للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ لَمْ يُعْتِقْهُ فَهُوَ عَلَى مِلْكِهِ بِحَالِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ رَدَّهَا الْمُرْتَهِنُ إلَى الرَّاهِنِ بَعْدَ قَبْضِهِ إيَّاهَا بِالرَّهْنِ مَرَّةً وَاحِدَةً فَقَالَ اسْتَمْتِعْ مِنْ وَطْئِهَا وَخِدْمَتِهَا كَانَتْ مَرْهُونَةً بِحَالِهَا لَا تَخْرُجُ مِنْ الرَّهْنِ فَإِنْ حَمَلَتْ الْجَارِيَةُ مِنْ الْوَطْءِ فَوَلَدَتْ أَوْ أَسْقَطَتْ سِقْطًا قَدْ بَانَ مِنْ خَلْقِهِ شَيْءٌ فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لِسَيِّدِهَا الرَّاهِنِ وَخَارِجَةٌ مِنْ الرَّهْنِ، وَلَيْسَ عَلَى الرَّاهِنِ أَنْ يَأْتِيَهُ بِرَهْنٍ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ فِي الْوَطْءِ.

، وَهَكَذَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي أَنْ يَضْرِبَهَا فَضَرَبَهَا فَمَاتَتْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَهُ بِبَدَلٍ مِنْهَا يَكُونُ رَهْنًا مَكَانَهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ عَلَيْهِ فِي الضَّرْبِ. وَإِذَا رَهَنَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ أَمَةً فَآجَرَهُ إيَّاهَا فَوَطِئَهَا الرَّاهِنُ أَوْ اغْتَصَبَهَا الرَّاهِنُ نَفْسَهَا فَوَطِئَهَا فَإِنْ لَمْ تَلِدْ فَهِيَ رَهْنٌ بِحَالِهَا، وَلَا عُقْرَ لِلْمُرْتَهِنِ عَلَى الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهَا أَمَةُ الرَّاهِنِ، وَلَوْ كَانَتْ بِكْرًا فَنَقَصَهَا الْوَطْءُ كَانَ لِلْمُرْتَهِنِ أَخْذُ الرَّاهِنِ بِمَا نَقَصَهَا يَكُونُ رَهْنًا مَعَهَا أَوْ قِصَاصًا مِنْ الْحَقِّ إنْ شَاءَ الرَّاهِنُ كَمَا تَكُونُ جِنَايَتُهُ عَلَيْهَا، وَهَكَذَا لَوْ كَانَتْ ثَيِّبًا فَأَفْضَاهَا أَوْ نَقَصَهَا نَقْصًا لَهُ قِيمَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَنْقُصْهَا الْوَطْءُ فَلَا شَيْءَ لِلْمُرْتَهِنِ عَلَى الرَّاهِنِ فِي الْوَطْءِ، وَهِيَ رَهْنٌ كَمَا هِيَ.

وَإِنْ حَبِلَتْ وَوَلَدَتْ، وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الْوَطْءِ، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا فَفِيهَا قَوْلَانِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا لَا تُبَاعُ مَا كَانَتْ حُبْلَى، فَإِذَا وَلَدَتْ بِيعَتْ، وَلَمْ يَبِعْ وَلَدَهَا، وَإِنْ نَقَصَتْهَا الْوِلَادَةُ شَيْئًا فَعَلَى الرَّاهِنِ مَا نَقَصَتْهَا الْوِلَادَةُ، وَإِنْ مَاتَتْ مِنْ الْوِلَادَةِ فَعَلَى الرَّاهِنِ أَنْ يَأْتِيَ بِقِيمَتِهَا صَحِيحَةً تَكُونُ رَهْنًا مَكَانَهَا أَوْ قِصَاصًا مَتَى قَدَرَ عَلَيْهَا، وَلَا يَكُونُ إحْبَالُهُ إيَّاهَا أَكْبَرَ مِنْ أَنْ يَكُونَ رَهَنَهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا فَأُبْطِلَ الْعِتْقُ وَتُبَاعُ بِالْحَقِّ، وَإِنْ كَانَتْ تَسْوَى أَلْفًا، وَإِنَّمَا هِيَ مَرْهُونَةٌ بِمِائَةٍ بِيعَ مِنْهَا بِقَدْرِ الْمِائَةِ وَبَقِيَ مَا بَقِيَ رَقِيقًا لِسَيِّدِهَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا وَتُعْتَقُ بِمَوْتِهِ فِي قَوْلِ مَنْ أَعْتَقَ أُمَّ الْوَلَدِ بِمَوْتِ سَيِّدِهَا، وَلَا تُعْتَقُ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَلَوْ كَانَ رَهَنَهُ إيَّاهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا، وَلَمْ تَلِدْ، وَلَا مَالَ لَهُ بِيعَ مِنْهَا بِقَدْرِ الدَّيْنِ وَعَتَقَ مَا بَقِيَ مَكَانَهُ. وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَا لَهُ عَتَقَ مَا بَقِيَ، وَلَمْ يَبِعْ لِأَهْلِ الدَّيْنِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ إذَا أَعْتَقَهَا فَهِيَ حُرَّةٌ أَوْ أَوْلَدَهَا فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ لَا تُبَاعُ فِي وَاحِدَةٍ مِنْ الْحَالَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ، وَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ، وَلَا يَسْعَى فِي شَيْءٍ مِنْ قِيمَتِهَا، وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِيمَا رَهَنَ مِنْ الرَّقِيقِ كُلِّهِمْ ذُكُورِهِمْ، وَإِنَاثِهِمْ، وَإِذَا بِيعَتْ أُمُّ الْوَلَدِ فِي الرَّهْنِ بِمَا وَصَفْت فَمَلَكَهَا السَّيِّدُ فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ بِذَلِكَ الْوَلَدِ، وَوَطْؤُهُ إيَّاهَا، وَعِتْقُهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ مُخَالِفٌ لَهُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ.

وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْوَطْءِ وَالْعِتْقِ فَقَالَ الرَّاهِنُ: وَطِئْتُهَا أَوْ أَعْتَقْتُهَا بِإِذْنِكَ، وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: مَا أَذِنْتُ لَكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ مَعَ يَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَ الْمُرْتَهِنُ حَلَفَ الرَّاهِنُ لَقَدْ أَذِنَ لَهُ ثُمَّ كَانَتْ خَارِجَةً مِنْ الرَّهْنِ، وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ الرَّاهِنُ أُحْلِفَتْ الْجَارِيَةُ فَقَدْ أَذِنَ لَهُ بِعِتْقِهَا أَوْ وَطْئِهَا، وَكَانَتْ حُرَّةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ، وَإِنْ لَمْ تَحْلِفْ هِيَ، وَلَا السَّيِّدُ كَانَتْ رَهْنًا بِحَالِهَا.

وَلَوْ مَاتَ الْمُرْتَهِنُ فَادَّعَى الرَّاهِنُ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي عِتْقِهَا أَوْ وَطْئِهَا، وَقَدْ وَلَدَتْ مِنْهُ أَوْ أَعْتَقَهَا كَانَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ فَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً فَهِيَ رَهْنٌ بِحَالِهَا، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ لَهُ وَرَثَةُ الْمَيِّتِ أُحْلِفُوا مَا عَلِمُوا أَبَاهُمْ أَذِنَ لَهُ لَمْ يُزَادُوا عَلَى ذَلِكَ فِي الْيَمِينِ، وَلَوْ مَاتَ الرَّاهِنُ فَادَّعَى وَرَثَةُ هَذَا أُحْلِفَ لَهُمْ الْمُرْتَهِنُ مَا أَذِنَ لِلرَّاهِنِ فِي الْوَطْءِ وَالْعِتْقِ كَمَا وَصَفْتُ أَوَّلًا.

وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ مُفْلِسًا فَأَمَّا إذَا كَانَ الرَّاهِنُ مُوسِرًا فَتُؤْخَذُ قِيمَةُ الْجَارِيَةِ مِنْهُ فِي الْعِتْقِ وَالْإِيلَادِ ثُمَّ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهَا رَهْنًا مَكَانَهَا، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الْحَقِّ أَنَّ قِصَاصًا مِنْ الْحَقِّ فَإِنْ اخْتَارَ أَنْ يَكُونَ قِصَاصًا مِنْ الْحَقِّ، وَكَانَ فِيهِ فَضْلٌ عَنْ الْحَقِّ رُدَّ مَا فَضَلَ عَنْ الْحَقِّ عَلَيْهِ. وَإِذَا أَقَرَّ الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ أَذِنَ لِلرَّاهِنِ فِي وَطْءِ أَمَتِهِ ثُمَّ قَالَ: هَذَا الْحَبَلُ لَيْسَ مِنْك هُوَ مِنْ زَوْجٍ زَوَّجْتُهَا إيَّاهُ أَوْ مِنْ عَبْدٍ فَادَّعَاهُ الرَّاهِنُ فَهُوَ ابْنُهُ، وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ لَاحِقٌ بِهِ، وَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ بِإِقْرَارِهِ، وَلَا يُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى نَفْيِ الْوَلَدِ عَنْهُ، وَإِنَّمَا مَنَعَنِي مِنْ إحْلَافِهِ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بَعْدَ دَعْوَتِهِ الْوَلَدَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ أَلْحَقْتُ الْوَلَدَ بِهِ وَجَعَلْتُ الْجَارِيَةَ أُمَّ وَلَدٍ فَلَا مَعْنَى لِيَمِينِهِ إذَا حَكَمْتُ بِإِخْرَاجِ أُمِّ الْوَلَدِ مِنْ الرَّهْنِ.

وَلَوْ اخْتَلَفَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ فَقَالَ الرَّاهِنُ: أَذِنْتَ لِي فِي وَطْئِهَا فَوَلَدَتْ لِي، وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: مَا أَذِنْتُ لَكَ، كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>