وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ بِهَا قَرْنٌ يَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى الْجِمَاعِ لَمْ أَجْعَلْ لَهُ خِيَارًا وَلَكِنْ لَوْ كَانَ الْقَرْنُ مَانِعًا لِلْجِمَاعِ كَانَ كَالرَّتْقِ أَوْ تَكُونُ جَذْمَاءَ أَوْ بَرْصَاءَ أَوْ مَجْنُونَةً وَلَا خِيَارَ فِي الْجُذَامِ حَتَّى يَكُونَ بَيِّنًا فَأَمَّا الزَّعَرُ فِي الْحَاجِبِ، أَوْ عَلَامَاتٌ تُرَى أَنَّهَا تَكُونُ جَذْمَاءَ وَلَا تَكُونُ فَلَا خِيَارَ فِيهِ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَكُونُ وَلَهُ الْخِيَارُ فِي الْبَرَصِ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ وَسَوَاءٌ قَلِيلُ الْبَرَصِ وَكَثِيرُهُ فَإِنْ كَانَ بَيَاضًا فَقَالَتْ لَيْسَ هَذَا بَرَصًا وَقَالَ هُوَ بَرَصٌ أُرِيهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِهِ فَإِنْ قَالُوا هُوَ بَرَصٌ فَلَهُ الْخِيَارُ وَإِنْ قَالُوا هُوَ مِرَارٌ لَا بَرَصَ فَلَا خِيَارَ لَهُ فَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَالْجُنُونُ ضَرْبَانِ خَنْقٌ وَلَهُ الْخِيَارُ بِقَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ وَضَرْبٌ غَلَبَةٌ عَلَى عَقْلِهِ مِنْ غَيْرِ حَادِثِ مَرَضٍ فَلَهُ الْخِيَارُ فِي الْحَالَيْنِ مَعًا وَهَذَا أَكْثَرُ مِنْ الَّذِي يُخْنَقُ وَيُفِيقُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَأَمَّا الْغَلَبَةُ عَلَى الْعَقْلِ بِالْمَرَضِ فَلَا خِيَارَ لَهَا فِيهِ مَا كَانَ مَرِيضًا فَإِذَا أَفَاقَ مِنْ الْمَرَضِ وَثَبَتَتْ الْغَلَبَةُ عَلَى الْعَقْلِ فَلَهَا الْخِيَارُ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ مَا الْحُجَّةُ فِي أَنْ جَعَلْت لِلزَّوْجِ الْخِيَارَ فِي أَرْبَعٍ دُونَ سَائِرِ الْعُيُوبِ؟ فَالْحُجَّةُ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ فِي الرَّتْقَاءِ مَا قُلْت، وَإِنَّهُ إذَا يُوَصِّلُ إلَى الْجِمَاعِ بِحَالٍ فَالْمَرْأَةُ فِي غَيْرِ مَعَانِي النِّسَاءِ فَإِنْ قَالَ فَقَدْ قَالَ أَبُو الشَّعْثَاءِ لَا تُرَدُّ مِنْ قَرْنٍ فَقَدْ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ قَالَ أَرْبَعٌ لَا يَجُزْنَ فِي بَيْعٍ وَلَا نِكَاحٍ إلَّا أَنْ يُسَمَّى فَإِنْ سُمِّيَ جَازَ الْجُنُونُ وَالْجُذَامُ وَالْبَرَصُ وَالْقَرْنُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَنَقُولُ بِهَذَا؟ قِيلَ إنْ كَانَ الْقَرْنُ مَانِعًا لِلْجِمَاعِ بِكُلِّ حَالٍ كَمَا وَصَفْت كَانَ كَالرَّتْقِ وَبِهِ أَقُولُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَانِعٍ لِلْجِمَاعِ فَإِنَّمَا هُوَ عَيْبٌ يُنْقِصُهَا فَلَا أَجْعَلُ لَهُ خِيَارًا، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَيُّمَا رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَبِهَا جُنُونٌ أَوْ جُذَامٌ أَوْ بَرَصٌ فَمَسَّهَا فَلَهَا صَدَاقُهَا وَذَلِكَ لِزَوْجِهَا غُرْمٌ عَلَى وَلِيِّهَا.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِذَا عَلِمَ قَبْلَ الْمَسِيسِ فَلَهُ الْخِيَارُ فَإِنْ اخْتَارَ فِرَاقَهَا فَلَا مَهْرَ لَهَا وَلَا نِصْفَ وَلَا مُتْعَةَ وَإِنْ اخْتَارَ حَبْسَهَا بَعْدَ عِلْمِهِ أَوْ نَكَحَهَا وَهُوَ يَعْلَمُهُ فَلَا خِيَارَ لَهُ وَإِنْ اخْتَارَ الْحَبْسَ بَعْدَ الْمَسِيسِ فَصَدَّقَتْهُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ خَيَّرَتْهُ فَإِنْ اخْتَارَ فِرَاقَهَا فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا بِالْمَسِيسِ وَلَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ فِي عِدَّتِهَا وَلَا سُكْنَى إلَّا أَنْ يَشَاءَ وَلَا يَرْجِعُ بِالْمَهْرِ عَلَيْهَا وَلَا عَلَى وَلِيِّهَا فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَقَدْ قِيلَ يَرْجِعُ بِالْمَهْرِ عَلَى وَلِيِّهَا.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): إنَّمَا تَرَكْت أَنْ أَرُدَّهُ بِالْمَهْرِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ وَإِنْ أَصَابَهَا فَلَهَا الصَّدَاقُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا» فَإِذَا جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّدَاقَ لِلْمَرْأَةِ بِالْمَسِيسِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ بِكُلِّ حَالٍ وَلَمْ يَرُدَّهُ بِهِ عَلَيْهَا وَهِيَ الَّتِي غَرَّتْهُ لَا غَيْرُهَا لِأَنَّ غَيْرَهَا لَوْ زَوَّجَهُ إيَّاهَا لَمْ يَتِمَّ النِّكَاحُ إلَّا بِهَا إلَّا فِي الْبِكْرِ لِلْأَبِ فَإِذَا كَانَ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ الَّذِي عُقِدَ لَهَا لَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَيْهَا وَقَدْ جَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهَا كَانَ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ الَّذِي لِلزَّوْجِ فِيهِ الْخِيَارُ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ لِلْمَرْأَةِ فَإِذَا كَانَ لِلْمَرْأَةِ لَمْ يَجُزْ أَنْ تَكُونَ هِيَ الْآخِذَةُ لَهُ وَيُغَرِّمُهُ وَلِيُّهَا لِأَنَّ أَكْثَرَ أَمْرِهِ أَنْ يَكُونَ غَرَّ بِهَا وَهِيَ غَرَّتْ بِنَفْسِهَا فَهِيَ كَانَتْ أَحَقُّ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَيْهَا وَلَوْ رَجَعَ بِهِ عَلَيْهَا لَمْ تُعْطِهِ أَوَّلًا.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَقَضَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي الَّتِي نَكَحَتْ فِي عِدَّتِهَا إنْ أُصِيبَتْ فَلَهَا الْمَهْرُ فَإِذَا جُعِلَ لَهَا الْمَهْرُ فَهُوَ لَوْ رَدَّهُ بِهِ عَلَيْهَا لَمْ يَقْضِ لَهَا بِهِ وَلَمْ يَرُدَّهُ عَلَى وَلِيِّهَا بِمَهْرِهِ إنَّمَا فَسَدَ النِّكَاحُ مِنْ قِبَلِ الْعَقْدِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بِغَيْرِ وَلِيٍّ أَفْسَدَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي عِدَّةٍ قَالَ وَمَا جَعَلْت لَهُ فِيهِ الْخِيَارَ إذَا عُقِدَتْ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَهُوَ بِهَا جَعَلْت لَهُ الْخِيَارَ إذَا حَدَثَ بِهَا عُقْدَةُ النِّكَاحِ لِأَنَّ ذَلِكَ الْمَعْنَى قَائِمٌ فِيهَا وَإِنِّي لَمْ أَجْعَلْ لَهُ الْخِيَارَ بِأَنَّ النِّكَاحَ فَاسِدٌ وَلَكِنِّي جَعَلْت لَهُ بِحَقِّهِ فِيهِ وَحَقِّ الْوَلَدِ. قَالَ وَمَا جَعَلْت لَهُ فِيهِ الْخِيَارَ إذَا كَانَ بِهَا جَعَلْت لَهَا فِيهِ الْخِيَارَ إذَا كَانَ بِهِ أَوْ حَدَثَ بِهِ فَإِنْ اخْتَارَتْ فِرَاقَهُ قَبْلَ الْمَسِيسِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَمَسَّهَا وَلَمْ يَكُنْ مِنْ الْمَهْرِ شَيْءٌ وَلَا مُتْعَةٌ وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ حَتَّى أَصَابَهَا فَاخْتَارَتْ فِرَاقَهُ فَلَهَا الْمَهْرُ وَلَهَا فِرَاقُهُ وَاَلَّذِي يَكُونُ بِهِ مِثْلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute