للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَدْنَاهُمْ» عَلَى الْأَحْرَارِ دُونَ الْمَمَالِيكِ فَقَدْ زَعَمْت أَنَّ الْمَمْلُوكَ يُؤَمِّنُ وَهُوَ خَارِجٌ مِنْ الْحَدِيثِ، قَالَ مَا هُوَ خَارِجٌ مِنْ الْحَدِيثِ وَإِنَّهُ لَيَلْزَمُهُ اسْمُ الْإِيمَانِ، فَقُلْت لَهُ فَإِنْ كَانَ دَاخِلًا فِي الْحَدِيثِ فَكَيْفَ زَعَمْت أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَمَانُهُ إذَا لَمْ يُقَاتِلْ؟ قَالَ إنَّمَا يُؤَمِّنُ الْمُقَاتِلِينَ مُقَاتِلٌ، قُلْت وَرَأَيْت ذَلِكَ اسْتِثْنَاءً فِي الْحَدِيثِ أَوْ وَجَدْت عَلَيْهِ دَلَالَةً مِنْهُ؟ قَالَ كَانَ الْعَقْلُ يَدُلُّ عَلَى هَذَا قُلْت لَيْسَ كَمَا تَقُولُ الْحَدِيثُ وَالْعَقْلُ مَعًا يَدُلَّانِ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَمَانُ الْمُؤْمِنِ بِالْإِيمَانِ لَا بِالْقِتَالِ وَلَوْ كَانَ كَمَا قُلْتَ كُنْتَ قَدْ خَالَفْت أَصْلَ مَذْهَبِك قَالَ وَمِنْ أَيْنَ؟ قُلْت زَعَمْت أَنَّ الْمَرْأَةَ تُؤَمِّنُ، فَيَجُوزُ أَمَانُهَا وَالزَّمِنُ لَا يُقَاتِلُ يُؤَمِّنُ فَيَجُوزُ أَمَانُهُ وَكَانَ يَلْزَمُك فِي هَذَيْنِ عَلَى أَصْلِ مَا ذَهَبْت إلَيْهِ أَنْ لَا يَجُوزُ أَمَانُهُمَا لِأَنَّهُمَا لَا يُقَاتِلَانِ قَالَ فَإِنِّي أَتْرُكُ هَذَا كُلَّهُ فَأَقُولُ: إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا قَالَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ فَدِيَةُ الْعَبْدِ أَقَلُّ مِنْ دِيَةِ الْحُرِّ فَلَيْسَ بِكُفْءٍ بِدَمِهِ لِدَمِهِ، فَقُلْت لَهُ الْقَوْلُ الَّذِي صِرْت إلَيْهِ أَبْعَدُ مِنْ الصَّوَابِ مِنْ الْقَوْلِ الَّذِي بَانَ لَك تَنَاقُضُ قَوْلِك فِيهِ، قَالَ وَمِنْ أَيْنَ؟ قُلْت أَتَنْظُرُ فِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ " إلَى الْقَوَدِ أَمْ إلَى الدِّيَةِ؟ قَالَ إلَى الدِّيَةِ، قُلْت فَدِيَةُ الْمَرْأَةِ نِصْفُ دِيَةِ الرَّجُلِ وَأَنْتَ تُجِيزُ أَمَانَهَا، وَدِيَةُ بَعْضِ الْعَبِيدِ عِنْدَك أَكْثَرُ مِنْ دِيَةِ الْمَرْأَةِ فَلَا تُجِيزُ أَمَانَهُ؟.

وَقَدْ يَكُونُ الْعَبْدُ لَا يُقَاتِلُ أَكْثَرَ دِيَةً مِنْ الْعَبْدِ يُقَاتِلُ وَلَا تُجِيزُ أَمَانَهُ وَيَكُونُ الْعَبْدُ يُقَاتِلُ عَنْ مِائَةِ دِرْهَمٍ فَتُجِيزُ أَمَانَهُ فَقَدْ تَرَكْت أَصْلَ مَذْهَبِك فِي إجَازَةِ أَمَانِ الْعَبْدِ الْمُقَاتِلِ يُسَاوِي مِائَةَ دِرْهَمٍ وَفِي الْمَرْأَةِ، قَالَ: فَإِنْ قُلْت إنَّمَا عَنَى " تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ " فِي الْقَوَدِ، قُلْت فَقُلْهُ قَالَ فَقَدْ قُلْت فَأَنْتَ تُقِيدُ بِالْعَبْدِ الَّذِي لَا يُسَاوِي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ الْحُرَّ دِيَتُهُ أَلْفُ دِينَارٍ كَانَ الْعَبْدُ مِمَّنْ يُحْسِنُ قِتَالًا أَوْ لَا يُحْسِنُهُ، قَالَ إنِّي لَأَفْعَلُ وَمَا هَذَا عَلَى الْقَوَدِ قُلْت أَجَلْ وَلَا عَلَى الدِّيَةِ وَلَا عَلَى الْقِتَالِ، وَلَوْ كَانَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كُنْت قَدْ تَرَكْته كُلَّهُ، قَالَ فَعَلَامَ هُوَ؟ قُلْت عَلَى اسْمِ الْإِيمَانِ قَالَ وَإِذَا أَسَرَ أَهْلُ الْبَغْيِ أَهْلَ الْعَدْلِ وَكَانَ أَهْلُ الْعَدْلِ فِيهِمْ تُجَّارٌ فَقَتَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا أَوْ اسْتَهْلَكَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ مَالًا لَمْ يُقْتَصَّ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ وَلَمْ يَلْزَمْ بَعْضَهُمْ لِبَعْضٍ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يَجْرِي عَلَيْهِمْ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانُوا فِي دَارِ حَرْبٍ، فَقُلْت لَهُ أَتَعْنِي أَنَّهُمْ فِي حَالِ شُبْهَةٍ بِجُهَّالِهِمْ وَتَنَحِّيهِمْ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَجَهَالَةِ مَنْ هُمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِ مِمَّنْ أَهْلُ بَغْيٍ أَوْ مُشْرِكِينَ؟ قَالَ لَا وَلَوْ كَانُوا فُقَهَاءَ يَعْرِفُونَ أَنَّ مَا أَتَوْا وَمَا هُوَ دُونَهُ مُحَرَّمٌ أَسْقَطْت ذَلِكَ عَنْهُمْ فِي الْحُكْمِ لِأَنَّ الدَّارَ لَا يَجْرِي عَلَيْهَا الْحُكْمُ فَقُلْت لَهُ إنَّمَا يَحْتَمِلُ قَوْلُك لَا يَجْرِي عَلَيْهَا الْحُكْم مَعْنَيَيْنِ، أَحَدُهُمَا أَنْ تَقُولَ لَيْسَ عَلَى أَهْلِهَا أَنْ يُعْطُوا أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ عَلَيْهِمْ جَارِيًا، وَالْمَعْنَى الثَّانِي أَنْ يَغْلِبَ أَهْلُهَا عَلَيْهَا فَيَمْنَعُوهَا مِنْ الْحُكْمِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُصِيبُ فِيهِ هَؤُلَاءِ الْحُدُودِ فَأَيَّهُمَا عَنَيْت؟ قَالَ أَمَّا الْمَعْنَى الْأَوَّلُ فَلَا أَقُولُ بِهِ عَلَى أَهْلِهَا أَنْ يَصِيرُوا إلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَيَسْتَسْلِمُوا لِلْحُكْمِ وَهُمْ بِمَنْعِهِ ظَالِمُونَ مُسْلِمُونَ كَانُوا أَوْ مُشْرِكِينَ وَلَكِنْ إذَا مَنَعُوا دَارَهُمْ مِنْ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهَا طَاعَةٌ يَجْرِي فِيهَا الْحُكْمُ كَانُوا قَبْلَ الْمَنْعِ مُطِيعِينَ يَجْرِي عَلَيْهِمْ الْحُكْمُ أَوْ لَمْ يَكُونُوا مُطِيعِينَ قَبْلَهُ فَأَصَابَ الْمُسْلِمُونَ فِي هَذِهِ الدَّارِ حُدُودًا بَيْنَهُمْ أَوْ لِلَّهِ لَمْ تُؤْخَذْ مِنْهُمْ الْحُدُودُ وَلَا الْحُقُوقُ بِالْحُكْمِ وَعَلَيْهِمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ تَأْدِيَتُهَا فَقُلْت لَهُ نَحْنُ وَأَنْتَ تُزْعَمُ أَنَّ الْقَوْلَ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَكُونَ خَبَرًا أَوْ قِيَاسًا مَعْقُولًا فَأَخْبِرْنَا فِي أَيِّ الْمَعْنَيَيْنِ قَوْلُك؟ قَالَ قَوْلِي قِيَاسٌ لَا خَبَرٌ قُلْنَا فَعَلَامَ قِسْتَهُ؟ قَالَ عَلَى أَهْلِ دَارِ الْمُحَارَبِينَ يَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ثُمَّ يَظْهَرُ عَلَيْهِمْ فَلَا نُقِيدُ مِنْهُمْ، قُلْت أَتَعْنِي مِنْ الْمُشْرِكِينَ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَقُلْت لَهُ أَهْلُ الدَّارِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ يُخَالِفُونَ التُّجَّارَ وَالْأُسَارَى فِيهِمْ فِي الْمَعْنَى الَّذِي ذَهَبْت إلَيْهِ خِلَافًا بَيِّنًا.

قَالَ فَأَوْجَدَنِيهِ قُلْت أَرَأَيْت الْمُشْرِكِينَ الْمُحَارَبِينَ لَوْ سَبَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا ثُمَّ أَسْلَمُوا أَتَدَعُ السَّابِيَ يَتَخَوَّلُ الْمَسْبِيَّ مَوْقُوفًا لَهُ؟ قَالَ نَعَمْ: قُلْت فَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ الْأُسَارَى أَوْ التُّجَّارُ ثُمَّ ظَهَرْنَا عَلَيْهِمْ، قَالَ فَلَا يَكُونُ لَهُمْ أَنْ يَسْتَرِقَّ بَعْضُهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>