بِطَلَاقٍ غَيْرِ هَذَا.
وَإِذَا قَذَفَ الرَّجُلُ وَهُوَ عَبْدٌ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حُرَّةٌ وَقَدْ أَعْتَقَ نِصْفَ الْعَبْدِ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ وَهُوَ يَسْعَى لِلْآخَرِ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَانَ يَقُولُ: هُوَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ السِّعَايَةِ وَعَلَيْهِ حَدُّ الْعَبْدِ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: هُوَ حُرٌّ وَعَلَيْهِ اللِّعَانُ وَبِهِ يَأْخُذُ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ شَهَادَةً أَبْطَلَهَا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَجَازَهَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَيُحَدُّ الْعَبْدُ وَالْأَمَةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَدَّ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ حَتَّى تَكْمُلَ فِيهِمَا جَمِيعًا الْحُرِّيَّةُ وَلَوْ بَقِيَ سَهْمٌ مِنْ أَلْفِ سَهْمٍ فَهُوَ رَقِيقٌ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَكَذَلِكَ لَا يُحَدُّ لَهُ حَتَّى تَكْمُلَ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ وَلَا يُقَصُّ لَهُ مِنْ جُرْحٍ حَتَّى يَسْتَكْمِلَ الْعَبْدُ الْحُرِّيَّةَ، وَلَوْ قَذَفَ رَجُلٌ هَذَا الْعَبْدَ الَّذِي يَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَدٌّ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ وَكَانَ عَلَى قَاذِفِهِ الْحَدُّ فِي قَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَبِهِ يَأْخُذُ، وَلَوْ قَطَعَ هَذَا الْعَبْدُ يَدَ رَجُلٍ مُتَعَمِّدًا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَبِهِ يَأْخُذُ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ وَكَانَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ فِي قَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْحُرِّ فِي كُلِّ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ أَوْ حَدٍّ أَوْ شَهَادَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَهُوَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ مَا دَامَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ مِنْ قِيمَتِهِ وَكَذَلِكَ هُوَ فِي قَوْلِهِمَا جَمِيعًا لَوْ أُعْتِقَ جُزْءًا مِنْ مِائَةِ جُزْءٍ أَوْ بَقِيَ عَلَيْهِ جُزْءٌ مِنْ مِائَةِ جُزْءٍ مِنْ كِتَابَتِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَإِذَا كَانَتْ أَمَةٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَلَهَا زَوْجٌ عَبْدٌ أَعْتَقَهَا أَحَدُ مُوَلِّيهَا وَقَضَى عَلَيْهَا بِالسِّعَايَةِ لِلْآخَرِ لَمْ يَكُنْ لَهَا خِيَارٌ فِي النِّكَاحِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ حَتَّى تَفْرُغَ مِنْ السِّعَايَةِ وَتُعْتَقَ وَكَانَ لَهَا الْخِيَارُ فِي قَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى يَوْمَ يَقَعُ الْعِتْقِ عَلَيْهَا وَبِهِ يَأْخُذُ، وَلَوْ طَلُقَتْ يَوْمئِذٍ كَانَتْ عِدَّتُهَا وَطَلَاقُهَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ عِدَّةَ أَمَةٍ وَطَلَاقَ أَمَةٍ وَكَانَتْ عِدَّتُهَا وَطَلَاقُهَا فِي ابْنِ أَبِي لَيْلَى عِدَّةَ حُرَّةٍ وَطَلَاقَ حُرَّةٍ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ وَأَرَادَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَ لَمْ يَكُنْ لَهَا ذَلِكَ حَتَّى يَأْذَنَ الَّذِي لَهُ عَلَيْهَا السِّعَايَةُ فَهِيَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ بِمَنْزِلَةِ الْأَمَةِ وَفِي قَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى بِمَنْزِلَةِ الْحُرَّةِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا كَانَتْ أَمَةٌ تَحْتَ عَبْدٍ لَمْ يَكُنْ لَهَا الْخِيَارُ حَتَّى تَكْمُلَ فِيهَا الْحُرِّيَّةُ فَيَوْمَ تَكْمُلُ فِيهَا الْحُرِّيَّةُ فَلَهَا الْخِيَارُ فَإِنْ طَلُقَتْ وَهِيَ لَمْ تَكْمُلْ فِيهَا الْحُرِّيَّةُ كَانَتْ عِدَّتُهَا عِدَّةَ أَمَةٍ وَحُكْمُهَا فِي كُلِّ شَيْءٍ حُكْمَ أَمَةٍ.
وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ غَائِبٌ لَا يُدْرَى أَحَيٌّ هُوَ أَوْ مَيِّتٌ أَوْ فُلَانٌ مَيِّتٌ قَدْ عَلِمَ بِذَلِكَ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ يَقُولُ: لَا يَقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ وَبِهَذَا يَأْخُذُ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: يَقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: وَكَيْفَ يَقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ وَلَمْ يَشَأْ فُلَانٌ؟ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ مَيِّتٌ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ مَاتَ فُلَانٌ بَعْدَمَا قَالَ ذَلِكَ وَقَبْلَ أَنْ يَشَاءَ فَلَا تَكُونُ طَالِقًا أَبَدًا بِهَذَا الطَّلَاقِ إذْ لَوْ كَانَ فُلَانٌ حَاضِرًا حَيًّا وَلَمْ يَشَأْ لَمْ تَطْلُقْ وَإِنَّمَا يَتِمُّ الطَّلَاقُ بِمَشِيئَتِهِ فَإِذَا مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَشَاءَ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَا يَشَاءُ أَبَدًا وَلَمْ يَشَأْ قَبْلُ فَتَطْلُقُ بِمَشِيئَتِهِ.
وَإِذَا قَذَفَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَقَامَتْ لَهَا الْبَيِّنَةُ وَهُوَ يَجْحَدُ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ كَانَ يَقُولُ: يُلَاعِنُ وَبِهِ يَأْخُذُ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: لَا يُلَاعِنُ وَيُضْرَبُ الْحَدَّ.
وَإِذَا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ فَقَالَ لَهُ مَوْلَاهُ: طَلِّقْهَا فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ كَانَ يَقُولُ: لَيْسَ هَذَا بِإِقْرَارٍ بِالنِّكَاحِ إنَّمَا أَمْرُهُ بِأَنْ يُفَارِقَهَا فَكَيْفَ يَكُونُ هَذَا إقْرَارًا بِالنِّكَاحِ وَبِهِ يَأْخُذُ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: هَذَا إقْرَارٌ بِالنِّكَاحِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ فَقَالَ لَهُ مَوْلَاهُ: طَلِّقْهَا فَلَيْسَ هَذَا بِإِقْرَارٍ بِالنِّكَاحِ مِنْ مَوْلَاهُ فِي قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: إنْ أَجَازَهُ مَوْلَاهُ فَالنِّكَاحُ يَجُوزُ وَأَمَّا فِي قَوْلِنَا فَلَوْ أَجَازَهُ لَهُ الْمَوْلَى لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ أَصْلَ مَا نَذْهَبُ إلَيْهِ أَنَّ كُلَّ عُقْدَةِ نِكَاحٍ وَقَعَتْ وَالْجِمَاعُ لَا يَحِلُّ أَنْ يَكُونَ فِيهَا أَوْ لِأَحَدٍ فَسْخُهَا فَهِيَ فَاسِدَةٌ لَا نُجِيزُهَا إلَّا أَنْ تُجَدَّدَ وَمَنْ أَجَازَهَا بِإِجَازَةِ أَحَدٍ بَعْدَهَا فَإِنْ لَمْ يُجِزْهَا كَانَتْ مَفْسُوخَةً دَخَلَ عَلَيْهِ أَنْ يُجِيزَ أَنْ يَنْكِحَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ وَعَلَى أَنَّهَا بِالْخِيَارِ وَالْخِيَارُ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُ فِي النِّكَاحِ كَمَا يَجُوزُ فِي الْبُيُوعِ.
وَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute