كَمَا قُلْت فِي حَشْوِ الْقَزِّ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا أَكْرَهُ لِلرَّجُلِ لُبْسَ اللُّؤْلُؤِ إلَّا لِلْأَدَبِ، وَأَنَّهُ مِنْ زِيِّ النِّسَاءِ لَا لِلتَّحْرِيمِ، وَلَا أَكْرَهُ لُبْسَ يَاقُوتٍ، وَلَا زَبَرْجَدٍ إلَّا مِنْ جِهَةِ السَّرَفِ أَوْ الْخُيَلَاءِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا أَكْرَهُ لِمَنْ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ فِي الْحَرْبِ بَلَاءً أَنْ يَعْلَمَ مَا شَاءَ مِمَّا يَجُوزُ لُبْسُهُ، وَلَا أَنْ يَرْكَبَ الْأَبْلَقَ، وَلَا الْفَرَسَ، وَلَا الدَّابَّةَ الْمَشْهُورَةَ قَدْ أَعْلَمَ حَمْزَةُ يَوْمَ بَدْرٍ، وَلَا أَكْرَهُ الْبِرَازَ قَدْ بَارَزَ عُبَيْدَةَ، وَحَمْزَةُ، وَعَلِيٌّ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ):، وَيَلْبَسُ فِي الْحَرْبِ جِلْدَ الثَّعْلَبِ، وَالضَّبُعِ إذَا كَانَا ذَكِيَّيْنِ وَعَلَيْهِمَا شُعُورُهُمَا فَإِنْ لَمْ يَكُونَا ذَكِيَّيْنِ، وَدُبِغَا لَبِسَهُمَا إنْ سُمِطَتْ شُعُورُهُمَا عَنْهُمَا، وَيُصَلِّي فِيهِمَا، وَإِنْ لَمْ نَسْمُطْ شُعُورَهُمَا لَمْ يُصَلِّ فِيهِمَا لِأَنَّ الدَّبَّاغَ لَا يُطَهِّرُ الشَّعْرَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَهَكَذَا يَلْبَسُ جِلْدَ كُلِّ مُذَكًّى يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، وَلَا يَلْبَسُ جِلْدَ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ ذَكِيًّا إلَّا مَدْبُوغًا لَا شَعْرَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَلْبَسَهُ، وَلَا يُصَلِّي فِيهِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَهَكَذَا لَا يُصَلِّي فِي جِلْدِ دَابَّةٍ لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهَا ذَكِيَّةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ ذَكِيَّةٍ إلَّا أَنْ يَدْبُغَهُ، وَيَمْعَطَ شَعْرَهُ فَأَمَّا لَوْ بَقِيَ مِنْ شَعْرِهِ شَيْءٌ فَلَا يُصَلِّي فِيهِ، وَلَا يُصَلِّي فِي جِلْدِ خِنْزِيرٍ وَلَا كَلْبٍ بِحَالٍ نُزِعَتْ شُعُورُهُمَا، وَدُبِغَا أَوْ لَمْ يُدْبَغَا.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَكَذَلِكَ لَا يُلْبِسُ الرَّجُلُ فَرَسَهُ شَيْئًا مِنْ آلَتِهِ جِلْدَ كَلْبٍ أَوْ خِنْزِيرٍ بِحَالٍ، وَلَا يَسْتَمْتِعُ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِغَيْرِ مَا يَسْتَمْتِعُ بِهِ مِنْ الْكَلْبِ فِي صَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ أَوْ زَرْعٍ فَأَمَّا مَا سِوَاهُمَا فَلَا بَأْسَ أَنْ يُلْبِسَهُ الرَّجُلُ فَرَسَهُ أَوْ دَابَّتَهُ، وَيَسْتَمْتِعُ بِهِ وَلَا يُصَلِّي فِيهِ، وَذَلِكَ مِثْلُ جِلْدِ الْقِرْدِ وَالْفِيلِ وَالْأَسَدِ، وَالنَّمِرِ، وَالذِّئْبِ، وَالْحَيَّةِ، وَمَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ لِأَنَّهُ جُنَّةٌ لِلْفَرَسِ، وَلَا تَعَبُّدَ لِلْفَرَسِ وَلَا نَهْيَ عَنْ إهَابِ جُنَّةٍ فِي غَيْرِ الْكَلْبِ، وَالْخِنْزِيرِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ فِي الْخَوْفِ مُمْسِكًا عِنَانَ دَابَّتِهِ فَإِنْ نَازَعَتْهُ فَجَذَبَهَا إلَيْهِ جَذْبَةً أَوْ جَذْبَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَهُوَ غَيْرُ مُنْحَرِفٍ عَنْ الْقِبْلَةِ فَلَا بَأْسَ، وَإِنْ كَثُرَتْ مُجَاذَبَتُهُ إيَّاهَا، وَهُوَ غَيْرُ مُنْحَرِفٍ عَنْ الْقِبْلَةِ فَقَدْ قَطَعَ صَلَاتُهُ، وَعَلَيْهِ اسْتِئْنَافُهَا، وَإِنْ جَذَبَتْهُ فَانْصَرَفَ، وَجْهُهُ عَنْ الْقِبْلَةِ فَأَقْبَلَ مَكَانَهُ عَلَى الْقِبْلَةِ لَمْ تُقْطَعْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ طَالَ انْحِرَافُهُ عَنْ الْقِبْلَةِ، وَلَا يُمْكِنُهُ الرُّجُوعُ إلَيْهَا انْتَقَضَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَدَعَهَا إلَى الْقِبْلَةِ، وَإِنْ لَمْ يُطِلْ، وَأَمْكَنَهُ أَنْ يَنْحَرِفَ إلَى الْقِبْلَةِ فَلَمْ يَنْحَرِفْ إلَيْهَا فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْنِفَ صَلَاتَهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ ذَهَبَتْ دَابَّتُهُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَتْبَعَهَا، وَإِذَا تَبِعَهَا عَلَى الْقِبْلَةِ شَيْئًا يَسْرًا لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ تَبِعَهَا كَثِيرًا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ تَبِعَهَا مُنْحَرِفًا عَنْ الْقِبْلَةِ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا، فَسَدَتْ صَلَاتُهُ.
الْوَجْهُ الثَّانِي مِنْ صَلَاةِ الْخَوْفِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ - فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا} (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَكَانَ بَيِّنًا فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا أَنَّ الْحَالَ الَّتِي أَذِنَ لَهُمْ فِيهَا أَنْ يُصَلُّوا رِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا غَيْرُ الْحَالِ الَّتِي أَمَرَ فِيهَا نَبِيَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي بِطَائِفَةٍ ثُمَّ بِطَائِفَةٍ فَكَانَ بَيِّنًا لِأَنَّهُ لَا يُؤْذَنُ لَهُمْ بِأَنْ يُصَلُّوا رِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا إلَّا فِي خَوْفٍ أَشَدَّ مِنْ الْخَوْفِ الَّذِي أَمَرَهُمْ فِيهِ بِأَنْ يُصَلِّيَ بِطَائِفَةٍ ثُمَّ بِطَائِفَةٍ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ ذَكَرَ صَلَاةَ الْخَوْفِ فَسَاقَهَا ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ كَانَ خَوْفًا أَشَدَّ مِنْ ذَلِكَ صَلُّوا رِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةَ، وَغَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا، قَالَ مَالِكٌ: لَا أَرَاهُ يَذْكُرُ ذَلِكَ إلَّا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ بْنُ إسْمَاعِيلَ أَوْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَالْخَوْفُ الَّذِي يَجُوزُ فِيهِ أَنْ يُصَلُّوا رِجَالًا وَرُكْبَانًا، وَاَللَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute