقٌ وَبَعْضُهَا غَيْرُ طَالِقٍ وَبَعْضُهَا امْرَأَةٌ لِلزَّوْجِ عَلَى حَالِهَا.

وَكَذَلِكَ الرَّقِيقُ وَبِهَذَا يَأْخُذُ إلَّا خَصْلَةً لَا يَرْجِعُ الْعَبْدُ بِمَا سَعَى فِيهِ عَلَى الَّذِي أَعْتَقَهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُعْتَقُ بَعْضُهُ وَبَعْضُهُ رَقِيقٌ وَهَذَا كُلُّهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ مَا دَامَ مِنْهُ شَيْءٌ رَقِيقٌ، أَوْ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ الشَّرِيكَ قَالَ نَصِيبُ شَرِيكِي مِنْهُ حُرٌّ وَأَمَّا نَصِيبِي فَلَا، هَلْ كَانَ يَعْتِقُ مِنْهُ مَا لَا يَمْلِكُ؟، وَإِذَا أَعْتَقَ مِنْهُ مَا يَمْلِكُ، فَكَيْفَ يَعْتِقُ مِنْهُ مَا لَا يَمْلِكُ؟ وَهَلْ يَقَعُ عِتْقٌ فِيمَا لَا يَمْلِكُ الرَّجُلُ؟

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا بِأَنْ يُؤَدِّيَ نِصْفَ قِيمَتِهِ فَالْعَبْدُ حُرٌّ كُلُّهُ، وَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ الْأَوَّلِ وَلَا خِيَارَ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ الْآخَرِ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَالنِّصْفُ الْأَوَّلُ حُرٌّ وَالنِّصْفُ الثَّانِي لِمَالِكِهِ وَلَا سِعَايَةَ عَلَيْهِ وَهَذَا مَكْتُوبٌ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ بِحُجَجِهِ إلَّا أَنَّا وَجَدْنَا فِي هَذَا الْكِتَابِ زِيَادَةَ حَرْفٍ لَمْ نَسْمَعْ بِهِ فِي حُجَجِهِمْ كَانَ مِمَّا احْتَجُّوا بِهِ فِي هَذَا الْكِتَابِ أَنْ قَالَ قَائِلُهُمْ كَيْفَ تَكُونُ نَفْسٌ وَاحِدَةٌ بَعْضُهَا حُرٌّ وَبَعْضُهَا مَمْلُوكٌ لَا يَكُونُ كَمَا لَا تَكُونُ الْمَرْأَةُ بَعْضُهَا طَالِقٍ وَبَعْضُهَا غَيْرُ طَالِقٍ فَإِنْ زَعَمَ أَنَّ الْعَبْدَ يَكُونُ فِيهِ الرِّقُّ، وَالْحُرِّيَّةُ قِيَاسًا عَلَى الْمَرْأَةِ قِيلَ لَهُ: أَيَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَنْكِحَ بَعْضَ امْرَأَةٍ؟ فَإِنْ قَالَ لَا، لَا تَكُونُ إلَّا مَنْكُوحَةً كُلَّهَا، أَوْ غَيْرَ مَنْكُوحَةٍ قِيلَ لَهُ: أَفَيَجُوز أَنْ يَشْتَرِيَ بَعْضَ عَبْدٍ؟ فَإِنْ قَالَ نَعَمْ قِيلَ لَهُ: فَأَيْنَ الْعَبْدُ مِنْ الْمَرْأَةِ؟ وَقِيلَ لَهُ: أَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُكَاتِبَ الْمَرْأَةَ عَلَى الطَّلَاقِ وَيَكُونَ مَمْنُوعًا حَتَّى تُؤَدِّيَ الْكِتَابَةَ، أَوْ تَعْجِزَ؟ فَإِنْ قَالَ: لَا قِيلَ: أَفَيَجُوز هَذَا لَهُ فِي الْعَبْدِ؟ فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ قِيلَ: فَلِمَ تَجْمَعُ بَيْنَهُمَا؟ فَإِنْ قَالَ لَا يَجْتَمِعَانِ قِيلَ، وَكَذَلِكَ لَا يَجْتَمِعَانِ حَيْثُ جَمَعْت بَيْنَهُمَا، وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا أَتَكُونُ الْمَرْأَةُ لِاثْنَيْنِ كَمَا يَكُونُ الْعَبْدُ مَمْلُوكًا لِاثْنَيْنِ وَيَكُونُ لِزَوْجِ الْمَرْأَةِ أَنْ يَهَبَهَا لِلرَّجُلِ فَتَكُونَ زَوْجَةً لَهُ كَمَا يَكُونُ الْعَبْدُ إذَا وَهَبَهُ صَارَ عَبْدًا لِمَنْ وَهَبَهُ لَهُ؟ فَإِنْ قَالَ: لَا قِيلَ فَمَا بَالُ الْمَرْأَةِ تُقَاسُ عَلَى الْمَمْلُوكِ وَيُقَالُ لَهُ أَرَأَيْت الْعَبْدَ إذَا عَتَقَ مَرَّةً أَيَكُونُ لِسَيِّدِهِ أَنْ يَسْتَرِقَّهُ كَمَا يَكُونُ لَهُ إذَا طَلَّقَ الْمَرْأَةَ مَرَّةً أَنْ يَكُونَ لَهُ رَجْعَتُهَا؟ فَإِنْ قَالَ: لَا قِيلَ فَمَا نَعْلَمُ شَيْئًا أَبْعَدَ مِمَّا قَاسَهُ بِهِ مِنْهُ

(قَالَ): وَلَوْ أَنَّ عَبْدًا بَيْنَ رَجُلَيْنِ كَاتَبَهُ أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ وَلَا رِضَاهُ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ صَاحِبُهُ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ الْمُكَاتَبُ شَيْئًا فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَانَ يَقُولُ الْمُكَاتَبَةُ بَاطِلَةٌ وَلِصَاحِبِهِ أَنْ يَرُدَّهَا لِأَنَّهَا مَنْفَعَةٌ تَصِلُ إلَيْهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ دُونَ صَاحِبِهِ وَبِهِ يَأْخُذُ، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ الْمُكَاتَبَةُ جَائِزَةٌ وَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ أَنْ يَرُدَّهَا، وَلَوْ أَنَّ الشَّرِيكَ أَعْتَقَ الْعَبْدَ كَانَ الْعِتْقُ بَاطِلًا فِي قَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى حَتَّى يَنْظُرَ مَا يَصْنَعُ فِي الْمُكَاتَبَةِ فَإِنْ أَدَّاهَا إلَى صَاحِبِهَا عَتَقَ، وَكَانَ الَّذِي كَاتَبَ ضَامِنًا لِنِصْفِ الْقِيمَةِ، وَالْوَلَاءُ كُلُّهُ لَهُ، وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: عِتْقُ ذَلِكَ جَائِزٌ وَيُخَيَّرُ الْمُكَاتَبُ فَإِنْ شَاءَ أَلْغَى الْكِتَابَةَ وَعَجَزَ عَنْهَا وَإِنْ شَاءَ سَعَى فِيهَا، فَإِنْ عَجَزَ عَنْهَا كَانَ الشَّرِيكُ الَّذِي كَاتَبَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الَّذِي أَعْتَقَ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ وَإِنْ شَاءَ أَعْتَقَ الْعَبْدَ فَإِنْ ضَمَّنَ الَّذِي أَعْتَقَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْعَبْدِ بِمَا ضَمِنَ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَكَاتَبَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَالْكِتَابَةُ مَفْسُوخَةٌ وَمَا أُخِذَ مِنْهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ مَا لَمْ يُؤَدِّ جَمِيعَ الْكِتَابَةِ فَإِنْ أَدَّى جَمِيعَ الْكِتَابَةِ عَتَقَ نِصْفُ الْمُكَاتَبِ، وَكَانَ كَمَنْ ابْتَدَأَ الْعِتْقَ فِي عَبْدٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ إنْ كَانَ مُوسِرًا عَتَقَ عَلَيْهِ كُلِّهِ وَإِنْ مُعْسِرًا عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ، وَلَوْ رُدَّتْ الْكِتَابَةُ قَبْلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>