الْمُرْتَهِنُ أَجَزْتُ الْإِقْرَارَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُقَبِّضُ لَهُ، وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهُ فَيَكُونُ قَدْ قَبَضَهُ بِقَبْضِ مَنْ أَمَرَهُ بِقَبْضِهِ لَهُ.
وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ عَبْدٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ بِإِجَارَةٍ أَوْ وَدِيعَةٍ فَرَهَنَهُ إيَّاهُ وَأَمَرَهُ بِقَبْضِهِ كَانَ هَذَا رَهْنًا إذَا جَاءَتْ عَلَيْهِ سَاعَةٌ بَعْدَ ارْتِهَانِهِ إيَّاهُ، وَهُوَ فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ فِي يَدِهِ بَعْدَ الرَّهْنِ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ الرَّهْنُ غَائِبًا عَنْ الْمُرْتَهِنِ لَمْ يَكُنْ قَبْضًا حَتَّى يُحْضِرَهُ فَإِذَا أَحْضَرَهُ بَعْدَمَا أُذِنَ لَهُ بِقَبْضِهِ فَهُوَ مَقْبُوضٌ كَمَا يَبِيعُهُ إيَّاهُ، وَهُوَ فِي يَدَيْهِ وَيَأْمُرُهُ بِقَبْضِهِ فَيَقْبِضُهُ بِأَنَّهُ فِي يَدَيْهِ فَيَكُونُ الْبَيْعُ تَامًّا، وَلَوْ مَاتَ مَاتَ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي، وَلَوْ كَانَ غَائِبًا لَمْ يَكُنْ مَقْبُوضًا حَتَّى يَحْضُرَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْبَيْعِ فَيَكُونُ مَقْبُوضًا بَعْدَ حُضُورِهِ، وَهُوَ فِي يَدَيْهِ. وَلَوْ كَانَتْ لَهُ عِنْدَهُ ثِيَابٌ أَوْ شَيْءٌ مِمَّا لَا يَزُولُ بِنَفْسِهِ وَدِيعَةٌ أَوْ عَارِيَّةٌ أَوْ بِإِجَارَةٍ فَرَهَنَهُ إيَّاهَا، وَأَذِنَ لَهُ فِي قَبْضِهَا قَبْلَ الْقَبْضِ، وَهِيَ غَيْرُ غَائِبَةٍ عَنْ مَنْزِلِهِ كَانَ هَذَا قَبْضًا، وَإِنْ كَانَتْ غَائِبَةً عَنْ مَنْزِلِهِ لَمْ يَكُنْ قَبْضًا حَتَّى يَحْدُثَ لَهَا قَبْضًا، وَإِنْ كَانَ رَهَنَهُ إيَّاهَا فِي سُوقٍ أَوْ مَسْجِدٍ، وَهِيَ فِي مَنْزِلِهِ وَأَذِنَ لَهُ فِي قَبْضِهَا لَمْ يَكُنْ قَبْضًا حَتَّى يَصِيرَ إلَى مَنْزِلِهِ، وَهِيَ فِيهِ فَيَكُونُ لَهَا حِينَئِذٍ قَابِضًا؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَخْرُجُ مِنْ مَنْزِلِهِ بِخِلَافِهِ إلَى سَيِّدِهَا وَغَيْرِهِ، وَلَا يَكُونُ الْقَبْضُ إلَّا مَا حَضَرَهُ الْمُرْتَهِنُ لَا حَائِلَ دُونَهُ أَوْ حَضَرَهُ وَكِيلُهُ كَذَلِكَ.
وَلَوْ كَانَ الرَّهْنُ أَرْضًا أَوْ دَارًا غَائِبَةً عَنْ الْمُرْتَهِنِ، وَهِيَ وَدِيعَةٌ فِي يَدَيْهِ، وَقَدْ وُكِّلَ بِهَا فَأَذِنَ لَهُ فِي قَبْضِهَا لَمْ يَكُنْ مَقْبُوضًا حَتَّى يُحْضِرَهَا الْمُرْتَهِنُ أَوْ وَكِيلُهُ بَعْدَ الرَّهْنِ مُسَلَّمَةً لَا حَائِلَ دُونَهَا؛ لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ غَائِبَةً عَنْهُ فَقَدْ يَحْدُثُ لَهَا مَانِعٌ مِنْهُ فَلَا تَكُونُ مَقْبُوضَةً أَبَدًا إلَّا بِأَنْ يُحْضِرَهَا الْمُرْتَهِنُ أَوْ وَكِيلُهُ لَا حَائِلَ دُونَهَا، وَلَوْ جَاءَتْ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ مُدَّةٌ يُمْكِنُهُ أَنْ يَبْعَثَ رَسُولًا إلَى الرَّهْنِ حَيْثُ كَانَ يَقْبِضُهُ فَادَّعَى الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ قَبَضَهُ كَانَ مَقْبُوضًا؛ لِأَنَّهُ يَقْبِضُ لَهُ، وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهُ.
وَإِذَا رَهَنَ الرَّجُلُ رَهْنًا وَتَرَاضَى الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ بِعَدْلٍ يَضَعَانِهِ عَلَى يَدَيْهِ فَقَالَ الْعَدْلُ قَدْ قَبَضْته لَك ثُمَّ اخْتَلَفَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ فَقَالَ الرَّاهِنُ: لَمْ يُقْبِضْهُ لَك الْعَدْلُ، وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ قَدْ قَبَضَهُ لِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ وَعَلَى الْمُرْتَهِنِ الْبَيِّنَةُ أَنَّ الْعَدْلَ قَدْ قَبَضَهُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ لَهُ فِيهِ، وَلَا أَقْبَلُ فِيهِ شَهَادَتَهُ؛ لِأَنَّهُ يَشْهَدُ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ، وَلَا يَضْمَنُ الْمَأْمُورُ بِقَبْضِ الرَّهْنِ بِغَرُورِهِ الْمُرْتَهِنِ شَيْئًا مِنْ حَقِّهِ، وَكَذَا لَوْ أَفْلَسَ غَرِيمُهُ أَوْ هَلَكَ الرَّهْنُ الَّذِي ارْتَهَنَهُ فَقَالَ قَبَضْته، وَلَمْ يَقْبِضْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَضْمَنْ لَهُ شَيْئًا، وَقَدْ أَسَاءَ فِي كَذِبِهِ.
وَلَوْ كَانَ كُلُّ مَا ذَكَرْت مِنْ الرَّهْنِ فِي يَدَيْ الْمُرْتَهِنِ بِغَصْبِ الرَّاهِنِ فَرَهَنَهُ إيَّاهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضُهُ مِنْهُ وَأَذِنَ لَهُ فِي قَبْضِهِ فَقَبَضَهُ كَانَ رَهْنًا، وَكَانَ مَضْمُونًا عَلَى الْغَاصِبِ بِالْغَصْبِ حَتَّى يَدْفَعَهُ إلَى الْمَغْصُوبِ فَيَبْرَأُ أَوْ يُبْرِئُهُ الْمَغْصُوبُ مِنْ ضَمَانِ الْغَصْبِ، وَلَا يَكُونُ أَمْرُهُ لَهُ بِالْقَبْضِ لِنَفْسِهِ بَرَاءَةً مِنْ ضَمَانِ الْغَصْبِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ فِي يَدَيْهِ بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ وَكِيلًا لِرَبِّ الْمَالِ فِي شَيْءٍ عَلَى نَفْسِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَقْبِضَ لِنَفْسِهِ مِنْ نَفْسِهِ حَقًّا فَقَبَضَهُ، وَهَلَكَ لَمْ يَبْرَأْ مِنْهُ، وَلَكِنَّهُ لَوْ رَهَنَهُ إيَّاهُ وَتَوَاضَعَاهُ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ كَانَ الْغَاصِبُ وَالْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا بَرِيئَيْنِ مِنْ الضَّمَانِ بِإِقْرَارِ وَكِيلِ رَبِّ الْعَبْدِ أَنَّهُ قَدْ قَبَضَهُ بِأَمْرِ رَبِّ الْعَبْدِ، وَكَانَ كَإِقْرَارِ رَبِّ الْعَبْدِ أَنَّهُ قَدْ قَبَضَهُ، وَكَانَ رَهْنًا مَقْبُوضًا؟.
وَلَوْ قَالَ الْمَوْضُوعُ عَلَى يَدَيْهِ الرَّهْنُ بَعْدَ قَوْلِهِ قَدْ قَبَضْته: لَمْ أَقْبِضْهُ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى الْغَاصِبِ، وَلَا الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا، وَكَانَ بَرِيئًا مِنْ الضَّمَانِ كَمَا يَبْرَأُ لَوْ قَالَ رَبُّ الْعَبْدِ: قَدْ قَبَضْته مِنْهُ، وَكَانَ مَقْبُوضًا بِإِقْرَارِ الْمَوْضُوعِ عَلَى يَدَيْهِ الرَّهْنُ أَنَّهُ قَبَضَهُ. وَلَوْ رَهَنَ رَجُلٌ رَجُلًا عَبْدَيْنِ أَوْ عَبْدًا وَطَعَامًا أَوْ عَبْدًا وَدَارًا أَوْ دَارَيْنِ فَقَبَضَ أَحَدُهُمَا، وَلَمْ يَقْبِضْ الْآخَرُ كَانَ الَّذِي قَبَضَ رَهْنًا بِجَمِيعِ الْحَقِّ، وَكَانَ الَّذِي لَمْ يُقْبَضْ خَارِجًا مِنْ الرَّهْنِ حَتَّى يُقَبِّضَهُ إيَّاهُ الرَّاهِنُ، وَلَا يَفْسُدُ الَّذِي قَبَضَ بِأَنْ لَمْ يَقْبِضْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute