للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيْرُ الْمَائِيِّ، وَلَا يُخَلِّصُ هَذَا، وَالْآخَرُ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ مَكِيلَةَ الدَّقِيقِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكْثُرُ إذَا طُحِنَ وَيَقِلُّ وَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمْ يَسْتَوْفِ كَيْلَ الْحِنْطَةِ وَإِنَّمَا يُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُ الْبَائِعِ (قَالَ): وَقَدْ يُفْسِدُهُ غَيْرُنَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مِنْ أَنْ يَقُولَ لِطَحْنِهِ إجَارَةٌ لَهَا قِيمَةٌ لَمْ تُسَمَّ فِي أَصْلِ السَّلَفِ فَإِذَا كَانَتْ لَهُ إجَازَةٌ فَلَيْسَ يَعْرِفُ ثَمَنَ الْحِنْطَةِ مِنْ قِيمَةِ الْإِجَارَةِ فَيَكُونُ سَلَفًا مَجْهُولًا (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَهَذَا وَجْهٌ آخَرُ يَجِدُهُ مَنْ أَفْسَدَهُ فِيهِ مَذْهَبًا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(قَالَ): وَلَيْسَ هَذَا كَمَا يُسَلِّفُهُ فِي دَقِيقٍ مَوْصُوفٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَضْمَنُ لَهُ حِنْطَةً مَوْصُوفَةً وَشَرَطَ عَلَيْهِ فِيهَا عَمَلًا بِحَالٍ إنَّمَا ضَمِنَ لَهُ دَقِيقًا مَوْصُوفًا وَكَذَلِكَ لَوْ أَسْلَفَهُ فِي ثَوْبٍ مَوْصُوفٍ بِذَرْعٍ يُوصَفْ بِهِ الثِّيَابُ جَازَ، وَإِنْ أَسْلَفَهُ فِي غَزْلٍ مَوْصُوفٍ عَلَى أَنْ يَعْمَلَهُ لَهُ ثَوْبًا لَمْ يَجُزْ مِنْ قِبَلِ أَنَّ صِفَةَ الْغَزْلِ لَا تُعْرَفُ فِي الثَّوْبِ، وَلَا تُعْرَفُ حِصَّةُ الْغَزْلِ مِنْ حِصَّةِ الْعَمَلِ، وَإِذَا كَانَ الثَّوْبُ مَوْصُوفًا عُرِفَتْ صِفَتُهُ (قَالَ): وَكُلُّ مَا أَسْلَمَ فِيهِ وَكَانَ يَصْلُحُ بِشَيْءٍ مِنْهُ لَا بِغَيْرِهِ فَشَرَطَهُ مُصْلِحًا فَلَا بَأْسَ بِهِ كَمَا يُسْلِمُ إلَيْهِ فِي ثَوْبٍ وُشِيَ أَوْ مُسَيَّرٍ أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ صِبْغِ الْغَزْلِ وَذَلِكَ أَنَّ الصِّبْغَ فِيهِ كَأَصْلِ لَوْنِ الثَّوْبِ فِي السُّمْرَةِ وَالْبَيَاضِ وَأَنَّ الصِّبْغَ لَا يُغَيِّرُ صِفَةَ الثَّوْبِ فِي دِقَّةٍ، وَلَا صَفَاقَةٍ، وَلَا غَيْرِهِمَا كَمَا يَتَغَيَّرُ السَّوِيقُ وَالدَّقِيقُ بِاللُّتَاتِ، وَلَا يُعْرَفُ لَوْنُهُمَا وَقَدْ يُشْتَرَيَانِ عَلَيْهِ، وَلَا طَعْمُهُمَا وَأَكْثَرُ مَا يُشْتَرَيَانِ عَلَيْهِ، وَلَا خَيْرَ فِي أَنْ يُسْلِمَ إلَيْهِ فِي ثَوْبٍ مَوْصُوفٍ عَلَى أَنْ يَصْبُغَهُ مُضَرَّجًا مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لَا يُوقَفُ عَلَى حَدِّ التَّضْرِيجِ وَأَنَّ مِنْ الثِّيَابِ مَا يَأْخُذُ مِنْ التَّضْرِيجِ أَكْثَرَ مِمَّا يَأْخُذُ مِثْلُهُ فِي الذَّرْعِ وَأَنَّ الصَّفْقَةَ وَقَعَتْ عَلَى شَيْئَيْنِ مُتَفَرِّقَيْنِ أَحَدُهُمَا ثَوْبٌ وَالْآخَرُ صِبْغٌ فَكَانَ الثَّوْبُ، وَإِنْ عُرِفَ مَصْبُوغًا بِجِنْسِهِ قَدْ عَرَفَهُ فَالصِّبْغُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ قَدْرُهُ وَهُوَ مُشْتَرًى، وَلَا خَيْرَ فِي مُشْتَرًى إلَى أَجَلٍ غَيْرِ مَعْرُوفٍ وَلَيْسَ هَذَا كَمَا يُسْلِمُ فِي ثَوْبِ عَصْبٍ؛ لِأَنَّ الصِّبْغَ زِينَةٌ لَهُ وَأَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِ الثَّوْبَ إلَّا وَهَذَا الصِّبْغُ قَائِمٌ فِيهِ قِيَامَ الْعَمَلِ مِنْ النَّسْجِ وَلَوْنُ الْغَزْلِ فِيهِ قَائِمٌ لَا يُغَيِّرُهُ عَنْ صِفَتِهِ فَإِذَا كَانَ هَكَذَا جَازَ، وَإِذَا كَانَ الثَّوْبُ مُشْتَرًى بِلَا صِبْغٍ ثُمَّ أُدْخِلَ الصِّبْغُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الثَّوْبَ وَيَعْرِفَ الصِّبْغَ لَمْ يَجُزْ لِمَا وَصَفْت مِنْ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ غَزْلَ الثَّوْبِ، وَلَا قَدْرَ الصِّبْغِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا بَأْسَ أَنْ يُسَلِّفَهُ فِي ثَوْبٍ مَوْصُوفٍ يُوَفِّيهِ إيَّاهُ مَقْصُورًا قِصَارَةً مَعْرُوفَةً أَوْ مَغْسُولًا غَسْلًا نَقِيًّا مِنْ دَقِيقِهِ الَّذِي يُنْسَجُ بِهِ، وَلَا خَيْرَ فِي أَنْ يُسْلِمَ إلَيْهِ فِي ثَوْبٍ قَدْ لُبِسَ أَوْ غُسِلَ غَسْلَةً مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ يَغْسِلُهُ غَسْلَةً بَعْدَمَا يُنْهِكُهُ وَقَبْلُ فَلَا يُوقَفُ عَلَى حَدِّ هَذَا، وَلَا خَيْرَ فِي أَنْ يُسْلِمَ فِي حِنْطَةٍ مَبْلُولَةٍ؛ لِأَنَّ الِابْتِلَالَ لَا يُوقَفُ عَلَى حَدِّ مَا يُرِيدُ فِي الْحِنْطَةِ وَقَدْ تُغَيَّرُ الْحِنْطَةُ حَتَّى لَا يُوقَفُ عَلَى حَدِّ صِفَتِهَا كَمَا يُوقَفُ عَلَيْهَا يَابِسَةً، وَلَا خَيْرَ فِي السَّلَفِ فِي مُجَمَّرٍ مُطَرًّى وَلَوْ وُصِفَ وَزْنٌ لِلتَّطْرِيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَزِنَ التَّطْرِيَةَ فَيَخْلُصُ وَزْنُهَا مِنْ وَزْنِ الْعُودِ، وَلَا يُضْبَطُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَدْخُلُهُ الْغَيْرُ بِمَا يَمْنَعُ لَهُ الدَّلَالَةَ التَّطْرِيَةَ لَهُ عَلَى جَوْدَةِ الْعُودِ وَكَذَلِكَ لَا خَيْرَ فِي السَّلَفِ فِي الْغَالِيَةِ، وَلَا شَيْءٍ مِنْ الْأَدْهَانِ الَّتِي فِيهَا الْأَثْقَالُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوقَفُ عَلَى صِفَتِهِ، وَلَا قَدْرِ مَا يَدْخُلُ فِيهِ، وَلَا يَتَمَيَّزُ مَا يَدْخُلُ فِيهِ (قَالَ): وَلَا بَأْسَ بِالسَّلَفِ فِي دُهْنِ حَبِّ الْبَانِ قَبْلَ أَنْ يَنُشَّ بِشَيْءٍ وَزْنًا وَأَكْرَهُهُ مَنْشُوشًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ قَدْرَ النَّشِّ مِنْهُ وَلَوْ وَصَفَهُ بِرِيحٍ كَرِهْته مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لَا يُوقَفُ عَلَى حَدِّ الرِّيحِ قَالَ وَأَكْرَهُهُ فِي كُلِّ دُهْنٍ طَيِّبٍ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى وَكَذَلِكَ لَوْ سَلَّفَهُ فِي دُهْنٍ مُطَيِّبٍ أَوْ ثَوْبٍ مُطَيَّبٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوقَفُ عَلَى حَدِّ الطِّيبِ كَمَا لَا يُوقَفُ عَلَى الْأَلْوَانِ وَغَيْرِهَا مِمَّا ذَكَرْت فِيهِ أَنَّ أَدْهَانَ الْبُلْدَانِ تَتَفَاضَلُ فِي بَقَاءِ طَيْفِ الرِّيحِ عَلَى الْمَاءِ وَالْعَرَقِ وَالْقَدَمِ فِي الْحُنُوِّ وَغَيْرِهِ وَلَوْ شَرَطَ دُهْنَ بَلَدٍ كَانَ قَدْ نَسَبَهُ فَلَا يَخْلُصُ كَمَا تَخْلُصُ الثِّيَابُ فَتُعْرَفُ بِبُلْدَانِهَا المجسية وَاللَّوْنُ وَغَيْرُ ذَلِكَ قَالَ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يُسَلِّفَهُ فِي طَسْتٍ أَوْ تَوْرٍ مِنْ نُحَاسٍ أَحْمَرَ أَوْ أَبْيَضَ أَوْ شَبَهٍ أَوْ رَصَاصٍ أَوْ حَدِيدٍ وَيَشْتَرِطُهُ بِسَعَةٍ مَعْرُوفَةٍ وَمَضْرُوبًا أَوْ مُفَرَّغًا وَبِصَنْعَةٍ مَعْرُوفَةٍ وَيَصِفُهُ بِالثَّخَانَةِ أَوْ الرِّقَّةِ وَيَضْرِبُ لَهُ أَجَلًا كَهُوَ فِي الثِّيَابِ، وَإِذَا جَاءَ بِهِ عَلَى مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الصِّفَةِ وَالشَّرْطِ لَزِمَهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّهُ (قَالَ): وَكَذَلِكَ كُلُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>