للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا خَبَرًا صَحِيحًا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ قَالَ قَدْ قَالَهُ بَعْضُ التَّابِعِينَ، قُلْت: فَإِنَّ مَنْ سَمَّيْت مِنْ التَّابِعِينَ وَأَكْثَرَ مِنْهُمْ إذَا قَالُوا شَيْئًا لَيْسَ فِيهِ كِتَابٌ وَلَا سُنَّةٌ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُمْ لِأَنَّ الْقَوْلَ الَّذِي يُقْبَلُ مَا كَانَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَوْ سُنَّةِ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ حَدِيثٍ صَحِيحٍ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ أَوْ إجْمَاعٍ فَمَنْ كَانَ عِنْدَك هَكَذَا يُتْرَكُ قَوْلُهُ لَا يُخَالِفُ بِهِ غَيْرَهُ أَتَجْعَلُهُ حُجَّةً عَلَى كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ وَمَنْ قَالَ قَوْلَك فِي أَنْ لَا يَنْكِحَ مَا دَامَ الْأَرْبَعُ فِي الْعِدَّةِ وَجَعَلَهَا فِي مَعَانِي الْأَزْوَاجِ لَزِمَهُ أَنْ يَقُولَ يَلْحَقُهَا الْإِيلَاءُ وَالظِّهَارُ وَاللِّعَانُ وَيَتَوَارَثَانِ قَالَ فَمَا أَقُولُهُ؟ قُلْت فَلِمَ لَا تَكُونُ فِي حُكْمِ الزَّوْجَةِ عِنْدَك فِي مَعْنًى وَاحِدٍ دُونَ الْمَعَانِي فَقَالَ أَقَالَ قَوْلَك غَيْرُك؟ قُلْت نَعَمْ: الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَعُرْوَةُ وَأَكْثَرُ أَهْلِ دَارِ السُّنَّةِ وَأَهْلِ حَرَمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى أَنْ يَحْكِيَ قَوْلَ أَحَدٍ لِثُبُوتِ الْحُجَّةِ فِيهَا بِأَحْكَامِ اللَّهِ تَعَالَى الْمَنْصُوصَةِ الَّتِي لَا يَحْتَاجُ إلَى تَفْسِيرِهَا لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَ ظَاهِرِهَا (قَالَ الشَّافِعِيُّ) أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ الْقَاسِمِ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولَانِ فِي الرَّجُلِ عِنْدَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ فَيُطَلِّقُ إحْدَاهُنَّ أَلْبَتَّةَ أَنَّهُ يَتَزَوَّجُ إنْ شَاءَ وَلَا يَنْتَظِرُ أَنْ تَمْضِيَ عِدَّتُهَا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَقَالَ فَإِنِّي إنَّمَا قُلْت هَذَا لِئَلَّا يَجْتَمِعَ مَاؤُهُ فِي أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ وَلِئَلَّا يَجْتَمِعَ فِي أُخْتَيْنِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَقُلْت لَهُ: فَإِنَّمَا كَانَ لِلْعَالِمِينَ ذَوِي الْعُقُولِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يَقُولُوا مِنْ خَبَرٍ أَوْ قِيَاسٍ عَلَيْهِ، وَلَا يَكُونَ لَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهُمَا عِنْدَنَا وَعِنْدَك.

وَلَوْ كَانَ لَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهُمَا كَانَ لِغَيْرِهِمْ أَنْ يَقُولَ مَعَهُمْ؟ قَالَ أَجَلْ.

قُلْت: أَفَقُلْت قَوْلَك هَذَا بِخَبَرٍ لَازِمٍ أَوْ قِيَاسٍ فَهُوَ خِلَافُ هَذَا كُلِّهِ وَلَيْسَ لَك خِلَافٌ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فِي أَصْلِ مَا تَقُولُ، قَالَ يَتَفَاحَشُ أَنْ يَجْتَمِعَ مَاؤُهُ فِي أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ أَوْ فِي أُخْتَيْنِ: قُلْت الْمُتَفَاحَشُ أَنْ تُحَرِّمَ عَلَيْهِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ وَإِحْدَى الْأُخْتَيْنِ مِمَّا أَحَلَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ وَقُلْت لَهُ: لَوْ كَانَ فِي قَوْلِك لَا يَجْتَمِعُ مَاؤُهُ فِي أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ حُجَّةً فَكُنْت إنَّمَا حَرَّمْت عَلَيْهِ أَنْ يَنْكِحَ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الْأَرْبَعِ لِلْمَاءِ كُنْت مَحْجُوجًا بِقَوْلِك قَالَ: وَأَيْنَ؟ قُلْت أَرَأَيْت إذَا نَكَحَ أَرْبَعًا فَأَغْلَقَ عَلَيْهِنَّ، أَوْ أَرْخَى الْأَسْتَارَ وَلَمْ يَمَسَّ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ أَعَلَيْهِنَّ الْعِدَّةُ؟ قَالَ نَعَمْ قُلْت أَفَيَنْكِحُ أَرْبَعًا سِوَاهُنَّ قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهُنَّ؟ قَالَ لَا قُلْت أَفَرَأَيْت لَوْ دَخَلَ بِهِنَّ فَأَصَابَهُنَّ ثُمَّ غَابَ عَنْهُنَّ سِنِينَ ثُمَّ طَلَّقَهُنَّ وَلَا عَهْدَ لَهُ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ قَبْلَ الطَّلَاقِ بِثَلَاثِينَ سَنَةً أَيَنْكِحُ فِي عِدَّتِهِنَّ؟ قَالَ: لَا قُلْت أَفَرَأَيْت لَوْ كَانَ يَعْزِلُ عَنْهُنَّ ثُمَّ طَلَّقَهُنَّ أَيَنْكِحُ فِي عِدَّتِهِنَّ؟ قَالَ لَا قُلْت لَهُ أَرَأَيْت لَوْ كَانَ قَوْلُك إنَّمَا حَرَّمْت عَلَيْهِ أَنْ يَنْكِحَ فِي عِدَّتِهِنَّ لِلْمَاءِ كَمَا وَصَفْت أَتُبِيحُ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ فِي عِدَّةِ مَنْ سَمَّيْت وَفِي عِدَّةِ الْمَرْأَةِ تَلِدُ فَيُطَلِّقُهَا سَاعَةً تَضَعُ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا وَفِي الْمَرْأَةِ يُطَلِّقُهَا حَائِضًا أَتُبِيحُ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ بِمَا لَزِمَك فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ وَقُلْت أَعْزِلْ عَمَّنْ نَكَحْت وَلَا تُصِبْ مَاءَك حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ نِسَائِك اللَّاتِي طَلَّقْت؟ قَالَ أَفَأَقِفُهُ عَنْ إصَابَةِ امْرَأَتِهِ؟ فَقُلْت يَلْزَمُك ذَلِكَ فِي قَوْلِك قَالَ وَمِنْ أَيْنَ يَلْزَمُنِي أَفَتَجِدُنِي أَقُولُ مِثْلَهُ؟ قُلْت نَعَمْ أَنْتَ تَزْعُمُ أَنَّهُ لَوْ نَكَحَ امْرَأَةً فَأَخْطَأَهَا إلَى غَيْرِهَا فَأَصَابَهَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَكَانَتْ امْرَأَةَ الْأَوَّلِ وَاعْتَزَلَهَا زَوْجُهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا وَتَزْعُمَ أَنَّ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْرِمَةَ وَالْحَائِضَ وَلَا يُصِيبُ وَاحِدَةً مِنْهُمَا وَتَقُولُ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ الْحُبْلَى مِنْ زِنًا وَلَا يُصِيبُهَا فَقُلْت لَهُ وَمَا الْمَاءُ مِنْ النِّكَاحِ؟ أَرَأَيْت لَوْ أَصَابَهُنَّ وَفِيهِنَّ مَاؤُهُ ثُمَّ أَرَادَ الْعَوْدَ لِإِصَابَتِهِنَّ أَمَا ذَلِكَ مِمَّا يَحِلُّ لَهُ؟ قَالَ: بَلَى قُلْت كَمَا يُبَاحُ لَهُ لَوْ لَمْ يُصِبْهُنَّ قَبْلَ ذَلِكَ؟ قَالَ نَعَمْ، فَقُلْت فَإِذَا طَلَّقَهُنَّ وَفِيهِنَّ مَاؤُهُ ثَلَاثًا أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يُعِيدَ فِيهِنَّ مَاءً آخَرَ وَإِنَّمَا أَقَرَّ فِيهِنَّ مَاءَهُ قَبْلَ ذَلِكَ بِسَاعَةٍ قَالَ لَا وَقَدْ انْتَقَلَ حُكْمُهُ.

قُلْت:

<<  <  ج: ص:  >  >>