للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَهْلِ الْحَدِيثِ عَنْهُمَا، وَلَوْ ثَبَتَ عَنْهُمَا لَزِمَ مَنْ يُثْبِتُهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْأُجَرَاءَ مَنْ كَانُوا فَيُضَمِّنُ أَجِيرَ الرَّجُلِ وَحْدَهُ وَالْأَجِيرَ الْمُشْتَرَكَ وَالْأَجِيرَ عَلَى الْحِفْظِ وَالرَّعْيِ وَحَمْلِ الْمَتَاعِ وَالْأَجِيرَ عَلَى الشَّيْءِ يَصْنَعُهُ؛ لِأَنَّ عُمَرَ إنْ كَانَ ضَمَّنَ الصُّنَّاعَ فَلَيْسَ فِي تَضْمِينِهِ لَهُمْ مَعْنًى إلَّا أَنْ يَكُونَ ضَمَّنَهُمْ بِأَنَّهُمْ أَخَذُوا أَجْرًا عَلَى مَا ضَمِنُوا فَكُلُّ مَنْ كَانَ أَخَذَ أَجْرًا فَهُوَ فِي مَعْنَاهُمْ، وَإِنْ كَانَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ضَمَّنَ الْقَصَّارَ وَالصَّائِغَ فَكَذَلِكَ كُلُّ صَانِعٍ وَكُلُّ مَنْ أَخَذَ أُجْرَةً، وَقَدْ يُقَالُ لِلرَّاعِي صِنَاعَتُهُ الرَّعِيَّةُ وَلِلْحَمَّالِ صِنَاعَتُهُ الْحَمْلُ لِلنَّاسِ، وَلَكِنَّهُ ثَابِتٌ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ مَا قُلْت أَوَّلًا مِنْ التَّضْمِينِ، أَوْ تَرْكِ التَّضْمِينِ، وَمَنْ ضَمَّنَ الْأَجِيرَ بِكُلِّ حَالٍ فَكَانَ مَعَ الْأَجِيرِ مَا قُلْت مِثْلَ أَنْ يَسْتَحْمِلَهُ الشَّيْءَ عَلَى ظَهْرِهِ أَوْ يَسْتَعْمِلَهُ الشَّيْءَ فِي بَيْتِهِ، أَوْ غَيْرِ بَيْتِهِ، وَهُوَ حَاضِرٌ لِمَالِهِ، أَوْ وَكِيلٌ لَهُ بِحِفْظِهِ فَتَلِفَ مَالُهُ بِأَيِّ وَجْهٍ مَا تَلِفَ بِهِ إذَا لَمْ يَجْنِ عَلَيْهِ جَانٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الصَّانِعِ، وَلَا عَلَى الْأَجِيرِ.

وَكَذَلِكَ إنْ جَنَى عَلَيْهِ غَيْرُهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَالضَّمَانُ عَلَى الْجَانِي، وَلَوْ غَابَ عَنْهُ، أَوْ تَرَكَهُ يَغِيبُ عَلَيْهِ كَانَ ضَامِنًا لَهُ مِنْ أَيِّ وَجْهٍ مَا تَلِفَ، وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا مَعَهُ فَعَمِلَ فِيهِ عَمَلًا فَتَلِفَ بِذَلِكَ الْعَمَلِ وَقَالَ الْأَجِيرُ هَكَذَا يَعْمَلُ هَذَا فَلَمْ أَتَعَدَّ بِالْعَمَلِ وَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ لَيْسَ هَكَذَا يَعْمَلُ، وَقَدْ تَعَدَّيْت وَبَيْنَهُمَا بَيِّنَةٌ، أَوْ لَا بَيِّنَةَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ سُئِلَ عَدْلَانِ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الصِّنَاعَةِ، فَإِنْ قَالَا هَكَذَا يَعْمَلُ هَذَا فَلَا يَضْمَنُ، وَإِنْ قَالَا هَذَا تَعَدَّى فِي عَمَلِ هَذَا ضَمِنَ كَانَ التَّعَدِّي مَا كَانَ قَلَّ أَوْ كَثُرَ، وَإِذَا لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الصَّانِعِ مَعَ يَمِينِهِ ثُمَّ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِذَا سَمِعْتَنِي أَقُولُ: الْقَوْلُ قَوْلُ أَحَدٍ فَلَسْت أَقُولُهُ إلَّا عَلَى مَعْنَى مَا يُعْرَفُ إذَا ادَّعَى الَّذِي جَعَلَ الْقَوْلَ قَوْلَهُ مَا يُمْكِنُ بِحَالٍ مِنْ الْحَالَاتِ جَعَلْت الْقَوْلَ قَوْلَهُ، وَإِذَا ادَّعَى مَا لَا يُمْكِنُ بِحَالٍ مِنْ الْحَالَاتِ لَمْ أَجْعَلْ الْقَوْلَ قَوْلَهُ. وَمَنْ ضَمَّنَ الصَّانِعَ فِيمَا يَغِيبُ عَلَيْهِ فَجَنَى جَانٍ عَلَى مَا فِي يَدَيْهِ فَأَتْلَفَهُ فَرَبُّ الْمَالِ بِالْخِيَارِ فِي تَضْمِينِ الصَّانِعِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُ إلَيْهِ عَلَى السَّلَامَةِ فَإِنْ ضَمَّنَهُ رَجَعَ بِهِ الصَّانِعُ عَلَى الْجَانِي، أَوْ يَضْمَنُ الْجَانِي فَإِنْ ضَمَّنَهُ لَمْ يَرْجِعْ بِهِ الْجَانِي عَلَى الصَّانِعِ، وَإِذَا ضَمَّنَهُ الصَّانِعَ فَأَفْلَسَ بِهِ الصَّانِعُ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْجَانِي وَكَانَ الْجَانِي فِي هَذَا الْمَوْضِعِ كَالْحَمِيلِ، وَكَذَلِكَ لَوْ ضَمَّنَهُ الْجَانِيَ فَأَفْلَسَ بِهِ الْجَانِي رَجَعَ بِهِ عَلَى الصَّانِعِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَبْرَأَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِنْدَ تَضْمِينِ الْآخَرِ فَلَا يَرْجِعُ بِهِ وَلِلصَّانِعِ فِي كُلِّ حَالٍ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْجَانِي إذَا أَخَذَ مِنْ الصَّانِعِ وَلَيْسَ لِلْجَانِي أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَى الصَّانِعِ إذَا أَخَذَ مِنْهُ بِحَالٍ.

قَالَ: وَإِذَا تَكَارَى الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ عَلَى الْوَزْنِ الْمَعْلُومِ وَالْكَيْلِ الْمَعْلُومِ وَالْبَلَدِ الْمَعْلُومِ فَزَادَ الْوَزْنُ، أَوْ الْكَيْلُ، أَوْ نَقَصَا وَتَصَادَقَا عَلَى أَنَّ رَبَّ الْمَالِ وَلِيَ الْوَزْنَ وَالْكَيْلَ.

قُلْنَا: فِي الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ لِأَهْلِ الْعِلْمِ بِالصِّنَاعَةِ هَلْ يَزِيدُ مَا بَيْنَ الْوَزْنَيْنِ وَيَنْقُصُ مَا بَيْنَهُمَا. وَبَيْنَ الْكَيْلَيْنِ هَكَذَا فِيمَا لَمْ تَدْخُلْهُ آفَةٌ؟ فَإِنْ قَالُوا نَعَمْ قَدْ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ. قُلْنَا فِي النُّقْصَانِ لِرَبِّ الْمَالِ قَدْ يُمْكِنُ عَمَّا زَعَمَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِلَا جِنَايَةٍ، وَلَا آفَةٍ، فَلَمَّا كَانَ النَّقْصُ يَكُونُ وَلَا يَكُونُ، قُلْنَا: إنْ شِئْت أَحَلَفْنَا لَك الْحَمَّالَ مَا خَانَك، وَلَا تَعَدَّى بِشَيْءٍ أَفْسَدَ مَتَاعَك ثُمَّ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَقُلْنَا لِلْحَمَّالِ فِي الزِّيَادَةِ كَمَا قُلْنَا لِرَبِّ الْمَالِ فِي النُّقْصَانِ إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ قَدْ تَكُونُ لَا مِنْ حَادِثٍ، وَلَا زِيَادَةٍ وَيَكُونُ النُّقْصَانُ وَكَانَتْ هَا هُنَا زِيَادَةٌ فَإِنْ لَمْ تَدَعْهَا فَهِيَ لِرَبِّ الْمَالِ، وَلَا كِرَاءَ لَك فِيهَا، وَإِنْ ادَّعَيْتهَا أَوْفَيْنَا رَبَّ الْمَالِ مَالَهُ تَامًّا، وَلَمْ نُسَلِّمْ لَك الْفَضْلَ إلَّا بِأَنْ تَحْلِفَ مَا هُوَ مِنْ مَالِ رَبِّ الْمَالِ وَتَأْخُذُهُ، وَإِنْ كَانَ زِيَادَةً لَا يَزِيدُ مِثْلُهَا أَوْفَيْنَا رَبَّ الْمَالِ مَالَهُ وَقُلْنَا الزِّيَادَةُ لَا يَدَّعِيهَا رَبُّ الْمَالِ فَإِنْ كَانَتْ لَك فَخُذْهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَك جَعَلْنَاهَا كَمَالٍ فِي يَدَيْك لَا مُدَّعِيَ لَهُ وَقُلْنَا الْوَرَعُ أَنْ لَا تَأْكُلَ مَا لَيْسَ لَك فَإِنْ ادَّعَاهَا رَبُّ الْمَالِ وَصَدَّقَتْهُ كَانَتْ الزِّيَادَةُ لَهُ وَعَلَيْهِ كِرَاءُ مِثْلِهَا، وَإِنْ كُنْت أَنْتَ الْكَيَّالَ لِلطَّعَامِ بِأَمْرِ رَبِّ الطَّعَامِ، وَلَا أَمِينَ مَعَك قُلْنَا لِرَبِّ الطَّعَامِ هُوَ يُقِرُّ بِأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لَك. فَإِنْ ادَّعَيْتهَا فَهِيَ لَك وَعَلَيْك فِي الْمَكِيلَةِ الَّتِي اكْتَرَيْت عَلَيْهَا مَا سَمَّيْت مِنْ الْكِرَاءِ وَعَلَيْك الْيَمِينُ مَا

<<  <  ج: ص:  >  >>