للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ بَرِئْت مِنِّي أَوْ يَقُولُ أَنْتِ بَائِنَةٌ أَوْ قَدْ بِنْت مِنِّي؟ قَالَ سَوَاءٌ: قَالَ عَطَاءٌ: وَأَمَّا قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ فَسُنَّةٌ لَا يُدَيَّنُ فِي ذَلِكَ هُوَ الطَّلَاقُ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ عَطَاءٌ: أَمَّا قَوْلُهُ أَنْتِ بَرِيَّةٌ أَوْ بَائِنَةٌ، فَذَلِكَ مَا أَحْدَثُوا، سُئِلَ فَإِنْ كَانَ أَرَادَ الطَّلَاقَ فَهُوَ الطَّلَاقُ وَإِلَّا فَلَا (قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ بَرِيَّةٌ أَوْ أَنْتِ بَائِنَةٌ أَوْ أَنْتِ خَلِيَّةٌ أَوْ بَرِئْت مِنِّي أَوْ بِنْت مِنِّي قَالَ يُدَيَّنُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: إنْ أَرَادَ الطَّلَاقَ فَهُوَ الطَّلَاقُ كَقَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ حَمَّادٍ قَالَ: سَأَلْت إبْرَاهِيمَ عَنْ الرَّجُلِ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ؟ قَالَ إنْ نَوَى طَلَاقًا فَهُوَ طَلَاقٌ وَإِلَّا فَهُوَ يَمِينٌ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَالْبَتَّةُ تَشْدِيدُ الطَّلَاقِ وَمُحْتَمِلَةٌ لَأَنْ تَكُونَ زِيَادَةً فِي عَدَدِ الطَّلَاقِ وَقَدْ جَعَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ لَمْ يُرِدْ رُكَانَةُ إلَّا وَاحِدَةً وَاحِدَةً يَمْلِكُ فِيهَا الرَّجْعَةَ فَفِيهِ دَلَائِلُ.

مِنْهَا: أَنَّ تَشْدِيدَ الطَّلَاقِ لَا يَجْعَلُهُ بَائِنًا وَأَنَّ مَا احْتَمَلَ الزِّيَادَةَ فِي عَدَدِ الطَّلَاقِ مِمَّا سِوَى اسْمِ الطَّلَاقِ لَا يَكُونُ طَلَاقًا إلَّا بِإِرَادَةِ الْمُتَكَلِّمِ بِهِ وَأَنَّهُ إذَا أَرَادَ الطَّلَاقَ كَانَ طَلَاقًا وَلَوْ كَانَ إذَا أَرَادَ بِهِ زِيَادَةً فِي عَدَدِ الطَّلَاقِ وَلَمْ يَكُنْ طَلَاقًا لَمْ يُحَلِّفْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا أَرَادَ إلَّا وَاحِدَةً وَإِذَا كَانَ نَوَى زِيَادَةً فِي عَدَدِ الطَّلَاقِ بِمَا يُشْبِهُ الطَّلَاقَ وَقَعَ بِإِرَادَتِهِ.

فَإِنْ أَرَادَ فِيمَا يُشْبِهُ الطَّلَاقَ أَنْ يُطَلِّقَ وَاحِدَةً فَوَاحِدَةً وَإِنْ أَرَادَ اثْنَتَيْنِ فَاثْنَتَيْنِ وَإِنْ أَرَادَ ثَلَاثًا فَثَلَاثًا فَإِذَا وَقَعَتْ ثَلَاثٌ بِإِرَادَتِهِ الطَّلَاقَ مَعَ مَا يُشْبِهُ الطَّلَاقَ وَاثْنَتَانِ وَوَاحِدَةٌ كَانَ إذَا تَكَلَّمَ بِاسْمِ الطَّلَاقِ الَّذِي يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ بِنِيَّةِ طَلَاقٍ أَوْ غَيْرِ نِيَّةٍ أَوْلَى أَنْ يَقَعَ.

فَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ يَنْوِي اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَهُوَ مَا نَوَى مَعَ الْوَاحِدَةِ مِنْ الزِّيَادَةِ وَلَا أَعْلَمُ شَيْئًا مِمَّا سِوَى مَا سَمَّى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ الطَّلَاقَ أَشْبَهَ فِي الظَّاهِرِ بِأَنْ يَكُونَ طَلَاقًا ثَلَاثًا مِنْ الْبَتَّةِ.

فَإِذَا كَانَ إذَا تَكَلَّمَ بِهَا مَعَ الطَّلَاقِ لَمْ يَكُنْ طَلَاقًا إلَّا بِإِرَادَتِهِ كَانَ مَا هُوَ أَضْعَفُ مِنْهَا فِي الظَّاهِرِ مِنْ الْكَلَامِ أَوْلَى أَنْ لَا يَكُونَ طَلَاقًا إلَّا بِإِرَادَتِهِ الطَّلَاقَ، وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ لِامْرَأَتِهِ اخْتَارِي أَوْ أَمْرُك بِيَدِك أَوْ قَالَ مَلَّكْتُك أَمْرَك أَوْ أَمْرُك إلَيْك فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا فَقَالَ مَا أَرَدْت بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا طَلَاقًا لَمْ يَكُنْ طَلَاقًا.

وَسَوَاءٌ قَالَ ذَلِكَ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ بَعْدَهُ لَا يَكُونُ طَلَاقًا إلَّا بِأَنْ يُقِرَّ أَنَّهُ أَرَادَ بِتَمْلِيكِهَا وَتَخْيِيرِهَا طَلَاقًا قَالَ: وَهَكَذَا لَوْ قَالَتْ لَهُ خالعني فَقَالَ قَدْ خَالَعْتُكِ أَوْ خَلَعْتُك أَوْ قَدْ فَعَلْت لَمْ يَكُنْ طَلَاقًا إلَّا بِإِرَادَتِهِ الطَّلَاقَ وَلَمْ يَأْخُذْ مِمَّا أَعْطَتْهُ شَيْئًا إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ طَلَاقًا، وَذَلِكَ أَنَّ طَلَاقَ الْبَتَّةِ يَحْتَمِلُ الْإِثْبَاتَ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ شَيْءٌ وَيَحْتَمِلُ تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً لِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهَا أَنَّهَا مُنْبَتَّةٌ حَتَّى يَرْتَجِعَهَا، وَالْخَلِيَّةُ وَالْبَرِيَّةُ وَالْبَائِنُ مِنْهُ يُحْتَمَلُ خَلِيَّةٌ مِمَّا يَعْنِينِي وَبَرِيَّةٌ مِمَّا يَعْنِينِي وَبَائِنٌ مِنْ النِّسَاءِ وَمِنِّي بِالْمَوَدَّةِ، وَاخْتَارِي شَيْئًا غَيْرَ الطَّلَاقِ مِنْ مَالٍ أَوْ ضَرْبٍ أَوْ مَقَامٍ عَلَيَّ حَسَنٍ أَوْ قَبِيحٍ، وَأَمْرُك بِيَدِك أَنَّك تَمْلِكِينَ أَمْرَك فِي مَالِكٍ غَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ أَمْرُك إلَيْك وَكَذَلِكَ مَلَّكْتُك أَمْرَك، وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ تَطْلِيقَةً شَدِيدَةً أَوْ غَلِيظَةً أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا مِنْ تَشْدِيدِ الطَّلَاقِ أَوْ تَطْلِيقَةً بَائِنًا كَانَ كُلُّ هَذَا تَطْلِيقَةً تَمْلِكُ الرَّجْعَةَ، وَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَهُ لَمْ يَكُنْ طَلَاقًا وَكُلُّ مَا لَمْ يُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَهُ فَهُوَ مِنْ حَدِيثِ النَّفْسِ الْمَوْضُوعِ عَنْ بَنِي آدَمَ، وَهَكَذَا إنْ طَلَّقَ ثَلَاثًا بِلِسَانِهِ وَاسْتَثْنَى فِي نَفْسِهِ لَزِمَهُ طَلَاقُ ثَلَاثٍ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ اسْتِثْنَاءٌ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ حَدِيثُ نَفْسٍ لَا حُكْمَ لَهُ فِي الدُّنْيَا.

وَإِنْ كَلَّمَ امْرَأَتَهُ بِمَا لَا يُشْبِهُ الطَّلَاقَ وَقَالَ أَرَدْت بِهِ الطَّلَاقَ لَمْ يَكُنْ طَلَاقًا، وَإِنَّمَا تَعْمَلُ النِّيَّةُ مَعَ مَا يُشْبِهُ مَا نَوَيْته بِهِ وَذَلِكَ أَنْ يَقُولَ لَهَا بَارَكَ اللَّهُ فِيك أَوْ اسْقِينِي أَوْ أَطْعِمِينِي أَوْ زَوِّدِينِي أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا وَلَكِنَّهُ لَوْ قَالَ لَهَا افْلَحِي أَوْ اذْهَبِي أَوْ اُغْرُبِي أَوْ أَشْرِبِي يُرِيدُ بِهِ طَلَاقًا كَانَ طَلَاقًا، وَكُلُّ هَذَا يُقَالُ لِلْخَارِجِ وَالْمُفَارِقِ يُقَالُ لَهُ افْلَحْ كَمَا يُقَالُ لَهُ اذْهَبْ وَيُقَالُ لَهُ اُغْرُبْ اذْهَبْ بُعْدًا، وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ يُكَلِّمُ مَا

<<  <  ج: ص:  >  >>